«نفتالي بينت» نتنياهو رقم 2 / علي بدوان

ما إن تَسَلَّمَ رئاسة الوزراء في “إسرائيل”، حتى بدأ (نفتالي بينيت زعيم حزب “يمينا”) بإطلاق عقيرته، وشعاراته المتطرفة التي كان وما زال معتقدًا بها، ومصطفًّا خلفها، وهو الشخص اليميني في رئاسة الوزارة الجديدة للفترة الأولى المتوقع أن تمتد لعامين ومن بعده (يائير لبيد زعيم حزب ييش عتيد)، والذي لا يختلف أبدًا في تكوينه وبناه الفكرية والأيديولوجية عن بنيامين نتنياهو وعن الأحزاب الحريدية التوراتية ومواقفها السياسية والعملية على أرض الواقع.
(نفتالي بينيت) الصغير نسبيًّا في عمره، وفي تجربته السياسية، ومن يهود الولايات المتحدة بالأساس، ينتمي إلى اليمين الحريدي التوراتي في تكوينه السياسي والأيديولوجي، وخلافاته مع تلك الأحزاب ومع نتنياهو تتعلق بالمناكفات أصلًا، واصطدامه مع العقلية التسلطية لنتنياهو الذي يواجه الآن معركة داخلية في حزب الليكود بهدف إحالته على التقاعد وإنهاء حياته السياسية.
الجديد هنا، أن رئيس الوزراء الجديد في دولة الاحتلال (نفتالي بينيت) بدأ يُكرر معزوفة “الحسم” العسكري مع قطاع غزة وتهديد قوى المقاومة، واستعداده لإطلاق الإشارة لجيش الاحتلال بالبدء بعدوانٍ جديد، أوسع من عدوان الشهر الماضي (أيار/مايو 2021) والذي شنَّه نتنياهو بهدف خلط الأوراق بعد فشله في تشكيل الحكومة، بحجة وجود أسرى من “الجيش الإسرائيلي” لدى قوى المقاومة منذ العام 2014، وبهدف إطلاق سراحهم منذ عدوان العام 2014.
فقد قال رئيس الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة الائتلافية العريضة (نفتالي بينيت) خلال مراسم إحياء ذكرى القتلى “الإسرائيليين” الذي أقيم يوم 20/6/2021، الذين قضوا خلال فترة عدوان جيش الاحتلال على قطاع غزة عام 2014، في رسالة موجَّهة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ولعموم فصائل المقاومة: “إنَّ صبر إسرائيل نفد”. في حين قال وزير الأمن، المندفع باتجاه تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد القطاع، الجنرال (بيني جانتس): “إنَّ على تل أبيب “استثمار الإنجاز العسكري، خلال الحرب الأخيرة على القطاع، لإنجاز خطوة سياسية”. بل وهدد وزير “الأمن الإسرائيلي” الجنرال (بيني جانتس)، خلال اجتماع كتلة “كاحول ـ لافان” في الكنيست بأن “إسرائيل لن تسمح بتحسين الوضع الاقتصادي في قطاع غزة من دون استعادة جثتي الجنديين والمواطنين الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة. وإنه من دون الأبناء، غزة لن تُرمم اقتصاديًّا”. ووفقًا لإذاعة جيش الاحتلال فإن الجنرال )بيني جانتس) ناقش مع كبار قيادات الجيش، بشكلٍ مغلق، اتخاذ قرار (العملية العسكرية) بحال لم تنجح الجهود المصرية والدولية للتوصل إلى اتفاق تهدئة مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. وجدَّد التأكيد أن هدف العملية العسكرية المحتملة هو إضعاف قدرات عموم قوى المقاومة، والتوصل إلى اتفاق تهدئة معها وخصوصًا حركة حماس بالشروط “الإسرائيلية”.
التهديدات المتواترة على لسان (نفتالي بينيت) وأركان حكومته، بشنِّ الحرب على القطاع، ترافقت مع مع استفزازات المستوطنين في مناطق القدس، تحت ما يُسمَّى بمسيرات الأعلام التي نفذوا جزءًا منها، بمشاركة ألف متظاهر من ستين ألفًا كان يتوقع أن يشاركوا بها، وينوون توسيعها بوقت لاحق. والامتداد بها باتجاه الضفة الغربية المحتلة. فقد كانت القناة العامة “الإسرائيلية” (“كان 11″) قد أشارت إلى أن “هذه المسيرات ستمرُّ عبر قرى فلسطينية بالضفة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع”. وبالفعل وزَّعت مجموعات المستوطنين بياناتٍ سياسية ومنها البيان الذي يقول: “سنخرج في مسيرات في جميع أنحاء يهودا والسامرة (الضفة المحتلة)، ونوقف بأنفسنا السيطرة العربية غير القانونية “على الأراضي”.
إن تلك المسيرات الاستفزازية ستشعل لهيب الأوضاع مُجددًا حال سمحت لها حكومة (نفتالي بينيت)، وخصوصًا في منطقة القدس، في المدينة ومحيطها، حيث يصطف أبناء المدينة من الفلسطينيين صفًّا واحدًا متراصًّا لمواجهة تلك المسيرات الاستفزازية دفاعًا عن المدينة الفلسطينية، وعن الأقصى، وعموم الأوابد العربية الإسلامية والمسيحية. وبالتالي لن تكون المدينة لقمة سائغة بيد عصابات ومجموعات المستوطنين الصهاينة في ظل اندفاع مواطني المدينة للدفاع عنها كما جرى في الشيخ جرَّاح وساحة باب العمود..إلخ.
ويتوقع في هذا المجال، أن تكون الحالة الوطنية الفلسطينية، وخصوصًا على مستوها الشعبي، قد أعدَّت العدَّة لمواجهة التصدي لاستفزازات المستوطنين، بأنشطة وفعاليات ستنظم في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، مع التركيز على التقاطعات والطرق الرئيسية وقمم الجبال، حيث يسعى المستوطنون إلى إقامة بؤر استيطانية عشوائية فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة وفرضها كأمر واقع.
إن الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة، الائتلافية العريضة، لا تختلف عن حكومة نتنياهو السابقة في ظل وجود (نفتالي بينيت) على رأس قيادتها. بالرغم من وجود ثمانية أحزاب في ائتلاف هذه الحكومة، والتي تضم ألوانًا سياسية وفكرية من اليمين (نفتالي بينت زعيم حزب “يمينا”)، إلى يمين الوسط (يائير لبيد زعيم حزب ييش عتيد)، إلى “اليسار الصهيوني” (حزب العمل وكتلة ميرتس)، إلى القائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس بنوابها الأربعة. فالصوت الأعلى والمُقرر في هذه الحكومة هو صوت (نفتالي بينيت)، الذي يُعد بمثابة (نتنياهو رقم 2) في سياساته وتطرفه ومواقفه.

كاتب سياسي فلسطيني
دمشق ـ اليرموك

Related posts

قمة الرياض… قمة فاصلة، فهل تنجح وكيف؟

قمة الرياض وتحولات جيواستراتيجة* الدكتور أحمد الشناق

لا نريد كلاما* ماهر أبو طير