لا أحد ينكر أن التعليم أكثر القطاعات تضررا من جراء جائحة كورونا وبخاصة في بداياتها التي جاءت دون مقدمات أو جاهزية تذكر، وإن استمرار الرضوخ لمتطلبات التعامل مع وباء كورونا قد يزيد من معاناة هذا القطاع الحيوي في المجتمع؛ نتيجة ارتباطه بالقطاعات الأخرى التي تعتمد على حركته ونشاطه على مدار العام.
إن التعليم وسط هذه التطورات المستمرة والتحورات المتعددة لهذا الفايروس ينبغي أن يتم التعامل معه وفق أسس استثنائية تراعي الحالة الوبائية والواقع الموجود في مؤسساتنا التعليمية، وهذا الأمر يضعنا أمام مسار ذي ثلاث شعب، هي:
أولاً: الاستمرار في التعلم عن بعد بالطريقة التي عليها التعليم الحالي دون النظر في المعوقات التي ظهرت خلال الفترة الماضية أو التعامي عنها لضمان الاستمرار في التعليم بكلف مالية ومادية أقل.. وهذا التحدي الأكبر من جديد.
ثانياً: الانتقال إلى التعليم الوجاهي_التقليدي دون ضوابط أو خطط ترتكز على الاشتراطات الصحية الوقائية التي تضمن سلامة جميع عناصر العملية التعليمية التعلمية سواء الطلبة أم المعلمين أم الإداريين والعاملين الأمر الذي سيزيد الوضع سوءاً؛ فنضطر حينها إلى تعليق الدراسة والعودة إلى التعلم عن بعد بصيغة تقليدية شاملة لنفس العقبات دون معالجة، ونفس المعاناة للمعلمين والطلبة.
ثالثاً: الاستعداد الكامل لجميع الظروف من خلال الذهاب باتجاه التعلم المدمج ( blended learning) وتصميم مناهج تناسب هذا الشكل من التعلم الذي يراعي جميع الظروف الصحية والوبائية وواقع الحال في مؤسساتنا التعليمية، يرافق ذلك برامج تنمية مهنية متخصصة لجميع الكوادر التعليمية والإدارية لحين تجاوز هذه الظروف الصعبة على الجميع.
وفي هذا السياق؛ فإنه يمكن الاستعانة بالنموذج المقترح الذي صممه المستشار في المركز الوطني للمناهج الأستاذ الدكتور خالد أبو لوم، إذ يعد لبنة متينة يمكن البناء عليها بشكل يضمن مواجهة محترفة للتعامل مع هذا الوباء، كما يضمن رضى المجتمع عن الجهود التي تبذل في هذا القطاع لحين الوصول إلى ثقافة مجتمعية تتقبل هذا الشكل من التعلم الذي يواكب مهارات التعلم في القرن الحادي والعشرين.
مهما يكن من أمر؛ فإنه إذا كان التعليم قد سقط أرضا في المواجهة المباغتة على حلبة الصراع مع وباء كورونا بفارق النقاط؛ فإننا نؤكد أن العودة إلى التعليم الوجاهي_التقليدي ستسقط التعليم مرة أخرى على نفس الحلبة ولكن بالضربة القاضية ومن الجولة الأولى.