تأجيل الانتخابات الفلسطينية..الضربة القاضية وتعرية إضافية للاحتلال!!

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب   
استحق تأجيل الانتخابات كره أشبه بكره القتال وأشبه بالضرورات التي تبيح المحظورات ..
أنا متأكد انها كانت لحظات صعبة على الرئيس ابو مازن حين أعلن تأجيل الانتخابات التي عمل من أجلها وتحمس لها وسعى بفكرتها في المجتمع الدولي، وكسب لها الانصار في كل العالم قبل ان يُشهدهم على ما عملته اسرائيل من ممارسات جعلت امكانية انفاذ الانتخابات مستحيلا، لانها افقدتها مبرراتها بل وارادت استثمار قبول الفلسطينيين بانتخابات دون القدس و ذلك يؤكد الرواية الاسرائيلية ويجد للمواقف الامريكية التي صنعتها ادارة ترامب وانصارها مبررات..
فعلها الرئيس عباس بكل ثقة.. فقد امسك الأفعى من رأسها و اعلن تأجيل الانتخابات، لأن القدس والتحرير و حق تقرير المصير اهم من اجراء الانتخابات، لأن الانتخابات في حد ذاتها وسيلة وليست غاية..
لقد استفاد الفلسطينيون من اجواء الانتخابات التي شحنتهم وكشفت عن قوتهم للانخراط فيها، فكان الاقدام عليها منقطع النظير وحتى ما أخذ عليها من تعدد لقوائمها انما هو امر طبيعي فهذا حق لا يستطيع احد مصادرته..
الخشية ليست في وقف الانتخابات التي يمكن اجراؤها في اي لحظة تسلم فيها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في اجرائها في القدس ايضا وان الخشية كانت هو ان تدفع بعض الجهات التي لا تقرأ المشهد متكاملا وانما على طريقة “ولا تقربوا الصلاة” ان يكون القرار بإجراء الانتخابات عند ذلك ستكون الكارثة..
الآن يؤجل الرئيس الانتخابات مستجيبا لنداء الوطن ولرغبة الشارع الفلسطيني في اغلبه وللقوى الحية الحريصة والتي تحركت لصناعة انتخابات معاصرة حيوية..
الرئيس اشهد المجتمع الدولي منذ اليوم الاول على الممارسات الاسرائيلية، ونضاله في هذا السياق هو امتداد لنضاله في توليد الدولة الفلسطينية منذ اليوم الاول لبعثها كمراقب تم تطوير مكانتها في المجتمع الدولي!!
الى ان وصلت حالة متقدمة ولا اعتقد ان اي جهة دولية او محترمة يمكنها الان ان تلوم الرئيس عباس على موقفه، لانه لم يبق اسلوبا وطريقة إلا قام بها لإدخال القدس الى المشهد، ويُمكّن مواطنيها الفلسطينيين من المشاركة..
لقد كان الرئيس واضحا شجاعا وصادقا ومبشرا وبعيدا عن التبريرية او مجادلة تسويق فكرة ادارة ازمة حين عمد الى ذكر كل الحقائق امام القوى الفلسطينية ومواقف الدول والمنظمات والهيئات والموقف الاسرائيلي بالمقابل..
لن تكون القدس لقمة سائغة للاحتلال والجماهير التي اسقطت الكاميرات رغم التآمر متعدد الاتجاهات وكنست باب العمود من الحواجز التي اراد الاحتلال ان يجعلها عنوان للقدس..
ولذا فان القدس ستعود لفتح باب الصراع مرة اخرى وستنقله الى مستويات اخرى فالسلام يبدأ من القدس وينتهي في القدس.. واذا كان اليمين الاسرائيلي يسوغ لنفسه واتباعه أن القدس يهودية وتعني اليهود والاسرائيليين فقط ، فقد كان رد الرئيس عباس واضحا و حجر اساس لأي مواقف لاحقة يمكن ان تبنى على ذلك..
لقد قطع الرئيس ابو مازن دابر المزايدين.. ولكم ان تتصوروا ان الرئيس وافق على اجراء الانتخابات بدون القدس .. ضعوا السيناريو الذي تريدونه فهل سيبقى شخص واحد لا يزايد عليه في قضية القدس؟ اذن اراد الرئيس ان يقول: “الشباك الي بيجي منه الريح سده واستريح”.. وأخذ بمبدأ “الحق اولى ان يتبع والبعد عن الشبهات”..
فقد قدر الرئيس عباس الظروف بعد متابعة دقيقة ومعايشة وثيقة ليخلص وبمشاورات مع اطراف فلسطينية هامة ومعنية..
كان الصعب اقناع الفلسطينيين باجراء الانتخابات وكان الوحيد القادر من القيادات على اقناع القوى المختلفة هو الرئيس عباس وقد فعل بعد مشاوارات مع العالم واصدار المراسيم ولكن الرئيس يدرك تماما انه لا يستطيع ان يقنع احدا في شعبه بإجراء الانتخابات بدون القدس..
الآن تبدأ المعركة من اجل القدس بعد قرار الرئيس.. والآن لا بد ان يتراكم النضال ليشكل قوة كافية للرد على هذا الاحتلال الاعمي ليبصر ان طريق مصادرة القدس وتهويدها واسرلتها هو طريق مغلق وان بدا لليمين الاسرائيلي غير ذلك ..
يستحق قرار الرئيس عباس بتاجيل الانتخابات التقدير.. كان قرارا صعباً ومراً مرارة الدواء، ولكنه كان الرد الحاسم على الاحتلال الذي اراد ان يمعن في سياساته…
القدس الآن ستعيد موضعة المنطقة والفلسطينيون من قبل شهدوا العالم والعرب والمجتمع الدولي على ما يجري، وما زالوا وهم يمسكون زمام المبادرة وسيظلون كذلك ، فالقدس توحد ولا تفرق وهي عنوان فلسطيني كبير وعريض..
يا سيادة الرئيس لقد اتخذت القرار الصائب رغم صعوبته ومرارته، وعكست خبرتك وارادة شعب وقدرته على النضال، ولن ينفع الاحتلال استمرار التلويح بقوته والمراهنة على انقسام الفلسطينيين وتشتيت ارادتهم، ففى الاخير فإن الامة الفلسطينية لا تجمع على ضلالة والقيادة الفلسطينية التي ناضلت نضال عميقا مع المجتمع الدولي لرد الهجمة الاسرائيلية عن القدس لن تسمح بتسويغ القتل الاسرائيلي، ولن تبارك صفقات اية اطراف دولية.. في هذا السبيل بعد الغاء الانتخابات يستطيع الفلسطينيون الآن ان يكون لديهم بدائل في اعادة صياغة وحدتهم الوطنية وفي ردم الانقسام فقد اقتربوا كثيرا من ذلك وكان تمرين الانتخابات تمرينا حيويا نافعا ستكون لها اثاره وهو جزء من الرد على سلطة الاحتلال التي اعتقدت انها بتعطيل مشاركة المقدسيين في الانتخابات ورفضها مشاركتهم انها تحصل على شرعية لاحتلالها..
خطوة الرئيس ابو مازن تحتاج الى عمل وإلى سقاية وتعهد، وإلى شرح ودفاع عنها والى جهود نقف وراءها وهي جهود المقاومة الشعبية واسعة الانتشار!!

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

“النزاهة” تستضيف وفداً أكاديميّاً من جامعة القدس الفلسطينية