عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
رجل الأعمال النشيط مهدي الصيفي “أبو شريف” كان يستمع باصغاء عميق الى الحديث المتنوع من “مذكرات طاهر المصري” في المركز الثقافي الملكي، فقد عاش الاحداث ولكنه جاء ليرى كيف تروى وتسرد..
فإبن نابلس الصيفي ما زال يحمل جرح الاحتلال الذي اصاب بلده واهله، وما زال يدعو لاصلاح الامة وخروجها من نومها الطويل ..
كان الرجل عصامياً من طراز رفيع، رغم ان العائلة قد تمكنت من تدريسه في احسن المستويات، فقد نال تعليم مميزاً ودرس في المانيا الهندسة، وجاء ليعمل بها فكانت محطة العمل في السعودية قد اكتسبته النجاح و الخبرة والمعرفة والزمالات التي كان من اشهرها معرفته الوثيقة بـ “رفيق الحريري” الذي كان صديقه ويحرص على مجالسته وحتى السفر معه..
كان صيفي متوقد الذكاء وصاحب رؤية وقادر ان يدافع عن مواقفه بشجاعة، وان يقول كلمة الحق حتى لو زعل منها الكثيرون، ولذا كان يتجنب الخوض في صغائر الامور او الوقوف عند الهوامش، وكان يرى ان لدى رجال الاعمال الناجحين مسؤوليات تتعدى عملهم المباشر او ان يكون لديهم ثروات، ولذا كان يؤمن بالعمل الاجتماعي والمسؤولية الاجتماعية، ولذا كنا نرى “ابو شريف” في الهيئات العديدة التطوعية والاجتماعية وخاصة التعليمية، يعمل في مجالس الادارات متطوعا أو في هيئات المديرين في اشهر المدارس والكليات التعليمية والاندية والمؤسسات الشبابية..
يعتز “ابو شريف” بأصدقائه ولا يقطع الصلة بهم، و يظل يسأل عنهم ويسهر على سيرتهم.
تشرب ثقافات عديدة من خلال دراسته وعمله، فقد درس وتزوج من المانيا وعمل في السعودية واحب لبنان ودول عربية اخرى، لديه روح انضباطية دقيقة كما لو كان عسكرياً محترفاً، وهو يحرص على الوقت و يحترم المواعيد والالتزامات، لديه الجرأة ان يبدي الملاحظات التي تزعل الكثيرين ولكنه دائما يقول الحق ولا يهرب من الحقيقة..
كل الملاحظات او المواقف التي كان يتبناها اثبت معظمها انه صائب، فقد كان يرى “مشروع الديسي” على نحو آخر، ولكنهم لم يستمعوا اليه، ولو استمعوا لوفروا عشرات الملايين، وليس الديسي فقط فهناك مشاريع عديدة اخرى ظل “مهدي الصيفي” يبدي رأيه فيها ويدافع عن هذا الرأي ، وقد اثبت انه كان على صواب لكن “لا حياة لمن تنادي”، فقد كان يفوت الاوان قبل ان تتنبه الماكنة الادارية البيروقراطية للدولة والتي كانت تضيع الكثير من المشاريع او تدمرها باجتهادات خاطئة..
لا يؤمن “مهدي الصيفي” بالعنف او الكراهية، وهو يميل الى المصالحة واحترام الناس ومصالحهم، ويرى ان الكراهية مدمرة، ويؤمن “مهدي الصيفي” بحرمة المال العام وضرورة الحفاظ عليه والابتعاد عن اي شبهة فيه، ويرى ان الدولة لم تحسن في غالب الاحيان اختيار موظفيها الذين غالبا ما يجلبون الاخطاء و ويسيئون الى الناس، ويمارسون الكيد..
” مهدي الصيفي” صاحب ذهن متوقد يكره الغيبة والاغتياب، ويحب ان تتكلم في الوجه وليس في الظهر، ويرى ان التعقيدات الادارية والبرقراطية في السنوات الاخيرة اغلقت وضيعت الكثير من الفرص على رجال الاعمال الاردنيين والمستثمرين..
الصيفي واحد من رجال الاعمال الاردنيين الذين ساهموا في البناء في الخارج، فقد كانت المحطة السعودية التي جمعت العديد منهم امثال صبيح المصري و محمود ملحس واعلام اخرين من لبنان مثل رفيق الحريري وغيره، قد كونت مدرسة ظلت على صلة بين العديد من افرادها، ومازال “ابو شريف” يتوق الى تلك المرحلة ويتذكرها بمزيد من الوفاء والمحبة..
ويرى الصيفي ان الاصلاح الاقتصادي والاداري ممكن، وانه لا بد منه.. وهو يثق بالقيادة الهاشمية ويواليها، وتربطه بها المحبة والولاء والاخلاص، ويرى ضرورة ان يكون القائد في الصورة وفي التفاصيل حتى لا تتسرب مصالح الناس بعيداً عن الرقابة ..
ظل أداء الصيفي طوال السنوات الخمسين التي ملأها بالعمل واضحاً وشفافاً، وظل يؤمن بالمسائلة ويرى انها الطريق الى الصواب، وظل يمقت الاتهامية والتطرف والشطط، وهو يدعو الى الحرص على الاجيال القادمة وضرورة توفير مناخات وفرص العمل لها باسلوب وطني واسع يبتعد عن التضييق والمصالح الانية التي اتسمت بها هذه المرحلة..
يتسم “ابو شريف” بالمحبة والبشاشة والتفاؤل رغم قسوة الظروف وصعوبة المرحلة ، ويقول ان الاردن الذي أعطانا الكثير لا يجوز ان نخذلة وانما ان تعطيه، وان القيادة الهاشمية التي قادت بشجاعة واخلاص حتى انجزنا المئوية الأولى وصعدنا إلى الثانية لا بد من محضها الولاء والوفاء والسير معها وخلفها بشجاعة وقوة كما يفعل الملك عبد الله الثاني..
فتحية لك يا “ابا شريف” والمحبة ويمكنك ان نقرأ مذكرات طاهر المصري الذي احببته وجئت لتستمع في حفل اشهاره، فما زال في الأمة خير كثير ..