عندما يكون لا مناص من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بغض النظر عن شروطه فإن ما توصلت اليه الحكومة مع الصندوق قبل ايام بخصوص المراجعة الثالثة يحسب للمواطن أولا وأخيرا وليس للحكومة التي أقنعت الصندوق بأن الأردن أوفى بالشروط من خلال اصلاحات هيكلية وقانون الضريبة ومكافحة التهرب الجمركي وغيره ، ضمن خطة ما كان لها أن تتقدم خطوة واحدة بدون تعاون المواطنين .
ولأن الشيء بالشيء يذكر ، فقد أصدر البنك الدولي دراسة مهمة بخصوص الوضع الاقتصادي في الأردن ، ومن ابرز ما تضمنته هذه الدراسة – وهي واحدة من ضمن سلسلة يصدرها البنك تباعا مع مؤسساته التمويلية – : أن لدى الاردن امكانية لتحسين أوضاعه الاقتصادية إن أحسن استغلال هذه الأمكانية بكل تفاصيلها .
من أجل ذلك ، ركزت الدراسة على القطاع الخاص في الأردن ، وكيف أن هذا القطاع هو حبل النجاة لمشاكل البطالة والفقر وغيرهما ، وأنه الطريقة غير المستغلة حتى الآن لرفع معدل النمو المتباطئ .
ولأن الدراسات الصادرة عن البنك لا تعرف المحاباة وتضع النقاط على الحروف بدون لف ولا دوران ، فقد حدد البنك مسارات ليست صعبة بإمكان الأردن سلوكها ليخرج من ” الورطة ” المالية والاقتصادية التي يعانيها :
يقول البنك : بإمكان الأردن أن يصبح محطة دائمة للسياحة العالمية ، وذلك لكونه يتمتع بإمكانيات طبيعية يحسد عليها من مثل الحرارة المعتدلة ، ومواقعه الأثرية التاريخية والدينية ، ولاحتوائه على إحدى عجائب الدنيا كما وإن لديه ميزة وقدرة على اعتماد التكنولوجيا بالشراكة مع شركات التكنو العملاقة ، اي أن استثمار الطبيعة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وتشجيع الابتكارات هي مفاتيح لا بد منها ، دون أن يهمل معيقات ذلك ، حيث سردها التقرير بكل موضوعية وابرزها : عدم تطبيق قواعد وقوانين المنافسة ، وارتفاع اسعار الكهرباء والشحن وما وصفه التقرير بعدم وضوح قوانين الاستثمار الجاذبة للمال الأجنبي ، وهذه كلها عقبات لا بد من إزاحتها قبل الحديث عن اي تحسن في النمو أو الأداء .
وكما يبدو ، فإن الحكومة أدركت ما يتحدث عنه التقرير فابتكرت وزارة تدعى وزارة الاستثمار ، قال وزير التخطيط بخصوصها إنها تمكن المستثمرين من اختصار الوقت لتعاملهم مع جهة واحدة ، ولكن لا ندري ما هي أحوال المتطلبات الأخرى ؟
إن على الحكومة التي اعلنت توصلها لاتفاق مع الصندوق أن لا تنسى هذه الدراسة وما ورد فيها ، والتي ملخصها : أن القطاع الخاص هو الحل ، وأنه بغير الاستثمار فلا اقتصاد ولا ما يحزنون .
حمى الله الأردن …
د.فطين البداد