الأردني هو كل من يحمل جواز السفر الأردني ويملك رقما وطنيا، ويكون بذلك قد طلب حماية الدولة الأردنية والتزم بدستورها ونظام الحكم فيها فيتمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية التي ضمنها له الدستور.
الأردني ينتمي للأردن ولترابه ويفخر بأردنيته وهو على قناعة تامة بأن هويته الأردنية هذه لا يعلو عليها أي هوية فرعية أخرى، لكنه مع ذلك لا يتنكر لهوياته الفرعية دينية كانت أم عرقية أو مناطقية، ولكنه يرى في تعدد الهويات الفرعية في وطنه مصدر قوة.
الأردني يدرك أن الأردن اليوم هو وريث الثورة العربية الكبرى وما يزال يسمى جيشه بالجيش العربي وما يزال دستوره ينص على أن الأمة مصدر السلطات.
ويلتزم الأردن بمبادئ الثورة العربية الكبرى، وهي الحرية والعدالة الاجتماعية والوحدة والمساواة، وقيم هذه الثورة المتمثلة في التسامح والعيش المشترك واحترام حقوق الإنسان واحترام الرأي والرأي الآخر والديمقراطية والسعي للحياة الأفضل.
الأردني هو ابن البادية والقرية والمدينة والمخيم، وهو أيضاً ابن الحراثين والمزارعين والعسكر والعمال والمهنيين وأصحاب الأعمال والموظفين، ويفخر الأردني بهذه الحقيقة، فكل فئة من هذه الفئات أسهمت في بناء الوطن وجهودها مجتمعة قادت إلى بناء الدولة الأردنية القوية، دولة المؤسسات والقانون التي نسعى باستمرار لتطويرها نحو الأفضل.
الأردني يعتز بقيادته الهاشمية ومواقفها الوطنية التي تلتقي دائماً مع مواقف الشعب، وخاصة في قضية الأردن الأولى القضية الفلسطينية، ويتمنى لو كانت مواقف كل الدول العربية والإسلامية مثل موقف الأردن في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وخاصة حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
الأردني يعي تماماً أن الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، المسيحية والإسلامية، في القدس، قد حافظت عليها، ولولاها لضاعت هذه الأماكن المقدسة في خضم التهويد وأصبحت في أسوأ حالاتها.
الأردني يفتخر بتاريخه المشرّف ويذكر بكل فخر واعتزاز الدور الكبير الذي قامت به الأجيال عبر السنوات المائة الأولى من عمر الدولة، ويذكر رموزه الوطنية المخلصة التي قادت وخدمت وضحت في سبيل بناء الأردن الذي ننعم به اليوم.
الأردني يعي التحديات التي تواجه وطنه ويتحملها في سبيل رفعته بصبر ووعي كبيرين، ولا يسمح للذين يحاولون زعزعة قناعته بدولته وقيادتها وجيشها وأجهزتها الأمنية بأن يخترقوا السد القوي المنيع الذي بناه في وجدانه وضميره وأساسه حب الوطن والتضحية بالغالي والنفيس في سبيله.
يفهم الأردني المواطنة بأنها ليست فقط حقوقا وواجبات بل هي أيضاً سلوكيات إيجابية عند ممارسة هذه الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطن في ظلال الدستور الأردني والقانون، معتمداً في سلوكياته هذه على قيم الوطن وعاداته وتقاليده، وملتزماً بمبادئه وهادفاً لرفع شأنه وتحسين نوعية حياة مواطنيه والرقي بمجتمعه إلى أسمى درجات الرقي.
ولأن الأردني يعلم، كما قال جلالة الملك في أوراقه النقاشية، أنه؛ أي المواطن، هو محور العملية الوطنية السياسية، فإنه يريد أن يكون مواطناً فاعلاً بمعنى أن يكون مشاركاً في العملية السياسية، ناقداً إيجابياً، ومبادراً ومعبراً عن أفكاره بصدق، معتمداً في ذلك على مبدأ البحث المستمر عن الحقيقة الموضوعية.
والأردني يقيس وطنيته وانتماءه بمدى ما يقدم لوطنه وبما يسهم هو به لرفعة شأن هذا الوطن ورقي مجتمعه. ويعلم أن في تقدم الوطن ورفعته، تنمية المكاسب لكل أبنائه، وبالتالي تنعكس هذه المكاسب على نوعية حياته وحياة أبنائه.
أن تكون أردنيا معناه أن تكون مجتهدا في سبيل الوطن وأن تبذل لهذا البلد من كل قلبك ومن كل عقلك ومن كل وجدانك وأن يكون عطاؤك من أجل البناء ومن أجل النهضة وتحقيق الأهداف العليا وليس من أجل ثمن، أي ثمن، بهذا الشكل أو ذاك.
نعلم أن الأردن قد شهد تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة لها جوانبها الإيجابية التي لا ينكرها إلا الجاحد، ولكن رافقها أيضاً ظواهر سلبية منها:
1 – ظهور فجوة طبقية بين أبناء المجتمع وارتفاع نسب الفقر والبطالة.
2 – التغيير الثقافي الكبير نتيجة الاستخدام المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي والاطلاع الميسّر على ثقافات العالم.
3 – تراجع في هيبة الحكومة وسيادة القانون نتيجة الفهم الخاطئ لدى البعض للتحولات الديمقراطية وخاصة مفهوم الحرية.
4 – الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي دفعت بالبعض إلى الاحتماء بالعصبيات الجهوية أو القبلية أو الدينية، ما أدى إلى زيادة في العنف المجتمعي والاعتداء على القانون وارتفاع نسبة الجريمة وغيرها من الظواهر الاجتماعية الدخيلة على ثقافتنا وأخلاقنا وعاداتنا.
5 – ظهور نزعات إقصائية تجاه بعض مكونات المجتمع وإنكار دورها في خدمة الوطن ورفعة شأنه واحتكار الحقيقة من قبل مكون واحد.
6 – ظهور نزعة عند البعض تقيس الانتماء للوطن بمدى المنفعة التي يحصل عليها هذا الشخص أكانت هذه المنفعة وظيفة أم دعما ماليا أو خدمة من دون مقابل وغيرها.
7 – تقاعس البعض عن القيام بواجباتهم المترتبة على حقوقهم الدستورية والإنسانية وتركيز جل همهم على المطالب بما يعتقدون أنه حقهم دون الالتزام بواجباتهم.
والأردني بالطبع لا يريد لهذه الظواهر السلبية أن تتفشى في المجتمع، فتصبح هي القاعدة بدلاً من أن تكون هي الاستثناء الشاذ. لذلك فإنه يتطلع إلى معالجة هذه الظواهر السلبية بوضع تصور شامل يبدأ بوضع خطة اقتصادية اجتماعية ثقافية وتعليمية تهدف إلى نمو المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتتوزع بموجبها عوائد التنمية على جميع المواطنين.
وفي رأيي، فإن وضع هذا التصور الشامل قد بدأ فعلاً مع تشكيل اللجنة الوطنية لتطوير منظومة القوانين السياسية والتصريحات المتتالية الصادرة عن المسؤولين بأنهم بصدد وضع خطط للتعافي الاقتصادي.
ولكني أجد من واجبي هنا أن أذكر بأن الخطة الشمولية يجب أن لا تهدف إلى تحقيق أولويات حكومية بل إلى تحقيق أهداف وطنية عابرة للحكومات، مثل الحد من الفقر والبطالة وتمكين المرأة والشباب وخفض كلف الإنتاج لزيادة تنافسية الاقتصاد الوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي، بمعنى تساوي النفقات الجارية مع الإيرادات المحلية إلخ…
أتطلع بتفاؤل إلى مخرجات هذه الجهود الوطنية، وأدعو الله أن يتمكن القائمون عليها من تحقيق طموحات جلالة الملك لتخدم هذه الجهود الوطن والمواطن وتحسن من نوعية حياته وترفع من مستوى معيشته.