عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
انتصر الفلسطينييون في استعادة إرادتهم وكبريائهم ومكانتهم العربية وترجمة وحدتهم الوجدانية ورؤيتهم من خلال صمودهم الملموس طوال فترة العدوان الاسرائيلي على غزة والقدس ، وسجلوا الكثير مما يعتزون به من عموم فصائلهم ابتداء من حماس حتى كتائب الأقصى التي لم تشأ ان تكون في الصدارة وانما كان عملها كبيرا ومنظما ..
لم تغب فتح عن المشهد بل كانت حاضرة بقوة وكانت متحرفة وعملت كدينامو في الحشود في ساحات الأقصى وفي اعتصامات الشيخ جراح.
الرئيس عباس تابع المشهد وعمل بكل قوته واستطاعته ليظل هذا المشهد قابلا للتوظيف السياسي ومعززا لأوراق الفلسطينيين في التفاوض ولدى الرأي العام الدولي الذي أعطى الفلسطينيين مساحة كانت تزداد باستمرار قبل العدوان على غزة ومنذ تسخين ساحة القدس التي كان يتابعها الرئيس عباس..
أعتقد أنه الان بين يدي الرئيس عباس الذي ما زال عنوانا للفلسطينيين وكفاحهم وسلطتهم الكثير من الأوراق والمعطيات وان العالم ما زال يتعامل معه ويثق به ويراهن عليه، ليس حبا فيه لأنه قائد شعب مناضل ولكنه لأنه الجراح الذي يعرف أين يضع المبضع وأين يقود شعبه وكيف يجيّر النضال الوطني ولا يبدده ، وهذا ما ادركته قيادة حماس وخاصة القيادي اسماعيل هنية الذي يثق بالرئيس عباس ويرى أن دوره أساس في توظيف كل الانجازات الفلسطينية المتاحة..
لا مجال للمزايدة على الرئيس عباس فقد كان خطابه قبل تفجر الأزمة واضحا وقويا ولافتا، واستمر كذلك وظل يسند إرادة شعبه وإرادة المقاومين ولم يخذلهم ، وظلت اتصالاته الدولية قائمة بكثافة وتلف عواصم العالم كافة.. وظل الامريكيون الذين ما زالت قراءاتهم مهمة لجهة التوليد السياسي للمشهد على اتصال مع الرئيس عباس لأكثر من مرة وخاصة من الرئيس بايدن الذي ما زال يرى أن الفلسطينيين عنوان واحد في التعامل الدولي معهم وكذلك يرى الأوروبييون..
يدرك الرئيس ابو مازن أن هناك محاولات اسرائيلية يمينية يمثلها حكومة نتنياهو الراغبة في البقاء في كراسيها مهما كلف الأمر أن نتنياهو يريد العودة إلى نقطة الصفر حين أراد أن لا يكون لعدوانه على الفلسطينيين ثمن، وان لا يكون وقف القتال بشروط وهو يريد تقليد شارون حين انسحب من غزة من طرف واحد.. لكن نتنياهو وحكومته والاجنحة المناصرة لحكومته او التي تنتظر ان ترثها لن تستطيع ان تفلت من الاستحقاقات المترتبة على العدوان والتي لا بد أن تقود الى البحث في اصل المشكلة وهي ازالة الاحتلال وعدم اتخاذ اي اجراءات جديدة في القدس او الشيخ جراح، وجملة من الخطوات كان الرئيس عباس حريصا عليها منذ واجه بشجاعة ادارة ترامب ورفض الضم والتقسيم وانتهاكات الحرم وسياسة الأسرلة والتهويد وظل يضع العالم في صورة ما يجري..
الشعب الفلسطيني الان أكثر من أي وقت مضى يريد قيادة تحافظ على نضاله ومقاومته ولا تبددها، فالتصريحات العديدة قد لا تجدي وانما الذي ينفع الشعب الفلسطيني ويمكث في الأرض نضاله هو التوظيف الحي والمباشر لكفاحه في قرارات سياسية مثمرة يرى العالم انها توصل إلى قادة الدول الفلسطينية عبر تفاوض جاد يبدأ من حيث انتهت الجهود العديدة والسابقة ،ويأخذ بحل الدولتين ليس كشعار وانما كتطبيق ، فقد مل الفلسطينيون النفاق الدولي والوعود التي لا طائل وراءها وقد التزم المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة بمساعدة الشعب الفلسطيني ..
الرئيس عباس لا يحب المزايدات أو الرطانة والكلام المجاني وهو صامد صابر صلب يتابع ويرى أن المقاومة الشعبية واسعة المجال ومتعددة الوسائل وان الدفاع عن النفس وهو ما حدث في مواجهة العدوان الاسرائيلي الفاشي هو مسائل مطلوبة وضرورية، فما زال الشعب الفلسطيني يخوض مرحلة حركة الحرير الوطني وما زال بحاجة إلى تلاحم القوى .
الاوراق الفلسطينية اليوم بين يدي الرئيس عباس مثمرة وهي بحاجة إلى دعم عربي ودولي وإلى دعم كل المنظمات الأممية والدولية وكل ذلك في منتناول الرئيس عباس، فما سمعناه من العالم الان يشجع ويدرك الامريكيون انفسهم الذين اتهموا منظمة التحرير الفلسطينية وأغلقوا مكاتبهم ومنعوا المساعدة عن وكالة الغوث وأداروا ظهرهم لحل الدولتين ..
الإدارة الجديدة الان تراجع مواقفها وتتكلم لغة جديدة لن يشتريها الفلسطينيون إلا بالتنفيذ والممارسة وهي المواقف التي لم يكن لها لتحدث لولا جهود الرئيس عباس وادارته التي عملت الكثير حتى قبل الاعتداء على غزة، فقد كان لصمود القيادة الفلسطينية ومواجهتها واصرارها ما جعل الادارة الامريكية تراجع مواقفها وما زالت تفعل..
أدعوا عموم فصائل العمل الاسلامي والوطني إلى رص الصفوف خلف الموقف السياسي الفلسطيني الذي يمثله الرئيس عباس، لأنه الموقف الذي يوصل ويحافظ على انجازات المقاومة ولا يبددها فالعالم يفهم لغة الشراكة وليس لغة النزق وإدارة الظهر..
حماس تدرك الان وربما أكثر من حتى جهات لدى السلطة أن القيادة الفلسطينية قيادة الرئيس عباس هي من الضرورة بمكان أن تستمر في قيادة الشعب الفلسطيني وأن تحظى بالتزكية لتتمكن من نقل كل هذا الحصاد الذي أنجزنه المقاومة إلى البيدر واعطاء الخبز للخباز.