عروبة الإخباري – نشر موقع “أويل برايس” مقالا للمعلق سيريل ويدرشوفين قال فيه إن السعودية تشعر بالقلق من انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط. ويأتي هذا وسط تدهور مستمر في العلاقات بين آل سعود والإدارة الأمريكية وبدا من خلال التغيرات المستمرة وغير المتوقعة من الرئيس جو بايدن تجاه المملكة وحكامها.
وقال إن الهزيمة في أفغانستان والصور التي نشرت بشكل واسع أحدثت قلقا كبيرا في عقول القادة العرب. وفي الوقت الذي أكدت فيه واشنطن أن التحرك في أفغانستان ليس مرتبطا بالضرورة بدورها العسكري والاقتصادي في عموم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلا أن الفوضى صدمت أنظمة السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وحتى قطر.
ويعتقد الكاتب أن التصرف الأحادي الجانب من واشنطن في أفغانستان أضر بشدة في التأثير الأساسي للولايات المتحدة في منطقة الخليج. ولو تحولت أفغانستان إلى حدث لن يتكرر فستكون هناك تداعيات محدودة على كل من السعودية والإمارات ومصر لكن بعض العارفين في واشنطن يرون أنها بداية أمر أكبر. وكل العيون مركزة الآن على موقف الولايات المتحدة في العراق ومشاركتها النشطة في سوريا وليبيا. والتقييمات العربية كلها سلبية وتتوقع خروجا أمريكيا شاملا في الأشهر المقبلة. وبرغم التصريحات المعسولة من بايدن إلا أن التطورات الحقيقية على الأرض مثيرة للقلق. وبالتأكيد سيكون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في وضع خطر خلال الأسابيع المقبلة.
ويرى الكاتب أن قرار الولايات المتحدة الضغط على علاقاتها الاستراتيجية طويلة الأمد مع السعودية مثير للدهشة. وتم تأكيد نقل الولايات المتحدة نظام صورايخ باتريوت من السعودية في الأسابيع القليلة الماضية. وجاء نقل الأسلحة المتقدمة رغم المناشدات المتكررة من المسؤولين والأمراء السعوديين بالإبقاء عليها لكي تكون المملكة في وضع تواجه فيه الهجمات الصاروخية المتكررة من اليمن. ومن جديد صعد المتمردون الحوثيون الذين يرى الكثيرون أن إيران تقف وراءهم من هجماتهم ضد الأهداف المدنية والتجارية (المطارات والمنشآت النفطية).
ويقول الكاتب إن قرار الولايات المتحدة المنفرد لإعادة نشر أنظمة الصواريخ الدفاعية وبطاريات باتريوت من قاعدة الأمير سلطان الجوية، خارج العاصمة الرياض مثير للدهشة، وبخاصة أنه حدث وسط مخاوف معظم حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج من تداعيات الكارثة في أفغانستان. ويخشى المعلقون في الرياض وأبو ظبي والبحرين من إمكانية سحب الولايات المتحدة أجزاء كبيرة من قواتها التي تعد بالآلاف في المنطقة، حيث تتركز كحاجز ضد إيران وتمردات محتملة.
ويضيف الكاتب أن تركيز بايدن على مسرح عسكري جديد في آسيا يعلم أسس تحريك القوات المستمر. ومعظم دول الخليج، وبخاصة السعودية والإمارات قلقة من المحادثات غير الناجحة لإعادة تفعيل الاتفاقية النووية بشكل ترك طهران في وضع زادت فيه من برامجها النووية. وبالنسبة لدول الخليج ومصر كذلك فاستمرار تحريك القوات هو جزء من الاستراتيجيات التي بدأها باراك أوباما وتبعه فيها دونالد ترامب لتخفيض الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط. ومع وصول بايدن إلى البيت الأبيض تدهورت العلاقات السعودية- الأمريكية بشكل كبير. وأدت ضغوطه (أو ما نظر إليه كهجوم) على منظمة أوبك لزيادة الإنتاج مع ارتفاع سعر البنزين في الولايات المتحدة، ما أدى لبرود في العلاقات السعودية والإماراتية مع الولايات المتحدة والذي ترافق مع مواصلة إدارة بايدن المحادثات مع إيران بشأن الاتفاقية النووية. وزادت خطط بايدن بالكشف عن ملفات هجمات 9/11 والتي أفرج مكتب التحقيقات الفدرالي عن الجزء الأول منها من سخط السعوديين. كما أدى هوس واشنطن بمحمد بن سلمان وأنه العقل المدبر لجريمة مقتل جمال خاشقجي إلى حشر حكام المملكة في الزاوية. كما وأجل لويد اوستن، وزير الدفاع الأمريكي الذي يقوم بجولة في المنطقة زيارته إلى المملكة لأجل غير مسمى.
ويقول المسؤولون في البنتاغون إن التأجيل نابع من مشاكل في برنامجه، لكن السعوديين لا يصدقون هذا. وحقيقة زيارة وزير الدفاع للدوحة والكويت وحتى البحرين وليس الرياض دليل واضح. وتظل السعودية أقوى حليف للولايات المتحدة في المنطقة، ولا يتوقع أن تمر التحركات الأمريكية الأخيرة بالمنطقة بدون رد. وربما أصبح الغضب في الرياض مكلفا لواشنطن على المدى البعيد. وفي الأسبوع الماضي حذر الأمير تركي الفيصل، مدير المخابرات السابق والذي له علاقات قوية في واشنطن إدارة بايدن قائلا إن المملكة والشرق الأوسط بحاجة لالتزام أمريكي. وانتقد بشكل مفتوح نقل بطاريات باتريوت من السعودية التي قال إنها تأتي في وقت لا تتعرض فيه المملكة لهجمات صاروخية ليس من اليمن فقط ولكن من إيران. وفي الغياب المستمر للثقة بين البلدين فإن هذا سيؤثر سلبا على مصالحهما.
وفي مقال رأي قال مدير المجلس الأطلنطي، فردريك كيمب إن الوضع في أفغانستان يهدد رواية بايدن بأن واشنطن هي حليف وشريك موثوق وذلك بعد سنوات التناقض في ظل إدارة ترامب. كما أن تحرك بايدن للكشف وبشكل واسع عن ملفات تتعلق بهجمات 9/11 سيترك تداعيات كبيرة. وحتى لو لم تظهر حقائق ضد السعودية فإن الهجمات السياسية والإعلامية ستجبر المملكة على إعادة النظر في موقفها. ويعتقد الكاتب أن الأشهر المقبلة ستشهد تحولات جيوسياسية واقتصادية في منطقة الخليج. وموقف أمريكا الضعيف واضح ولا يبدو أن بايدن يعزز المصالح الأمريكية. وستبحث السعودية والإمارات وغيرهما عن قوة جديدة، وبدأ بعضها بالطرق على أبواب روسيا والصين.
ولكن الكاتب يسبتعد خسارة أمريكا تأثيرها وبالكامل في المنطقة، لكن أثر التصريحات الصادرة من واشنطن فقدت بالتأكيد تأثيرها. وتدفع واشنطن السعودية باتجاه تكييف توجهها نحو الشرق مما يفتح الباب أمام موسكو وبيجين ونيودلهي. كما وستتأثر سياسات أوبك+ بتحركات بايدن. وأصبح لدى موسكو والسعودية والإمارات قوة بيدها. وعلاقات قوية مع أوبك+ أو الصين (موسكو/الهند) مع مجلس التعاون الخليجي ستكون مكلفة لواشنطن وأكبر مما تعتقد إدارة بايدن على ما يبدو. وستظل رابطة الجيش- الإقتصاد قائمة ولكن هناك لاعبون جدد باتوا يتحكمون بالخيوط. وفي النهاية ستظل الطاقة الهيدروكربونية المغذي للجيش والإقتصاد العالمي، وبايدن يلعب لعبة خطيرة