عروبة الإخباري – يمكن للعلاقات الودية التي ظهرت في مؤتمر بغداد الأخير أن تبشر بتعاون أعمق وتحسين للاستقرار عبر الخليج العربي في حالة التقارب السعودي الإيراني.
وشارك في مؤتمر بغداد، في 28 أغسطس/آب، شركاء ومتنافسون من الشرق الأوسط اجتمعوا معا لمناقشة الهدف المشترك المتمثل في تحقيق استقرار أكبر للعراق.
وبالرغم من ورود تقارير عن أن المسؤولين السعوديين والإيرانيين لم يلتقوا مباشرة، إلا أنهم كانوا حاضرين في الحدث. كما التقى وزير الخارجية الإيراني بمسؤولين من كل من الكويت والإمارات، وهما من أقرب الجيران للسعودية.
وشارك في المؤتمر مسؤولون رفيعو المستوى من مصر والأردن وقطر وفرنسا والكويت والإمارات والسعودية وإيران والعراق وتركيا. وركزت المناقشات على الأهداف المشتركة بين المتنافسين الإقليميين، وهو أمر نادر في الشرق الأوسط.
وتم الترويج للقمة باعتبارها المرة الأولى التي يُعقد فيها مؤتمر في بغداد يركز على العراق، وهي شهادة على كيفية تعزيز استقلال بغداد النسبي في الأعوام الأخيرة بعد خروجها من الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وخلال القمة، ضغط العراق من أجل الوساطة بين السعودية وإيران، وهو ما من شأنه أن يفيد بغداد ويساعد على استقرار المنطقة.
ويعتقد العديد من القادة العراقيين أن استقرار العراق يعتمد على دول إقليمية قوية مثل السعودية وإيران، ويعكس أمل الحكومة العراقية في التقارب السعودي الإيراني، وهو ما صرحت به بغداد علنا قبل المؤتمر، كيف أثرت الحرب الباردة التي دامت عقودا بين الرياض وطهران على الشرق الأوسط الأوسع.
وبحسب ما ورد، جرت أول محادثات بين إيران والسعودية منذ أعوام في العراق في وقت سابق من هذا العام. وكان المسؤولون العراقيون يأملون في أن تشهد قمة 28 أغسطس/آب استئنافا علنيا لهذه المحادثات. وقال سفير إيران في العراق يوم 30 أغسطس/آب إن الجولة التالية من المحادثات الثنائية الإيرانية السعودية مقررة وستعقد في العراق.
ومكنت التحديات الأمنية في العراق القوى الإقليمية الأخرى من اكتساب نفوذ سياسي في البلاد من خلال تقديم الدعم الاقتصادي والعسكري. وقد رسخت إيران، على وجه الخصوص، نفسها بعمق في بغداد من خلال الميليشيات المختلفة التي تعمل بالوكالة. لكن السعودية ودول الخليج العربي الأخرى سعت أيضا، وإن كانت أقل نجاحا، إلى خلق نقاط نفوذ مماثلة في العراق.
ويمكن للتقارب السعودي الإيراني أن يحد من تصاعد العنف في عدة مسارح بما في ذلك العراق واليمن، ما يسهل أيضا على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى سحب القوات العسكرية من المنطقة.
وسوف يساعد تحسين التعاون بين دول الخليج في التوصل إلى تفاهم مشترك بشأن إيران، وهو أمر ضروري لأي تقارب سعودي إيراني. وبينما ركزت قمة بغداد إلى حد كبير على تعزيز الاستقرار العراقي، كانت إحدى النتائج الأكثر أهمية هي إمكانية تحسين العلاقات الخليجية.
وقد تلاشت الخلافات الداخلية لمجلس التعاون الخليجي في الأشهر الأخيرة، حيث أنهت السعودية والإمارات حصارهما لقطر في وقت سابق من هذا العام.
ويظل مستوى الدعم المتفاوت الذي تقدمه كل دول خليجية لكل من إيران والإسلام السياسي نقطة الخلاف الأساسية بين دول مجلس التعاون الخليجي. لكن العلاقات الأكثر واقعية بين هذه الدول، التي ظهرت بشكل كامل خلال مؤتمر العراق الأخير، تشير إلى أنها ناقشت هذه القضايا خلف أبواب مغلقة وتوصلت إلى شكل من أشكال التفاهم.
وأظهر اجتماع رفيع المستوى في 26 أغسطس/آب في أبوظبي بين مسؤولين إماراتيين وقطريين ذوبان الثليج في العلاقات بين الجارتين. كما وقعت السعودية وقطر بروتوكول تعاون مشترك في اليوم السابق، ما يشير إلى التعافي الدبلوماسي.
ومع ذلك، سيعتمد التحسن المستمر للعلاقات الفاترة في الخليج العربي إلى حد كبير على جهود إيران والسعودية لإصلاح العلاقات الثنائية.
ورغم أن مؤتمر بغداد كان خطوة في طريق تحسين بعض العلاقات المتوترة بين دول الخليج العربي وإيران، لكن سيحتاج المسؤولون السعوديون إلى الاجتماع بشكل مباشر وعلني بغرض المصالحة الإقليمية.
وقال الرئيس الإيراني المنتخب حديثا “إبراهيم رئيسي”، إنه يخطط لإعطاء الأولوية لإعادة ضبط العلاقات الإقليمية المتوترة لإيران، بما في ذلك مع السعودية.