عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
وصفها السفير الفلسطيني في عمان عطا الله الخيري بأنها “فوق عادية”، وقالت عنها شخصية ذات موقع متقدم سابق انها وضعت نقاطاً على كثير من الحروف حتى غدا نص التوافق ومحضر اللقاء مقروءاً.. وقال أحد الاعيان العاملين المهتم ان حرص ابو مازن على استعمال لغة واحدة في التعامل مع الاردنيين يجعل العمل معه مريحا ، وهذا ما أكده على الدوام وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي الذي زار رام الله أكثر من مرة ناقلا للرسائل ومترجما للتوجيهات الملكية الاردنية..
ابو مازن أكد دائما انه يضع الاردنيين في الصورة في تفاصيل دقيقة وعامة لما في فلسطين من حال، وعمل وجهود وما يمثله استمرار الاحتلال الاسرائيلي من تهويد واسرلة ومخالفات خاصة في القدس التي يستهدفها الاحتلال والتي ما زال اهلها خاصة في الشيخ جراح صامدون وهم قادرون على ذلك..
ميزة ابو مازن انه يؤمن بتراكم الجهد و اعطاء الفرص، والحرص على وضوح الخطة وأنه ضد الارتجالية والاستعجال و حرق المراحل، ويؤمن بالتشاور الداخلي في قيادته والخروج بعد بلورة المواقف التي تكون قادرة ان تسوق نفسها وان تكون ناضجة بما يكفي..
الزيارة الاخيرة لعمان كانت ضرورية خاصة حين يلزم الاطلاع على نتائج زيارة مهمة جدا قام بها الملك وبحثت فيها القضية الفلسطينية، فالمقابلة المباشرة “وجها لوجه” تبعث لغة الجسد للمتحدث بما فيها من ايحاءات هي في غاية الاهمية وهذه اللغة ترجح الحسم لكثير من القضايا .. سيما وان القائدين الملك عبدالله الثاني والرئيس ابو مازن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يدركان خطورة المرحلة ومحدداتها ، وطبيعة اللغة التي يجب ان تستعمل في كثير من التوجهات او الوعود او حتى الاشياء المعمول بها خاصة وان القضية الفلسطينية استهلكت كما كبيرا من التصريحات والمواقف عبر تاريخها الطويل التي لم تقدم فيه نتائج مقنعة وظل الحذر واردا دائما..
الزيارة الاخيرة لعمان مهمة خاصة بعد زيارة جلالة الملك للولايات المتحدة وحمله رسائل عديدة الى هناك ابرزها في القضية الفلسطينية، ورغم الاتصالات المستمرة وما نقله وزير الخارجية الصفدي وما حمله، ورغم الاتصالات التليفونية مع القصر وارسال الموفدين إلا أن الزيارة كانت ضرورية كما رأى جلالة الملك الذي ارسل طائرة هيلوكبتر خاصة حملت الرئيس ابو مازن الى عمان للقاء الذي ما ان انتهى حتى توجه الرئيس لاستكمال مهمته في زيارة القاهرة واطلاع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على حصيلة الجهود والاوضاع التي تعيشها القضية الفلسطينية والتحذير من المفاجآت والارتجالات التي يمكن ان تسبب المزيد من التعقيد، خاصة قبيل سفر الرئيس عباس الى الامم المتحدة لاستكمال جهوده الناجحة لدى الامم المتحدة والتي قد يترتب منها لقاء قياداتات امريكية نافذة قد تصل الى لقاء رئيس الادارة جو بايدن شخصيا.
ابو مازن رقم مهم و صعب وهو المرجعية التي تريد اطراف دولية عديدة التعامل معها، وعدم ادارة الظهر لها رغم كل اللغط والدس ومحاولات قفز بعض الاطراف المحلية والاقليمية التي وصلت بها الحال ان تصبح صدى لوسائل الاعلام اسرائيلية قبل فترة حيت تحدثت عن ادعاء مرض الرئيس ابو مازن الذي كان ساعتها يداوم في مكتبه كما ذكر السفير عطا الله الخيري..
القضية الفلسطينية ليست في اسوأ اوضاعها بل بالعكس انها أمام كل الاطراف التي تدرك ان الأمن والاستقرار يبدأ من حلها وينتهي في غياب حلّها، ولذا فان المحاولات الدولية اللاحقة مع انعقاد الجمعية العامة قد تطرح مشاريع مهمة كمؤتمر السلام الدولي الذي قدمت فكرته منذ زمن القيادة الفلسطينية .. وهذه القضية الان تخلصت الى حد كبير من حصار خطة ترامب المدمرة التي تبناها عن اسرائيل، ولذا عادت الامور الى شيء من الانفراج حيث تتفهم القيادة الامريكية المواضيع التي يطرحها ابومازن والتي تحدث عنها بجلاء واضح في لقاء مع طلبة “هارفارد” قبل عدة اشهر وشرح بشكل جلي وعميق ابعاد هذه القضية ومدى استعداده للسير بها الى الامام دون اعاقة..
في مصر سيجد الرئيس عباس تفاهما لأفكاره كما في الاردن، فقد كان طوال الفترة الصعبة الماضية وخاصة اثناء العدوان على غزه حريصا على تمكين الاطراف العربية المخلصة وخاصة مصر والاردن من ان يقوما بادوارهما السياسية بشكل ايجابي في المساعدة، سواء الموقف الاردني من القدس او الموقف المصري من اوضاع غزه ومساعدة اهلها ..
عباس يتطلع من خلال الاردن الى دور اقليمي اوسع في دعم القضية، وهو يراهن على التنسيق الاردني المصري العراقي لخلق كتلة اقتصادية متكاملة ستجد فلسطين وبمساعدة اردنية لافتة وكأنها فيها، ليكون العراق اكثر تأهيلا وقدرة على العمل وقبولاً عربيا وتفاعلا لصالح مواطنية وسد حاجاته ..
نعم فلسطين جزء من اتجاهها الشرقي، وهي تتطلع لحواضن سياسية واجتماعية واقتصادية قوية وداعمة ، ولذا كان من الضرورة في اللقاء الحديث عن التحديات في سوريا ومناطق اخرى من العالم العربي، ليكون البعد العربي واصلا في القضية الفلسطينية وقادراً على الدفع باتجاه قبول التحديات المستجدة..
لا ينكر الفلسطينيون حول ابو مازن ان الحالة الاسرائيلية على ما هي عليه هي افضل منها في زمن نتنياهو ، وانها قد تتطور نحو الافضل اذا ما ادرك الفلسطينيون ضرورة الخلاص من خلال الالتفاف حول قيادتهم والتوقف عن احداث الذرائع او الاستقواء الاقليمي او رمي التهم جزافا ومواصلة حملات التشكيك..
ابو مازن كان مرتاحاً في عمان وواثق انه يضع أمله حيث يجب، وانه سيحظى بدعم سياسي مستمر يمكنه من أداء دورة الذي يشكل شعبه له فيه الرافعة الاساسية.. فرهان الرئيس عباس هو على شعبه وعلى ارادة شعبه التي اختبرت اكثر من مرة في الشيخ جراح ، و في فك الكاميرات من بوابات الاقصى وفي باب العمود، وفي بيتا حيث اطلق وجسد مفهوم المقاومة الشعبية العريضة التي ظل يؤمن بها دائما ويدعو اليها ويحشد الانصار، فهي اليوم في المرحلة اللاحقة الى ان ينخرط كل شعبنا فيها وبالتالي تحقق المقاومة التي يقرها العالم و وتقرب شعبنا من حق تقرير مصيرة وحريته..