عروبة الإخباري – يعد إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في كانون الأول من عام 1948 رتب إلتزاما دوليا على جميع الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة إحترام احكامه ومبادئه تشريعيا وعمليا فحقوق الإنسان هي حقوق عالمية متساوية دونما تمييز .
سمو حقوق الإنسان :
كون حقوق الإنسان تعنى بالإنسان كونه إنسانا فهذا يعني :
▪سموها على ما عداها من إعتبارات
▪عالمية حقوق الإنسان تقتضي وجوب حمايتها ومعاقبة منتهيكها أفرادا أو دولا دون إزدواجية وإنتقائية .
▪عدم توظيف حقوق الإنسان لتحقيق أهداف سياسية خدمة لمصالح دولة كبرى أو حماية لمصالح حلفاءها بما تعنيه من تبرير أو إغماض العين عن إنتهاكاتها وجرائمها.
▪عدم تمكين أو المساعدة في تمكين مرتكبي الجرائم والإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تصنف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أو ترقى لذلك الإفلات من المساءلة أمام المحاكم الدولية عامة والمحكمة الجنائية الدولية خاصة .
امريكا عنوان للإزدواجية :
في الوقت الذي ترصد فيه الولايات المتحدة الأمريكية سنويا واقع حقوق الإنسان في العالم إلا أن تقريرها السنوي يعكس إزدواجيتها عندما تتعرض لانتهاكات وجرائم سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية بحق الشعب الفلسطيني الذي يرضخ تحت نير إستعمار إحلالي لم يعرف لحقوق الإنسان وإحتراما سبيلا ومن دلائل الإزدواجية :
أولا : خلو التقارير السنوية الصادرة عن الخارجية الأمريكية من تصنيف أو إعتماد الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري لفلسطين العنوان الاهم الأخطر والأبرز على قمة الإنتهاكات لحقوق الإنسان عالميا .
ثانيا : إغفال متعمد لتصنيف العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الإحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في أراض الدولة الفلسطينية المحتلة كجرائم حرب .
ثالثا : الصمت عن إصدار القوانين العنصرية التي تعد من أخطر الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الفلسطيني .
رابعا : ممارسة ضغوط على المحكمة الجنائية الدولية لوقف إجراءاتها بالتحقيق في جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي إرتكبتها ولم تزل ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني والموثقة في تقارير دولية .
حقوق الإنسان بين بايدن وإدارته :
في الوقت الذي يعلن به الرئيس الأمريكي بايدن عن :
● عقد إجتماع في شهر كانون الأول القادم لعشرات من القادة في العالم بهدف تجديد إلتزامنا بحقوق الإنسان والحريات .
● وعن دفاعنا عن حقوق الإنسان في الخارج يكون أكثر نجاعة بالتعاون مع حلفاءنا .
● علينا ألا نلزم الصمت عندما نرى خروقات حقوق الإنسان لأن الصمت هو مشاركة في الجريمة .
تصريحات الرئيس بايدن جاءت بعد يوم من تصريح نيد برايس المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية يوم الخميس الماضي عقب إنتخاب امريكا لعضوية مجلس حقوق الإنسان مفاده هو ” ان الولايات المتحدة الأمريكية لديها مخاوف بخصوص مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وسنعارض بشدة تركيز المجلس غير المتناسب على إسرائيل حيث يتضمن جدول الأعمال الدائم للمجلس بندا يستهدف دولة واحدة “.
هذا التصريح المنحاز لسلطات الإستعمار الإسرائيلي التي تمثل نموذجا من أسوأ النماذج في العالم التي تمعن بإرتكاب الإنتهاكات الصارخة والممنهجة لحقوق الإنسان الفلسطيني :
◇ يمثل اعظم إنتهاك صارخ بل جريمة ترتكبها الإدارة الأمريكية بعهد الرئيس الديمقراطي بايدن لمنظومة حقوق الإنسان .
◇ هذا الموقف بدلالاته يعني الإنقلاب على فلسفة واهداف وسمو مضمون الإعلان العالمي لحقوق الانسان وما ينبثق عنه من عهود ومواثيق وإتفاقيات دولية .
◇ الموقف الأمريكي إنما يعني المضي في سياسة ترامب العنصرية بدعم ومكافأة مجرمي الحرب ومجرمي ضد الإنسانية بدلا من أن يرسل رسالة دعم وتأكيد للعالم بأن امريكا البايدنية ستلتزم قولا وعملا بالعمل على إعلاء قيم الحريات وتصفية الإستعمار وحقوق الإنسان دون إنتقائية أو إزدواجية .
◇ كما ان هذا الموقف المنحاز لإسرائيل الإستعمارية بغض النظر عن سجلها الأسود في إحترام حقوق الإنسان إنما يشكل حافزا ومشجعا لها وللأنظمة الدكتاتورية وأشباه الديمقراطية للمضي قدما بإرتكاب الجرائم والانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان على إختلاف درجاتها دون أي إعتبار أو خوف من مساءلة أو عقاب .
◇ كما أنه يمثل مدعاة لتعميق فقدان الثقة الشعبية على الساحة العالمية بالسياسة الأمريكية التي أعلن الرئيس يايدن في الايام الاولى من تسلمه الرئاسة هدفه على إستعادتها كما ستؤدي الى إرتفاع منسوب الكراهية التي في حال إستمرارها ستتحول الى الشعور بالعداء فهل هذا ما تهدف إليه إدارة بايدن ؟
أما الموقف الأمريكي الذي أثار ولا يزال يثير تنديدا وإستهجانا من نشطاء حقوق الإنسان ويعكس صورة مظلمة لرؤية إدارة بايدن للعدالة الدولية فذلك الذي يعمل ويدعو لتمكين قادة سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي الإفلات من المساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية على جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي إرتكبتها بحق الشعب الفلسطيني ذلك الذي عبر عنه بوضوح في وقت سابق الناطقة بإسم الخارجية الأمريكية جالينا بورتر ” إن الولايات المتحدة الأمريكية تعارض بشدة تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الوضع الفلسطيني ” كما ” تعارض الأعمال الفلسطينية التي تسعى إلى إستهداف إسرائيل بشكل غير عادل ” .
بناءا على ما تقدم ينبع تساؤلات عديدة من أهمها :
■ هل هناك فعلا خلافا وتناقضا بين رؤية الرئيس بايدن وفريق إدارته فيما يتعلق بحقوق الإنسان وترسيخها ؟
■ هل الإنتصار لقيم العدالة وحقوق الإنسان تهديد للأمن ” أمن إسرائيل ” كما أشارت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية جالينا بورتر ؟
■ هل تمكين سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي الإفلات من كافة اشكال المساءلة في المؤسسات الدولية ومن المساءلة أمام المحاكم الدولية يخدم الأمن والإستقرار الدوليين أم أنه يساهم ويعزز من تهديد الإستقرار والأمن والسلم العالمي ؟
أما الرسالة البديهية الموجهة للرئيس بايدن تتمثل في اذا ما أردت تحقيق اهدافك بترسيخ قوة المثال وإعلاء قيم الحرية وحقوق الإنسان وترجمة ما أعلنته بالقول ” علينا ألا نلزم الصمت عندما نرى خروقات حقوق الإنسان لأن الصمت هو مشاركة في الجريمة ” فهذا يتطلب أن يتوافق القول بالواقع الذي يلمسه الإنسان واخص الشعب الفلسطيني فالإنسان الفلسطيني الذي عانى ويعاني من جرائم قوات سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وميليشياته الإستيطانية يتطلع إلى الإنتصار إلى تجسيد حقوقه بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس التي تمثل أساس لترسيخ حقوق الإنسان. .. كما يتطلب وقف التناقض بين الرؤية والأهداف المعلنة بتجديد الإلتزام بحقوق الإنسان والحريات. .. ؟
الشعب الفلسطيني ومعه أحرار العالم سئموا من الشعارات. .. فالثقة والمصداقية تتاتى بالعمل وترجمته واقعا. .. حماية الشعب الفلسطيني حتى نيل الحرية والإستقلال سيبقى البوصلة والتحدي. …؟!