لا أحد يعرف إذا كنا في الأردن، سوف نعود إلى الإغلاقات، أم لا، إلا أن المؤشرات في غير موقع، تدل على ان كل شيء محتمل، خصوصا، ان هناك دولا تراجع الوضع الوبائي بها.
في الأردن، برغم نسبة ان نسبة تلقي اللقاح ارتفعت، إلا أننا ما نزال بحاجة الى وقت، من اجل ان يحصل كل المواطنين والمقيمين على اللقاح، واتمام الجرعة الثانية، لمن تلقوا الأولى، والذي يجول في مواقع كثيرة في الأردن، يكتشف بنفسه ان نسبة الالتزام بالإجراءات الصحية، من كمامة الوجه، وغير ذلك، منخفضة للغاية، وهناك حالة استرخاء عجيبة، وكأننا خرجنا من الوباء، وعدنا الى وضعنا الطبيعي، وهذه ظاهرة واضحة، ليست بحاجة الى أدلة او اثباتات.
رئيس الوزراء يتحدث يوم الأحد، ويقول إن الاعتقاد بانتهاء جائحة كورونا أمر خاطئ، في ضوء التطورات التي تشهدها بعض الدّول بسبب النسخ المعدلة من الفيروس، وفي ظل استمرار تسجيل حالات وفاة وإصابة عديدة يومياً، مشدداً على عدم الركون والاطمئنان إلى استقرار الوضع الوبائي، ومشيرا الى ان عدم الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية قد يعرضنا إلى انتكاسة، وأن الأردن لا يملك ترف العودة إلى خيار الإغلاقات مجددا.
برغم أن الرئيس ينفي احتمال العودة الى الاغلاقات، مجددا، إلا أن هذا النفي يرتبط هنا بغاية هي تذكير الناس بالإغلاقات، وهذا الكلام مرتبط بتحذيره من انهيار الوضع الصحي، وليس تأكيدا نهائيا، على استحالة العودة للإغلاقات، كون العودة تعد ممرا اجباريا في حالات معينة، والرئيس هنا، كمن يقول اذا اردتم عدم العودة الى الاغلاقات، فعليكم الالتزام صحياً.
تونس أعلنت انهيار النظام الصحي لديها كاملا، وبريطانيا أعلنت أن ما يقرب من نصف وفيات الوباء الأخيرة في بريطانيا، هم من الأشخاص الذين تم تطعيمهم بلقاحات مضادة للفيروس، بعد اصابتهم بمتحور دلتا، ودول عربية وإسلامية قررت حظر الحركة كليا خلال إجازة العيد، وهناك دول في أميركا اللاتينية انهارت أوضاعها تماما بسبب الوباء، ونسخه.
حين يكشف مسؤولون عن تراجع نسبة المسجلين لتلقي اللقاح، ويعلن هؤلاء فتح الباب لفئات عمرية محددة، من اجل تشجيعهم على زيارة المؤسسات والمراكز لتلقي اللقاح دون مواعيد تعرف ان هذا يعد دليلا أكبر على حالة الاسترخاء، وهو استرخاء يأتي في ظل تسلل النسخ المتحورة من الوباء الى دول كثيرة، ومن بينها الأردن، مما دفع دولا كثيرة الى اغلاق خطوط طيرانها الى بعض الدول، وهو امر يؤشر على ان هذا الوضع، لم ينته، ولن ينتهي قريبا.
ما يراد قوله هنا، بصراحة، اننا قد نواجه الاغلاقات، اذا تسللت النسخ المتحورة بشكل كبير، واذا بقيت عمليات تلقي اللقاح منخفضة، واذا عدنا الى ارتفاع في عدد الإصابات، والاغلاقات هنا، لا يحتملها احد منا، وكلنا نريد ان نعود الى حياتنا الطبيعية، بعد كل هذا الإرهاق.
الوضع الاقتصادي، أيضا، لا يحتمل الاغلاقات، واغلب دول العالم، تحاول ان تجد حلا بديلا عن الاغلاقات، وهذا يفرض علينا هنا، ألا نسمح بالعودة الاجبارية للإغلاقات، خصوصا، اذا تذكر كل واحد فينا ان عليه دور هنا، بعيدا عن كلام الحكومات، ورسائلها السياسية والاقتصادية والصحية، فالقضية فردية وعائلية أيضا، على مستوى ادراك المخاطر.
مقارنة بدول ثانية، كان الوباء على الأردن، خفيفاً، وقد رحم الله هذه البلاد وأهلها، وهذا يفرض في الوقت ذاته، الا تترك الحكومة هذا الملف للناس فقط، مع ضرورة التشديد في إجراءات الرقابة، وزيادة عدد الحاصلين على اللقاحات، والتنبه جيدا لاحتمالات تسلل نسخ متحورة، لم يثبت كليا ان اللقاحات تقف في وجهها، فكل شيء خاضع للتجريب.
مر عيد رمضان، علينا بأقل الكلف الصحية، ويأتينا عيد الأضحى، ثم ينتظر الكل عودة الطلبة الى المدارس والجامعات، فيما مناسبات الصيف من زواج، ونتائج الثانوية العامة، وحفلات التخرج اذا جرت في الجامعات، تأخذنا الى كل الاحتمالات، خصوصا، مع التراجع في الإجراءات الوقائية، وفي نسب تلقي المطاعيم، وحالة الاسترخاء التي نراها في كل مكان.
لا نريد العودة الى الاغلاقات، وهذه مسؤولية الحكومة والناس معاً.