عروبة الإخباري – مع بدء الساعات الأولى من صباح يوم الخميس، احتشد سكان هونغ كونغ، لاقتناص نسخة من الإصدار الأخير لصحيفة آبل ديلي المؤيدة للديمقراطية، والتي أُجبرت على الإغلاق بعد 26 عاما، بعد أن أصبحت هدفا لحملة قمع أمنية.
وتصاعدت المشاعر مع اصطفاف مؤيدي الصحيفة الشعبية، التي واجهت ضغطا شديدا منذ أن تم القبض على مالكها وناقد بكين، جيمي لاي، بموجب قانون الأمن القومي، في أغسطس العام الماضي، حيث اصطف الناس في قائمة انتظار للحصول على نسخهم الأخيرة بعد منتصف الليل بقليل.
وقالت تسي (60 عاما)، وهي عاملة طبية سابقة: “لم أستطع النوم جيدا في الليالي القليلة الماضية”، مضيفة بينما كانت تستند على عربة لدعم اتزانها منتظرة دورها في طابور أمام بائع جرائد في منطقة الطبقة العاملة في مونغ كوك في وقت مبكر من يوم الخميس: “آمل أن يظل الصحفيون مخلصين لإيمانهم وأن يواصلوا العمل الجاد”.
وقامت شركة “آبل ديلي” بطباعة مليون نسخة من العدد الأخير يوم الخميس، أي أكثر من 10 أضعاف عدد نسخ الطباعة المعتاد، بعد أن جمدت السلطات أصولها وأوقفت خمسة من مسؤوليها بموجب قانون الأمن القومي الذي فرضته بكين على المدينة، منهية 26 عاما من انتقاد السلطات الصينية.
ويشكل الإغلاق المفاجىء أحدث ضربة للحريات في هونغ كونغ ويزيد من التساؤلات حول إمكانية أن تبقى المدينة مركزا إعلاميا وحرا، بعد أن فرضت بكين قانون الأمن على المركز المالي العالمي، العام الماضي، وبدأت حملة قوية لإسكات المعارضة.
وتجمّع مئات أمام مقر الصحيفة مساء الأربعاء ورددوا رسائل الدعم فيما كان الصحافيون يعدون النسخة النهائية من الصحيفة.
أما الموضوع الذي اختاره المحررون للصفحة الأولى، فكان صورة لهؤلاء الحشود مع عنوان “سكان هونغ كونغ في وداع مؤلم تحت المطر يقولون: نحن ندعم آبل ديلي”.
وكان نحو 500 ضابط أمن قد داهموا مقر الصحيفة الأسبوع الماضي في بث أذيع على الهواء على الإنترنت أظهر تدقيق السلطات على تدوينات المراسلين ومواد صحفية أخرى، وصادرت أجهزة كومبيوتر وأوقفت كبار مسؤوليها، في مشاهد أثارت إدانات دولية.
فقد ألقت السلطات القبض على خمسة من المديرين التنفيذيين، واتهمت اثنين من رؤساء التحرير، ريان لاو، (47 عاما)، وتشيونغ كيم (59 عاما)، بتهمة “التواطؤ مع دولة أجنبية أو مع عناصر أجانب بغية تعريض الأمن القومي للخطر”، بسبب سلسلة مقالات.
والأربعاء، اعتقلت السلطات كاتب عمود في الصحيفة يبلغ من العمر 55 عامًا بموجب قانون الأمن القومي.
وجمدت السلطات أيضًا أصول الشركات المرتبطة بالصحيفة، ما أدى إلى عدم قدرة الصحيفة مواصلة عملها أو دفع رواتب موظفيها.
وبات حوالي ألف شخص، بينهم 700 صحافي، عاطلين عن العمل الآن.
أما مالك الصحيفة، لاي، (73 عاما) فهو موجود حاليا في السجن بسبب المشاركة في التظاهرات المؤيدة للديموقراطية، وكان بين أول من وجهت اليهم التهم بموجب القانون الذي اعتُمد السنة الماضية.
فرضت بكين قانون الأمن القومي في هونغ كونغ السنة الماضية رداً على التظاهرات الهائلة المؤيدة للديموقراطية عام 2019، عندما شهدت هونغ كونغ على مدى أشهر تظاهرات وتحركات شبه يومية للتنديد بتدخل الصين في الشؤون الداخلية للمدينة التي تتمتع في المبدأ بحكم شبه ذاتي.
وتقول السلطات إن الحملة ضد “آبل دايلي” سببها مقالات تعتبر أنها تدعم العقوبات الدولية ضد الصين، وهو رأي بات حاليا يعد مخالفًا للقانون.
وهذه المرة الأولى التي تؤدي آراء سياسية تنشرها وسيلة إعلامية في هونغ كونغ إلى ملاحقات بموجب قانون الأمن القومي.