العدوان على غزة: الاحتلال أخفى جريمة استشهاد 6 مواطنين بقصف مدفعي

عروبة الإخباري – أخفى الجيش الإسرائيلي جريمة قتل 6 مدنيين في قطاع غزة، هم رضيع عمره 9 أشهر وفتاة عمرها 17 عاما وثلاث نساء ورجل، خلال قصف مدفعي باتجاه بيوت بالقرب من السياج الأمني أثناء العدوان على غزة، في أيار/مايو الماضي.

ويدعي الجيش الإسرائيلي أنه نفذ هذا القصف عن طريق الخطأ، حسبما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الثلاثاء، التي أشارت أن الشهداء الستة هم مواطنون “غير ضالعين” في القتال وفق الوصف الإسرائيلي لغير المسلحين.

وأضافت الصحيفة أن هذه الجريمة الإسرائيلية لم تُنشر في وسائل الإعلام، لكنها كانت معروفة الجيش الإسرائيلي. ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ادعاءه أنه تقرر التحقيق في هذه الجريمة، لكن بعد مرور شهرين ونصف الشهر، كل ما فعله الجيش هو “استخلاص عبر مهنية وغرسها في الوحدة”.

إلا أن الصحيفة أكدت أن ادعاءات الجيش كاذبة، وأن إفادت حصلت عليها الصحيفة أظهرت أن الجيش علّق خدمة جنود برتب متدنية جدا لفترة محدودة وعادوا بعدها إلى الخدمة، ونُقل ضابط في الكتيبة إلى مهمة إرشاد جنود. “وبذلك انتهى استخلاص النتائج. ولم تتم معاقبة أي ضابط أو إقالته” وفقا للصحيفة.

ووقعت الجريمة مساء يوم 13 أيار/مايو، وقبل وقت قليل من القصف الإسرائيلي المكثف ضد الأنفاق في شمال قطاع غزة، التي تطلق عليها تسمية “المترو”. وسبق هذا الهجوم مناورة خداع نفذها الجيش الإسرائيلي، حيث تم تكليف الكتيبة 162 بجعل مقاتلي حماس يشعرون أن الجيش الإسرائيلي يوشك على تنفيذ اجتياح بري في القطاع. وكانت خطة الجيش تقضي بقصف الأنفاق جوا بعد دخول مقاتلي حماس إليها.

وفي إطار مناورة الخداع هذه، أطلقت مدافع في الكتيبة 55 قرابة 500 قذيفة باتجاه مناطق مفتوحة في شمال القطاع. وسقط عدد من هذه القذائف، “بالخطأ” حسب زعم الجيش الإسرائيلي، في القرية البدوية، وهي منطقة زراعية قرب بيت لاهيا، ويسكنها مدنيون.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بالرغم من تخطيط الجيش الإسرائيلي لهذا القصف المدفعي المكثف، إلا أنه لم يطلب من السكان في هذه المنطقة مغادرتها، ولم يرسل رسائل نصية حول قصف قادم، كما يدعي أنه يفعل ذلك أثناء عدوانه على القطاع.

وبدأ الجيش الإسرائيلي القصف المدفعي للبيوت في القرية البدوية عند الساعة 18:30 تقريبا، واخترقت إحدى القذائف مبنى تواجدت فيه عائلة أبو فارس. ووثقت منظمة “بتسيلم” الحقوقية إفادة رب العائلة، ناصر أبو فارس (50 عاما)، وقوله إنه “كنت جالسا لدى جيراننا وفجأة سمعت سقوط قذيفتين. ولم أعرف أين سقطتا، لكني رأيت دخانا يتصاعد من بيتي الأول. وجريت إلى هناك بسرعة سوية مع أصدقائي، لكن قبل وصولنا سقطت قذيفة ثالثة بالقرب منا”. وكانت البيت مليئا بالدخان والغبار، ولم يتمكن أبو فارس من رؤية المتواجدين فيه ومن أصيب.

وجمعت “بتسيلم” إفادات حول تفاصيل الجريمة. وأضاف أبو فارس أنه فيما كان يحاول العثور على أفاد عائلته، استمر سقوط القذائف حوله. ودخل إلى البيت بعد انقشاع الدخان والغبار فيه قليلا، “ووجت بناتي، وكان جسد بعضهن مقطعا. وأولادي كانوا مصابين والمكان كله مليء بالدماء”.

واستشهد 3 من أولاد أبو فارس الـ12، وهم فوزية (17 عاما)، نسرين (26 عاما)، صبرين (28 عاما) ورضيعها محمد.وأصيب باقي أولاده بالقصف الإسرائيلي، وتم نقلهم إلى المستشفى في بيت لاهيا، وأصيبت سيارة أبو فارس بالقذائف المدفعية التي لم تتوقف أثناء توجهه إلى المستشفى.

وأدى القصف المدفعي إلى استشهاد نعيمة صالح سلامة عياش (47 عاما) وهاشم محمد عايد علي الزغيب (20 عاما). وقال شقيق نعيمة، إسماعيل عياش (50 عاما) في إفادته لـ”بتسيلم” إنه “كنا نسكن أنا وزوجتي في الطابق الأرضي وأمي تسكن بجوارنا في بيت من الصفيح”.

وأضاف عياش أنه في مساء اليوم نفسه التقت العائلة في بيته بمناسبة حلول عيد الفطر. وقال إن “جميع سكان القرية يغادروا بيوتهم، لأننا قرب الحدود ولا توجد مواقع تابعة لحماس في المنطقة. بعد ذلك سمعت صراخ وأصوات تكسير نوافذ”. وصعدت نعيمة إلى الطابق الأول، ودخلت والدته وشقيقته سارة وجارته جميلة وزوجة ابنها إلى بيته. “خرجت إلى الشارع وشاهدت أنه مليئ بالحطام وكتل إسمنتية. وسمعت صراخا وبكاء وشاهدت جرحى على الأرض. وكان الشارع مدمر بالكامل، ومليء بالدماء وكان هناك دخان وغبار. وكان هذا مشهدا لا يمكن تجمله”.

وأضاف عياش أنه “لم أر شقيقتي نعيمة. واعتقدت أنها هربت. رأيت شقيقتي سارة وجميلة وزوجة ابنها تهربن من المكان. ورأيت أن بيت ناصر أبو فارس، قرب بيتنا، مدمر بالكامل. ورأيت أنهم يحاولون تخليص جثث من بين حطامه”.

وأدرك عياش حجم الجريمة الإسرائيلية لدى وصوله إلى المستشفى الأندونيسي، الذي نقل إليه للحصول على علاج سوية مع عائلته. “بحثت عن شقيقتي نعيمة. وتجولت في الاقسام وبعد ساعة ونصف الساعة وجدتها في الثلاجة. لقد ماتت من جراء إصابتها بشطايا عندما كانت في غرفة الدرج. وبعد ذلك سمعت أن ناصر أبو فارس فقد بناته الثلاث وحفيده”.

وأجرى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في حينه، هيداي زيلبرمان، إحاطة صحافية، تحدث فيها عن “إنجازات” حققها الجيش خلال هجومه في الليلة السابقة، وقال إنه تم تدمير الأنفاق وأن 160 طائرة حربية شاركت في الهجوم وأنه “تم إلقاء 450 قنبلة على 150 هدفا خلال 35 دقيقة”. لكن زيلبرمان لم يذكر ما حدث في المنطقة الزراعية الواقعة بين بيت لاهيا والسياج الأمني.

Related posts

مروان المعشر: حل الصراع في الشرق الأوسط لن يأتي مع فوز ترامب أو هاريس

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

“النزاهة” تستضيف وفداً أكاديميّاً من جامعة القدس الفلسطينية