من الطبيعي جداً أن نكون أمام حل لمجلس النواب، وانتخابات نيابية مبكرة، بعد إقرار قوانين المنظومة السياسية، من جانب النواب الحاليين، وهي المهمة التي ينتظرها الكل من النواب.
ومن غير الطبيعي أيضاً أن نبرق بالتطمينات للنواب الحاليين، ونقول لهم لا تخشوا إقرار قانون انتخابات جديد، فهو لن يكون على حسابكم، وسوف تبقون حتى اليوم الأخير من عمر مجلس النواب المفترض دستوريا، فهذه تطمينات تتلاعب بالكل وتقدم وعدا غير قابل للتنفيذ.
بالمقابل هناك في العتمة من يريد إثارة ذعر النواب من قانون الانتخابات الجديد، وأنه سيكون على حسابهم، وأنه بمجرد تعاونهم وإقرار هذه التعديلات، أو فرض تعديلات جديدة، سوف تنتهي مهمتهم، وسوف يغادرون، بما يفرض علهيم عرقلة هذه التوجهات، وهذا التوظيف السياسي، يريد تصنيع المزيد من الأزمات الصغيرة والكبيرة في هذه البلاد، لصالح حسابات شخصية تافهة.
هذا يعني أن هناك تلاعبا خفيا في الأجواء، فالبعض سيجدها فرصة لإطلاق النيران مجددا على الحكومة التي أحالت هذه القوانين، والبعض يعتقد أنها فرصة لحرق لجنة تحديث المنظومة السياسية، وبين كل هذه الأجندات، يجد الأردن نفسه عالقا في الوسط، دون أن يرحمه أحد.
هذا يعني أننا أمام وضع حساس، داخل البرلمان، خصوصا، مع مخاوف النواب، من حل البرلمان، والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة، على أساس قانون جديد، سوف يقره النواب الحاليون.
المفارقة هنا أن ذات النواب سوف يقاومون كثيرا من التعديلات، وكل واحد فيهم حريص على نفسه، ومصالح دائرته، وجماعته، وقد يشكلون لوبيات ضد هذه التعديلات بشكل أو آخر.
التسريبات الرسمية للنواب، تقول إن عليكم أن تناقشوا هذه التعديلات، وتخرجوا بقانون جيد، وفقا لتوصيات لجنة تحديث المنظومة السياسية، وما له علاقة بالأحزاب، وتعديل الدستور، وإن عليكم أن تطمئنوا، فلن تدفعوا ثمن هذا التعاون الإيجابي من جهتكم، عبر حل النواب لاحقا، والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، قد لا يعود عبرها كثرة من النواب الحاليين.
هذه التطمينات، غير منطقية أصلا، بل الأصل التحدث بشفافية كبيرة، فإذا كان البرلمان سوف يبقى، وسوف يقر قانونا جديدا للانتخابات، دون أن يغادر النواب، فما هي الجدوى في هذه الحالة من كل هذه التغييرات، إذا كنا سوف نؤجل الاستحقاق الجديد، حتى لا يغضب النواب، ولا تقلق دوائرهم الانتخابية، أم أننا نشتري الوقت فقط، ونجدول الأزمات والتحديثات فقط.
الأصل هنا أن يتصرف النواب بشكل راشد وعاقل، وأن يتم التعاون لإصدار القوانين التي تمت إحالتها إلى النواب، وعدم إضاعة الوقت، بل وضع لمسات إيجابية إضافية، وتطوير هذه القوانين بشكل أفضل، والخروج من عقدة الدوائر الصغيرة ومصالحها، وعدم الوقوف عند مصالح النائب الشخصية التي قد تتضرر إذا تم حل النواب بعد شهور، وتمت الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة، لأن هذه النتيجة طبيعية جدا، وهي المنتظرة والمطلوبة، إذا كنا نتحدث بصدق عن الإصلاحات السياسية، بوصفها الدواء المنتظر والذي لا يجوز تأخيره إلى إشعار آخر.
سوف نكتشف أن محاولات ستجري لإفراغ التعديلات من جوهرها، أو العودة بها الى الوراء، وليتنا نرى تقدما بها إلى الأمام، والتحسين عليها اكثر، لكننا بكل صراحة نعرف منذ اليوم، ان النواب سيتعاملون معها تحت ضغط أمرين، أولهما مصالح دوائرهم الانتخابية، وثانيهما المخاوف من حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة، على اساس القانون حين يصدر بصورته النهائية.
المؤسسة الرسمية مطالبة أيضا بالوضوح، والتوقف عن سياسة التطمينات بعدم حل النواب لاحقا، وعدم وجود انتخابات مبكرة، بعد إقرار القوانين، إذ كيف يمكن تسويق هذا المنطق وإقناعنا أنه يمكن الاستمرار بذات النواب، فيما قانون الانتخابات الجديد المقر، مجمد على الرف، بانتظار أن ينهي البرلمان الحالي، مدته الدستورية المعروفة على أساس أربع سنوات.
لن تكتمل الإصلاحات، إلا بقانون انتخابات مناسب، يليه حل النواب وإجراء انتخابات مبكرة، وألا نكون وسط مسرحية لا فصل نهائيا فيها أيها السادة والسادات في عمان.