عروبة الاخباري – في مسعي خطير لتهويد المسجد الأقصى المبارك، وخلق حيز يهودي جديد فيه، تمهيدًا لهدمه وبناء “الهيكل” المزعوم مكانه، أوصت “لجنة الأمن الداخلي” في الكنيست الإسرائيلي بتغييرات أمنية داخل المسجد الأقصى لصالح المستوطنين المقتحمين.
وخلال جلسة عُقدت الاثنين، بين ما تسمى “جماعات الهيكل” المزعوم، وعضو الكنيست ميراف بن آري ومدير منظمة “بيدينو” المتطرفة تومي نيساني، أعلنت اللجنة أنها ستوصي بمراقبة أعمال شرطة الاحتلال في الأقصى وتطويرها لصالح وجود المستوطنين فيه، وذلك عبر لجنة خاصة يشكلها الكنيست لهذا الغرض.
وأوصت اللجنة بإنهاء إبعاد المقتحمين اليهود عن الأقصى، وتخفيف إجراءات التفتيش الأمني على المستوطنين، وطالبت بزيادة فترات الاقتحامات لتخفيف الضغط على المجموعات المقتحمة.
وستقوم اللجنة المُستحدثة من أعضاء الكنيست و”جماعات المعبد” بمناقشة وتطوير الوضع الأمني كل 6 أشهر.
بدورها، قالت زوجة عضو الكنيست ايتمار بن غفير خلال الجلسة: إنه “من الواجب زيادة فترة الاقتحامات، فهذا حل أمثل لتهدئة المنطقة”.
فيما قال نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس آرييه كينج: “يجب اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد المركبات العربية التي تسد الطرقات، وتعيق حركة الباصات التي توصل المستوطنين إلى جبل المعبد”، على حد وصفه.
أما عضو الكنيست يوم توف كالفون، فقال: “نحن مقيدون في الحركة داخل جبل المعبد، أما العرب فيرفعون الأعلام ويلعبون الكرة، وفي تسع بوابات إسلامية تمر دون أي تفتيش، وفي بوابة واحدة يخضع المستوطنين لتفتيش صارم”؛ في إشارة إلى تجديد المطالبة ببوابات كشف المعادن للمصلين على أبواب المسجد الأقصى.
وتأتي هذه التغييرات الكبيرة في إطار تنفيذ توصيات مؤتمر “جماعات المعبد” المتطرفة الذي انعقد في 4 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي لمضاعفة أعداد المقتحمين اليهود للأقصى بعشرة أضعاف، وتعزيز الحضور الاستيطاني فيه بكل الوسائل الممكنة، والذي يتبنى الكنيست وحكومته كل مخرجاته بقوة حتى الآن.
وقائع جديدة
وفي حديثه لوكالة “صفا” يقول المختص في شؤون القدس خالد زبارقة: “واضح أننا أمام حكومة يمينية أكثر تطرفًا وجرأة على انتهاكات حرمة المقدسات والحقوق الفلسطينية، وتحديدًا المسجد الأقصى، وما ساعدها على ذلك الكثير من الظروف والأسباب الداخلية والإقليمية”.
ويوضح أن الاحتلال يريد تغيير الواقع القائم في المسجد الأقصى لصالحه، كونه يعتبر أن هذه المرحلة ذهبية ومواتية لتحقيق مطامعه وأحلامه في فرض وقائع تهويدية جديدة على الأرض.
ويضيف أن سلطات الاحتلال تسعى لتهويد الأقصى والحيز العام بداخله، وخلق حيز يهودي ديني جديد في المسجد المبارك، تمهيدًا لخلق أجواء تسمح له بهدمه وبناء “الهيكل” المزعوم مكانه.
وسابقًا، عرضت “جماعات الهيكل” مقترحات لفتح المسجد الأقصى لليهود خلال شهر رمضان المبارك دون إغلاقه في أي يوم، ما يمهد لاحتفال المتطرفين بـ”عيد الفصح العبري” داخل المسجد في الأسبوع الثالث من رمضان.
وعلاوة على ذلك، طلبت الجماعة إزالة اللافتة التي وضعتها الحاخامية الرسمية، والتي تثبّت موقفها التقليدي الذي يحظر دخول اليهود للأقصى “لحين تحقيق الشروط اللازمة”، بالإضافة إلى تعديل “قانون الأماكن المقدسة” الإسرائيلي ليشمل الأقصى، باعتباره “معلمًا دينيًا يهوديًا”، إلى جانب حائط البراق.
خطر شديد
وبحسب زبارقة، فإن ما أوصت به “لجنة الأمن” في الكنيست من تغييرات أمنية داخل الأقصى، تُجسد المعنى الحقيقي لشعار أن “الأقصى في خطر شديد وتصاعدي”، وأن هناك تصعيدًا إسرائيليًا في تحويل هذا الخطر إلى فعل على أرض الواقع، وتضييق الوجود الإسلامي داخل المسجد.
ويتابع “يظن الاحتلال أنه في وضع ذهبي مثالي للقيام بكل مخططاته في الأقصى، خاصة في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة، وحالة الصمت الرسمي للسلطة الفلسطينية والتماهي مع سياسات الاحتلال، بالإضافة إلى الصمت الرسمي للأنظمة العربية”.
ويلفت إلى أن الجماعات اليهودية المتطرفة تستعمل كرأس حربة داخل “إسرائيل”، من أجل تغيير الواقع في الأقصى، وأصبح لها تأثيرًا سياسيًا قويًا داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي يميل نحو التطرف والكراهية والإرهاب المنظم ضد الفلسطينيين والعرب.
ووفقًا لزبارقة، فإن الإجراءات المتطرفة ضد الأقصى تتطلب من الجميع في القدس والداخل المحتل، وأبناء الشعب الفلسطيني تكثيف التواجد والرباط اليومي والدائم في المسجد الأقصى، للتصدي لمخططات الاحتلال ومستوطنيه.
ويشير إلى أن الاحتلال يحاول في السنوات الأخيرة، سحب الوصاية الهاشمية على المقدسات من المملكة الأردنية، وأن يفرغها من مضمونها وجوهرها، لذلك على الأردن التدخل العاجل لوقف ما يجري بحق المسجد الأقصى.
ويقول: إن “سياسات الاحتلال لتغيير هوية الأقصى ومحاولة تحويله من مكان إسلامي مقدس إلى يهودي مقدس تتصاعد يومًا بعد يوم، وصولًا لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم من منطلقات دينية تلمودية بحتة”.
ويضيف “لذلك واضح أننا أمام حرب دينية شرسة قد تُفرض على كل مركبات هويتنا ومقدساتنا، وخاصة الأقصى”.
ويطالب منظمة التعاون الإسلامي بالتحرك العاجل والجدي للجم الاحتلال ووقف تماهيه مع سياسات المستوطنين الذين يريدون فرضها على الأقصى، ومع سياسات المشروع الصهيوني العالمي.