عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
أما وقد تحركت الامكانية لإعادة قراءة حال القضية الفلسطينية في عهد الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن ، بعد ان جرى دحرها على يد التحالف الامريكي الاسرائيلي اليميني الذي مثلته ادارة الرئيس السابق ترامب، فإن هذه الامكانية قد تثمر الآن اذا ما استمر الفهم الامريكي لما فعلته اسرائيل في عهد نتنياهو، ولما تستمر في فعله الآن من تدمير لكل الفرص التي يمكن ان يراهن عليها..
الزيارة الملكية الاردنية الى الولايات المتحدة كانت مثمرة في التمسك بحل الدولتين، وفي التذكير بضرورة تحريك العملية برمتها على اسس وقواعد الشرعية الدولية، وكان للاصرار الملكي من قبل على الثوابت ما جعل الادارة منتبهة الى امكانية احداث مخارج ممكنة بعيدا عن الصلف الاسرائيلي ..
بحث الملك عبد الله الثاني حل الدولتين وبحث اوضاع القدس وحذر مما يجري في المنطقة، وطالب باشراك اوسع وافعل للقيادة الفلسطينية التي ذكرها وذكر دورها وضرورة التعامل معها بشكل افضل واوسع..
الادارة الامريكية ستنفتح بشكل افضل على القيادة الفلسطينية خلال الايام القادمة، وهناك تصور لما يمكن ان يجري، فقد جرى تعزيز وصيانة لشبكة العلاقة الامريكية -الفلسطينية وجرت اتصالات منذ وصول بايدن للبيت الابيض، وقد حرص الامريكيون على ذلك وهناك خطوات اتخذت واخرى بصدد الاتخاذ، فمكتب المنظمة سيعاد فتحه، ومساعده وكالة الغوث لتشغيل الفلسطينيين ستعود لها المساعدات، والقنصلية في القدس للاتصال بالفلسطينيين تعمل مجددا، كما جرى فرز قيادة سياسية وامنية للتعامل مع القيادة الفلسطينية والاستماع لها وتلبية طلباتها.. سواء في البيت الابيض أم الـ (CIA).
الرئيس بايدن وحزبه الديمقراطي بدا لديهم تطورات جديدة ساهم الملك عبد الله الثاني في زيارته الاخيرة الى تعزيزها، مؤكدا على العنوان الفلسطيني الذي تمثله قيادة الرئيس محمود عباس التي لا بديل لها والتي تقرأ لغة العالم ، و يستطيع العالم ان يقرأها ..
يدرك الامريكيون في البيت الابيض ان هذه هي الفرصة الاخيرة الممكنه لتحريك الوضع في المنطقة، والذي بلغ درجة عالية من السوء والتدهور ماثلة الان بوضوح في اكثر من وضع وحالة وخاصة في لبنان ، وما زال الوضع في سوريا والعراق وغيرهما يحذر بالانفجار والانهيار، وقد يكون ذلك السبب في ان بايدن أقرّ للملك ان محيط الاردن غير مستقر وانه يبعث على القلق، وان الظرف الاردني صعب وهذا دفع الادارة الامريكية للاستعداد لتقديم المزيد من المساعدات للاردن للمساهمة في الاستقرار و في تمكين الاردن من ان يلعب دوره في استقرار المنطقة وضمان المزيد من الهدوء فيها..
تعززت العلاقات الامنية والعسكرية الاردنية لصالح الطرفين الامريكي والاردني وسينعكس ذلك على القوات المسلحة الاردنية لمزيد من تغطية حاجاتها وتدريبها وتمكينها من ان تنهض بدورها الذي استعدت له دائما، ولذا رأينا اللقاء الملكي مع قيادات عسكرية عليا في الولايات المتحدة ..
الايام القادمة قد تأخذ الادارة الامريكية ممثلة بقيادات بارزة او حتى بقيادة الرئيس بايدن الى لقاء الرئيس محمود عباس..
فاللقاءات الامريكية الفلسطينية المستمرة على مستويات مختلفة قد لا تكفي، ولدى الرئيس عباس تصورات واضحة ودقيقة الان تستند الى قرارات الشرعية الدولية الى الموقف التقليدي الامريكي المبكر من الاستيطان، والى ما صرح به الرئيس بايدن والمتعلق بحل الدولتين..
لقد كان لتأجيل الانتخابات الفلسطينية ما يبرر ذلك ، خاصة وان اجراءئها في عهد الادارة السابقة يحمل مخاطر التدخلات في القرار الفلسطيني، بل وتشجيع اطراف في الاقليم للتدخل وما قد يلحق أضرارا بالقرار الفلسطيني الذي ظل يرى أن التمثيل الفلسطيني هام جدا وأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني ،وان العالم يعترف بها ويتعامل معها..
يتطلع الفلسطينيون الى تحريك واحياء قرار مجلس الامن الصادر في اواخر عهد الرئيس اوباما الذي يحمل الرقم 2334 .. والى ان تدفع الولايات المتحدة الامريكية بثقلها في احداث تسوية حقيقية وفاعلة تقوم على حل الدولتين، وكبح جماح التطرف اليميني الاسرائيلي الذي يعيش الان بعد رحيل نتنياهو في اضعف حلقاته في حكومة ضعيفة..
إن لم يطرق الفلسطينيون حديد الحكومة الاسرائيلية الساخن نتائج الهشاشة فإنهم يضيعون الوقت اكثر، وبالتالي فإن روح هذه الحكومة الاسرائيلية بيد تحالفها الهش والذي فيه القائمة العربية..
قد يكون مواتيا الآن فتح الملفات وقد يعوز ذلك لقاء القيادتين الفلسطينية والامريكية على مستوى الرئيس محمود عباس والرئيس بايدن، وهذه مسألة حاسمة وضرورية، وقد يدفع زخم الاحداث اليها شريطة ان يستمر الجسم الفلسطيني في التماسك..
وان تبقى “فتح” حامية المشروع الوطني الفلسطيني على قلب رجل واحد، فهناك رهانات تدخلية من اكثر من طرف تستهدف للعمود الفقري الحامل للمشروع الفلسطيني ان يصاب، وعندها سيقع الشلل..
الرئيس عباس هو أكثر مسؤول فلسطيني عمل على اعادة انتاج جوانب عديدة من الشرعية الفلسطينية باستكمال بناءاتها، ومازالت ورشة الاصلاح وبناء المؤسسات قائمة، وسنجد ان الانتخابات القادمة اذا ما نضج مناخها ستتغير فيها اشياء عديدة من خلال اعادة التقييم والقراءة الذي طالب به ابو مازن..
اكثر من حرب تشن على الفلسطينيين وقضيتهم ، فهناك حرب الاحتلال وخططه، وهناك جائحة كورونا وما سببته، وهناك الصهاينة العرب الجدد الذين ما زالوا يراهنون على الوهم و يركضون خلف السراب ليدركوا ان اسرائيل لن تحمي احد، وهي غير معنية إلّا بمصالحها.. وانها تستعمل كل تحالفاتها وقودا لأهدافها، سيدرك بعض العرب ذلك، ولكن الخشية ان يدركوا متأخرين..
الادارة الامريكية ستظهر في الاسابيع القادمة رغبتها الجديدة والمؤكدة في الحوار مع القيادة الفلسطينية التي يمثلها الرئيس محمود عباس، واعتقد ان الرئيس جاهز لينطلق بخارطة طريق انجز تصميمها ويعيد القضية الى المربع الاول، مربع ان هناك احتلال يجب ان يزول وان هناك دولة يعترف بها العالم تقوم من حل الدولتين يجب ان تقوم..