الفوسفات.. مرحلة التعافي تطلبت الرقابة!!

عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب    
لم يكن سهلاً ان تعود شركة الفوسفات لتقف على قدميها وتجمع ارادتها لتنطلق من جديد لولا ادارة جديدة حققت ذلك والتزمت به وحرصت عليه بعد طول مراوحة وتردد، ووقفت بصلابة لمنع الخطأ وعملت على تصويبه..
لم يكن سهلاً إعادة الاعتبار الى صورة الشركة و موقعها في الاقتصاد الوطني و اقناع الاردنيين انهم انما يستعيدون كنزاً كاد ان يكون مفقودا، ولكن ذلك تم.. وحققت الشركة بعض الاهداف المتوخاة وبدأت تربح وتطفي ديونها وتخرج الى التعامل بأريحية مع زبائن الفوسفات ومعظمهم من الدول والاسواق التقليدية..
قد يكون ما اكتبه قد كتبته منذ اعلان الفوسفات عن نتائجها المالية قبل فترة، اذ لا جديد سوى مواصلة البحث عن اسواق وتحسين الانتاج والاسعار وخفض كلف الانتاج، وهذه النقطة الاخيرة سرّ الاقتصاد وسرّ العيش ايضا.. فالاقتصاد في النفقة نصف العيش.. كما انه من عوامل الربح الاساسية، وقد فعلت ادارة الفوسفات ذلك و بما يتطابق مع قوانينها ولوائحها، فقد انشغلت فترة طويلة في البعد الموضوعي للانتاج والتصدير والاسواق، الى ان فطنت الى مواقع نزف وتبديد وان هناك ثمة ثقوب لا بد من اغلاقها وثمة تسريب لا بد من وقفه..
الجديد اذن في المشهد قد لا يكون جديداً عن ادارة الفوسفات هو في ضغط الانفاق الذي بدأ يمكن الشركة من الايفاء بالتزاماتها.
ولما كان هذا الضغط سيشمل اعادة تشخيص مختلف جوانب الانفاق وكلفه بما في ذلك التأمين الصحي باعتباره أحد العوامل الذاتية الداخلية، فقد وجدت الادارة شيئا عجبا نبهت اليه وعملت فيه قوانين الشركة ولوائحها حتى لا تتجاوز على حقوق العاملين او المتقاعدين..
جاء التشخيص يتطلب العلاج فورا ولا يحتمل التأجيل، فقد اطلعنا على معطيات و حقائق صادمة بالنسبة لنا كمراقبين حين كشف لنا ان 40% من الانفاق على التأمين الصحي يذهب الى مجموعة محددة بلغ انفاقها مئات الالاف وخاصة في مجال الادوية، وانه لم يكن سبيل الى ردعها حيث نبهت اكثر من مرة وترك لها ان تقدم اقتراحات محددة لتدرس او يؤخذ بها، ولكن يبدو ان نفر محدود حاول ان يحرك الجميع، فالمتقاعدون الذين يشملهم القرار لا يزيد عن 250 شخصا، والوضع العام لكل المتقاعدين لم يتغير، وكل ما طلبته الشركة هو الرقابة على الصرف وليس وقف اي بند من بنود التامين الشامل لكل انواع العلاج..
لا يدرك البعض انه اذ توقف المسائلة وقع الخطأ و ان “النفس امارة بالسوء” وان نظام الرقابة وهو غير قسري في الفوسفات من الضروري انفاذه حتى “لا يأكل الفاجر مال التاجر” وحتى لا تنفرد فئة قد تكون معدودة على الاصابع وتودي بحقوق الاغلبية دون ان يدرك المنخرطون في التأمين الصحي ان حقوقهم الاساسية في التأمين لن تمس، وانهم اي المعتصمين انما خرجوا ليدافعوا عن مصالح فئات محددة، وعن صيغة غير مقبولة، وانهم انما جرى استخدامهم للتغطية على خلل وفساد لا يجوز ان يستمر ، وانه منوط بالادارة اصلاحه ليبقى المركب سائرا بالجميع..
عالجت الادارة حتى الآن الأمر بحكمة، و اجرت اتصالات واستقبلت من يملكون رؤية وخطاب حكمة، ومن يمكن تبصيرهم بالمصلحة العامة وتغليبها على المصالح الشخصية او الضيقة..
لقد تفهمت الاطراف ما يجري وبدأ الامر متفق عليه، فقد ادركت الغالبية ان المصلحة هي في عدم اللجوء الى اسلوب الاعتصام او الاضراب طالما ان الحوار سالك، وان الحقائق موضوعة فوق الطاولة، وان كل الاطراف مطلوب منها ان تكون جزء من الحل وليس المشكلة..
شركة الفوسفات تتعافى الآن وهي بحاجة الى فرصة وإلى هدوء، وان تكثف العمل طالما اتيح لها ان تتقدم وان تطفئ ديون وان تسجل ارباحا وان تحافظ على تأمينات العاملين ومكافآتهم ورواتبهم السارية وحتى المتقاعدين..
لقد تحدثت مع اطراف عدة، مع ادارة الفوسفات بعد ان تحدثت مع بعض المعتصمين حين كانوا يغلقون الشارع المؤدي الى مكتبي في جبل الحسين، لم كما تحدثت مع نقابيين من الشركة لديهم احساس بالمسؤولية وكلهم اجمعوا على ضرورة مراعاة مصالح الشركة وتمكينها، وان لا يأس من الرقابة الموضوعية التي تحفظ حقوق الجميع المكتسبة، لكنها تحول بينهم وبين من يريد استغلال صندوق التأمين وان يخرج به عن إطار الرقابة لجهة التفريط الشديد..
في الحقيقة حيثما استمعت من كل الاطراف ادركت ان ما تقوله ادارة الفوسفات يجب التوقف لسماعه، ولا بد من اسناد موقف الشركة من كل الاطراف الوطنية والهيئات العامة الحريصة على الاستقرار والامن والانجاز..
الحكماء متوفرون وهم قادرون، وعليهم المبادرة بسرعة لاستئصال كل اسباب التوتر ومنع اولئك الذين يريدون الاستفادة على حساب مصالح الشركة وحتى العاملين والمتقاعدين..
اكتب وقد انتهت المشكلة التي نأمل ان لا تعود، وان تكون الدروس المستخلصة هي وقف اي فساد ممكن ان يظهر سواء كان كبيراً او صغيرا، فقد اصاب الشركة ما يكفيها و حان وقت إعادة بناء الثقة التي اصبحت تستحقها..

 

Related posts

منحة تكميلية لتمويل مشروع الناقل الوطني بقيمة 15 مليون يورو

قرارت اقتصادية استكمالا لحزمة التسهيلات الخاصة بالتحفيز الاقتصادي

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى