عروبة الإخباري – رفع الجيش الإسرائيلي من مستوى جهوزية قواته استعدادا لتنظيم “مسيرة الأعلام” الاستفزازية في مدينة القدس المحتلة، اليوم الثلاثاء، فيما دعت الفصائل الفلسطينية للتصدي للمسيرة التي ستشهد مشاركة آلاف المستوطنين، محذرة من أن المسيرة “ستفجر معركة جديدة للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى”.
يأتي ذلك فيما عقد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عومر بار-ليف، مساء الإثنين، جلسة للاطلاع على استعدادات أجهزة الأمن الإسرائيلية والتقديرات عشية تنظيم “مسيرة الأعلام”، بحضور كل من المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، وقائد شرطة الاحتلال في القدس، دورون تُرجُمان، بمشاركة ممثلين عن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك).
وفي ختام جلسة تقييم الأوضاع التي شهدت استعراضا لـ”خطط الشرطة العملياتية” لتنظيم مسيرة المستوطنين التي تشمل رقصة بالأعلام الإسرائيلية في ساحة باب العامود، على أن تمر عبر شوارع البلدة القديمة، وصولا إلى باحة حائط البراق، صادق بار-ليف على المسيرة، وقال: “الانطباع الذي تشكل لدي هو أن الشرطة مستعدة جيدًا وأنه قد بذل قدر كبير من الجهد للحفاظ على النسيج الحساس للحياة والسلامة العامة”.
وكان بار-ليف قد صرّح في وقت سابق، اليوم، بأن “القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل؛ في نظام ديمقراطي يجوز التظاهر والقيام بمسيرات كهذه أو تلك، طالما كان ذلك وفق القانون”؛ مشددا على أن “مسيرة الأعلام” ستقام كما هو منظم لها، مشيرا إلى أنه سيبحث مع قادة الأجهزة الأمنية سيناريوهات التداعيات المتوقعة.
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي نشر بطاريات إضافية لمنظومة “القبة الحديدية” للدفاعات الجوية، تحسبا لتجدد إطلاق الصواريخ من قطاع غزة المحاصر. كما أشار الموقع الإلكتروني لصحيفة “هآرتس” إلى رفع جهوزية الجيش الإسرائيلي ورفع مستوى التأهب في صفوف قواته.
وذكر المراسل العسكري للقناة 13 الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي يستعد لإمكانية “تجدد القتال في غزة”. وأضاف أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أبلغ قادة الوحدات العسكرية بالاستعداد لاستئناف القتال في غزة على خلفية “مسيرة الأعلام”.
ونقل موقع “واللا” الإسرائيلي عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن الجيش الإسرائيلي سيحشد قوات إضافية في مناطق التماس في محيط مدينة القدس والضفة الغربية المحتلة، خشية من “عمليات شعبية” كردة فعل غاضبة على تنظيم “مسيرة الأعلام”، كما سيتم رفع “مستوى يقظة” منظومة الدفاع الجوي.
كما قررت شرطة الاحتلال تعزيز قواتها في مدينة القدس عشية “مسيرة الأعلام”، وقالت صحيفة “معاريف”، في وقت سابق اليوم، “تستعد الشرطة بقوات متزايدة لمسيرة الأعلام التي سيقام الثلاثاء في القدس، وخوفًا من الاشتباكات العنيفة بين المشاركين بالمسيرة والمتظاهرين المسلمين المتوقع وصولهم إلى المنطقة”. وأضافت: “سيتمركز رجال شرطة سريون وعلنيون على طول الطريق في منطقة باب العامود”، في إشارة إلى نشر عناصر من قوات “المستعربين” في محيط البلدة القديمة.
وذكرت القناة العامة الإسرائيلية (“كان 11”) أن الشرطة الإسرائيلية تستعد لمواجهة مظاهرات محتملة تنطلق في وادي عارة والجليل الأسفل والمدن المتخلطة وعلى رأسها يافا واللد، احتجاجا على “مسيرة الأعلام” الاستفزازية في القدس المحتلة. وقالت القناة إن الشرطة عززت من قوتها في البلدات والمدن العربية في مناطق الـ48.
إسرائيل تطالب مصر بتهدئة “حماس”
وبحسب القناة العامة الإسرائيلية فإن إسرائيل توجهت للسلطات المصرية، الأسبوع الماضي، وأكدت أن “‘مسيرة الأعلام‘ ستنظم في القدس غدا”. وطالبت مصر بـ”تهدئة” حركة حماس. ونقلت القناة عن مصادر قالت إنها مصرية، قولها: “نأمل أن تقام ‘مسيرة الأعلام‘ بموجب مخطط يمنع تفجير الأوضاع”.
وبحسب القناة، بعثت إسرائيل رسالة إلى مصر مفادها أنه “من حق إسرائيل إقامة المسيرة في جميع أنحاء البلدة القديمة دون معارضة، خصوصا أنها لا تنظم في فترة حساسة مثل شهر رمضان”؛ وأشارت القناة إلى “توترات” بين إسرائيل ومصر ظهرت خلال الأيام الأخيرة، وقالت: “ليس من الواضح إذا ما نقلت مصر الرسائل إلى حماس”.
واشنطن تمنع موظفيها من دخول البلدة القديمة
وفي هذا السياق، أصدرت السفارة الأميركية في القدس، قرارا منعت مواظفيها من دخول البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة، الثلاثاء، بالتزامن مع انطلاق “مسيرة الأعلام”، وسط تقديرات بانطلاق مظاهرات مضادة.
وجاء في بيان صدر عن وزارة الخارجية الأميركية أنه “يمنع موظفو الحكومة الأميركية وأفراد أسرهم من دخول البلدة القديمة، الثلاثاء”. وأوضحت أن “منع موظفينا جاء بسبب الدعوات إلى ‘مسيرة الأعلام‘ والمظاهرات المضادة المحتملة”.
وأضاف البيان أنه “”لأن الحوادث الأمنية غالبًا ما تحدث دون سابق إنذار، يُطلب من المواطنين الأميركيين أن يظلوا يقظين وأن يتخذوا الخطوات المناسبة للحفاظ على أمنهم وسلامتهم”.
حماس: إسرائيل تصر على “سلوكها الاستفزازي” في القدس
ومساء الإثنين، قالت حركة “حماس”، إن إسرائيل تصر على “سلوكها الاستفزازي” في مدينة القدس المحتلة، وذلك في بيان للناطق باسم الحركة، حازم قاسم، عشية “مسيرة الأعلام”.
وقال قاسم: “إصرار الاحتلال على سلوكه الاستفزازي في مدينة القدس استهتار بمشاعر كل الشعوب العربية والإسلامية والأحرار في العالم”.
وأضاف: “كما أنه استخفاف بكل القيم الإنسانية وتمرد على القوانين الدولية”. وشدد قاسم على ضرورة “توحيد جهود كل الأمة لمواجهة عدوان الاحتلال الصهيوني على مقدساتها”.
وفي تصريح صحافي صدر في وقت سابق، قال الناطق باسم “حماس”، عبد اللطيف القانوع: “ما يسمى مسيرة الأعلام المنوي تنفيذها غدا من قبل قطعان المستوطنين، بمثابة صاعق انفجار لمعركة جديدة للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى”.
وأضاف: “وهو ما يتطلب استنفار أهلنا في القدس والداخل المحتل، وتصديهم لقطعان المستوطنين بمختلف الوسائل والأدوات، وشعبنا معكم وخلفكم بمقاومته لإفشال مخططات الاحتلال”.
من جهته، أوضح حازم قاسم، وهو ناطق باسم “حماس” أيضا، أن “المقاومة الشاملة على مستوى الأدوات والساحات ضمن استراتيجية نضال موحدة تتبناها مؤسسة وطنية تجمع الكل، هي القادرة على مواجهة التغيرات السياسة في ساحة الاحتلال، ولمجابهة أي تحولات تخص القضية الفلسطينية، وأن يكون الرهان دائما على شعبنا ومقاومته الباسلة”.
من جانبها، دعت اللجنة المركزية لحركة “فتح”، الإثنين، الشعب الفلسطيني إلى التصدي لـ”مسيرة الأعلام”. وقالت اللجنة، في بيان، إن “مدينة القدس خط أحمر، وإن للشعب الفلسطيني إرادة صلبة، وإصرار على مقاومة الاحتلال وإفشال مخططاته الاستعمارية”.
وأضافت: “ندعو شعبنا الفلسطيني، وكوادر الحركة للتصدي لمسيرة المستوطنين في القدس، الثلاثاء، والوقوف صفا واحدا للدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية”؛ غير أن اللجنة لم توضح طبيعة التصدي، لكنها دعت إلى “الوحدة ورص الصفوف في مواجهة المخططات الإسرائيلية”.
وتابعت اللجنة في بيانها: “شعبنا العظيم في القدس يثبت أنه عصي على الكسر، ولن يرضخ لسياسة الأمر الواقع، وسيواصل صموده ومقاومته حتى يكنس عن أرض وطنه آخر جندي ومستوطن إسرائيلي”. واعتبرت أن “الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة والداخل والشتات، سيهزم هؤلاء الفاشيين من اليمين الصهيوني العنصري”.
وحمّلت مركزية “فتح”، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تفجير الأوضاع في القدس وعموم الأراضي الفلسطينية.
كما حذّرت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح المسلح لـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، من إقامة “مسيرة الأعلام”، وقال الناطق باسم الكتائب، أبو جمال، في بيان، “نتابع ونرصد استمرار تجاوزات قيادة العدو وقطعان مستوطنيه، بحق شعبنا في مدينة القدس المحتلة”.
وأضاف “محاولات الاستفزاز المستمرة من قبل قادة العدو وقطعان مستوطنيه، لعب بالنار، وتجاوز خطير لا يمكن السكوت عنه، لذا نحذر من استمرار ذلك والتفكير بإقامة ما تسمى مسيرة الأعلام، أو غيرها من المظاهر الاستفزازية”.
وتابع “لن نقول سوى إن لكم في معركة سيف القدس عبرة، فاعتبروا قبل فوات الأوان”، في إشارة للمواجهة المسلحة التي جرت مؤخرا، وأطلقت فيها الفصائل المسلحة مئات الصواريخ على إسرائيل.
مسيرات استفزازية في الضفة
وعلى صلة، دعت منظمات استيطانية إلى المشاركة في مسيرات استفزازية في الضفة الغربية المحتلة، يوم الإثنين المقبل، بدعوى “مواجهة البناء الفلسطيني غير القانوني على الأراضي الإسرائيلية” في إشارة إلى المناطق المصنفة “سي” في الضفة الغربية المحتلة.
وجاء في دعوة المستوطنين أن “العرب يسيطرون على المنطقة ويخنقون الاستيطان في إجراء إستراتيجي بتضمن تكثيف أعمال البناء.. يجب ألا نكون غير مبالين.. علينا أن نتحرك”، كما جاء في نص الدعوة أنه “سنخرج في مسيرات في جميع أنحاء يهودا والسامرة (الضفة المحتلة)، ونوقف بأنفسنا السيطرة العربية غير القانونية”.
وأوضح المنظمون أن المسيرات ستختتم باعتصامات في نقاط تماس يحاول المستوطنون السيطرة عليها في 15 موقعا في الضفة الغربية وذلك “بمشاركة أعضاء كنيست وحاخامات وشخصيات عامة”. ويظهر من نص الدعوة أن المسيرات ستنطلق يوم الإثنين 21 حزيران/ يونيو الجاري، الساعة الرابعة والنصف مساء.
وكان من المقرر أن تُنظّم “مسيرة الأعلام” الشهر الماضي، بدعوة من جمعيات استيطانية ومنظمات فاشية وكاهانية، بمناسبة الذكرى السنوية لاحتلال القدس الشرقية عام 1967، وفق التقويم العبري، ولكن جرى تأجيلها إثر الحرب الإسرائيلية على غزة.
ورفضت الشرطة الإسرائيلية في وقت سابق من هذا الشهر، طلب منظمات استيطانية، تنظيم “مسيرة الأعلام” الخميس الماضي، وفقا للمخطط الموضوع بمرورها من البلدة القديمة في القدس المحتلة.
وتحت ضغط رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، تمت الموافقة على تنظيم “مسيرة الأعلام”، يوم غد، الثلاثاء، بقرار صدر عن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت)، الذي التأم الأسبوع الماضي للبت في هذه المسألة.
وتتضمن المسيرة رقصة بالأعلام الإسرائيلية في ساحة باب العامود، إحدى بوابات بلدة القدس القديمة، على أن تمر عبر شوارع البلدة والحي الإسلامي، وصولا إلى باحة حائط البراق.
ووجّه ناشطون فلسطينيون دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، للاحتشاد في باب العامود بالتزامن مع المسيرة الاستفزازية. وكان مسؤولون وأحزاب فلسطينية قد حذروا من تبعات السماح بهذه المسيرة، محملين الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تداعياتها.