الإنتخابات في القدس. .. صراع بين إرادتين. … الحق والباطل ؟
د فوزي علي السمهوري
تحتل مدينة القدس بالنسبة لفلسطين وللشعب العربي الفلسطيني مسلميه ومسيحييه موقع القلب لمكانتها التاريخية والحضارية والدينية على مر العصور .
القدس بوصلة النضال الوطني :
مثلت القدس وستبقى تمثل القاسم المشترك الأعلى في اولوية تحريرها من القوات الإستعمارية الإسرائيلية ليس لدى الشعب الفلسطيني فحسب بل لدى الغالبية الساحقة من الشعب العربي والأمة الإسلامية وأحرار العالم مما اكسبها أهمية خاصة بإمتياز في البعدين السياسي والديني .
ماذا تمثل القدس للشعب الفلسطيني داخل الارض المحتلة وخارجها :
مثلت ولم تزل تمثل القدس لمكانتها الدينية والعروبية هدفا لنضال الشعب الفلسطيني غير قابل للمساومة فهي :
— تمثل بوصلة لنضاله الوطني الذي قدم آلاف الشهداء والجرحى والأسرى من أجل تحرير وطنه التاريخي وقلبه القدس .
— كما تشكل له المركز الديني والتاريخي والحضاري .
— ستبقى العاصمة الروحية والسياسية والوطنية لدولته الواقعة تحت الإحتلال والمستقلة بعد تحريرها بدحر القوات المستعمرة بإذن الله .
ماذا تمثل الإنتخابات للشعب الفلسطيني :
تمثل الإنتخابات التشريعية للشعب الفلسطيني :
— التاكيد على إيمانه بالديمقراطية لاختيار من يمثله في إدارة شؤونه داخل الأرض المحتلة إثر عدوان حزيران 1967 عبر صندوق الإنتخاب .
— ترجمة وترسيخا لمبادئ الديمقراطية التي تضمنها القانون الأساسي والتعديلات التي طرأت عليه تعزيزا للنهج الديمقراطي في عهد الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس رئيس منظمة التحرير الفلسطينية .
— تعبير عن التعددية السياسية وترسيخ لحقوق الإنسان . الشرعية الفلسطينية :
تتمثل الشرعية الفلسطينية في منظمة التحرير الفلسطينية بمؤسساتها المجلس الوطني الذي يضم تلقائيا اعضاء المجلس التشريعي المنتخب والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية كونها إنتزعت صفتها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني المعترف به عالميا بشرعية نضالها .
السلطة الوطنية الفلسطينية :
إذن منظمة التحرير الفلسطينية بحكم وحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني تمثل المرجعية السياسية والوطنية العليا للسلطة الوطنية الفلسطينية التي نشأت بقرار صادر عن المجلس المركزي الفلسطيني وبالتالي فالمجلس التشريعي لا يمنح السلطة الوطنية الفلسطينية بمؤسساتها صفة التمثيل الشامل للشعب الفلسطيني .
القدس إنتخابيا :
القدس تاريخيا جزء لا يتجزأ من ارض فلسطين المحتلة التي استكمل إحتلالها إثر عدوان حزيران 1967 كما اقرتها كافة القرارات الدولية ومنها قرار مجلس الأمن 2334 وقرار محكمة لاهاي .
لذا كان من الحكمة التاكيد على اهمية وخصوصية القدس لعروبيتها الفلسطينية في نص المرسوم الرئاسي الصادر في 15 / 1 / 2021 بدعوة الشعب الفلسطيني في القدس وجميع محافظات الوطن للمشاركة في إنتخابات المجلس التشريعي .
فالقدس تمثل البعد الروحي إلاستراتيجي في معركة إنهاء الإحتلال الإسرائيلي وما العملية الإنتخابية ومعركة إجراءها في القدس الا إحدى أدوات الاشتباك النضالي نحو تحقيق هدف المشروع الوطني النضالي الفلسطيني بالحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
بناءا على ما تقدم فإن إستراتيجية القيادة الفلسطينية بربط وتعليق المضي بالعملية الإنتخابية في موعدها بإزالة كافة العوائق والعقبات التي تفرضها سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي التي تحول دون تمكين مواطني القدس من ابناء الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقهم الأساسية بالمشاركة بالانتخابات إقتراعا وترشيحا وإقامة الفعاليات الدعائية للقوائم الإنتخابية هي إستراتيجية وطنية بإمتياز تحظى بدعم وإلتفاف جماهيري قل نظيره من قبل الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها ومن أحرار العالم .
فالقدس إذن تمثل تحد وطني يتطلب حث المؤسسات والمنظمات الاقليمية والدولية لحشد قوة ضاغطة بكافة السبل المتاحة بالتعاون مع حكوماتها وبرلماناتها للعمل على إلزام سلطات الإحتلال الإستعمارية الإسرائيلية بتنفيذ القرارات الدولية ذات العلاقة التي تؤكد على أن القدس أرض فلسطينية محتلة وبالتالي إجراء الانتخابات التشريعية تبعا لذلك .
مواجهة التعنت الإسرائيلي :
تتحمل سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية كامل المسؤولية القانونية والحقوقية والسياسية والمعنوية عن تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية في حال منع إجراءها في القدس يمكن مواجهة الرفض والتعنت الإستعماري الإسرائيلي .
هذه المسؤولية ترتب على :
أولا : الأمم المتحدة :
ان يبادر امين عام الامم المتحدة بدعوة مجلس الأمن للإضطلاع الفوري بمسؤولياته للعمل على إلزام إسرائيل كسلطة إحتلال لتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقدس خاصة وفلسطين عموما تحت طائلة فرض العقوبات المنصوص عليها في نظام الأمم المتحدة وميثاقها .
ثانيا : الإتحاد الأوروبي :
يقع على الإتحاد الأوروبي بما يتمتع به من نفوذ سياسي وإقتصادي مسؤولية خاصة لدوره بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وربط مستوى العلاقة بمدى إلتزام الدول بذلك مما يستدعي أن ترفع سوط العقوبات الاقتصادية وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي في حال إستمرار سلطات الإحتلال الإسرائيلي رفض إحترام وتنفيذ القرارات الدولية أو وضع عراقيل أمام سير الإنتخابات التشريعية في القدس وباقي مدن وقرى الضفة الفلسطينية .
ثالثا : الجامعة العربية :
امين عام الجامعة العربية معني بتكثيف الجهود البينية العربية للإضطلاع بدورها في دعم الموقف الفلسطيني عبر مخاطبة إدارة الرئيس الأمريكي بايدن وإدارته لمطالبته بالكف عن الإزدواجية في التعامل مع القضية الفلسطينية وما يعنيه ذلك من ضرورة دعوته للضغط الفعلي لالزام دولة الإحتلال الإسرائيلي بتنفيذ القرارات الدولية على أرض دولة فلسطين تحت الإحتلال ورفع الفيتو الأمريكي عن الإعتراف بدولة فلسطين كعضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة .
رابعا : دول العالم الصديقة :
هذه المرحلة تتطلب من كافة الدول الصديقة بمنظماتها وتكتلاتها الإنتقال بشكل الدعم لحقوق الشعب الفلسطيني من إطاره النظري الى إجراءات عملية رادعة سياسية وإقتصادية ودبلوماسية بحق إسرائيل كدولة إستعمارية عنصرية توسعية مارقة متمردة على النظام الدولي الممثل بالأمم المتحدة ومؤسساتها وإلى حث الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لإتخاذ إجراءات داعمة للحق الفلسطيني ورادعة لسلطات الإحتلال حتى إذعانها لتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
خامسا : منظمات حقوق الإنسان :
لمنظمات حقوق الإنسان دور مميز فيما يتعلق بفضح وتعرية الإنتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان الفلسطيني التي ترتكبها سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية بحرمانه من ممارسة حقه بتقرير المصير وبوضع عقبات وعراقيل أمام تمكينه من ممارسة حقه المشاركة بإختيار ممثليه عبر صندوق الإقتراع الذي يعد حقا أساس مكفول بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
إن معركة الإنتخابات عامة وفي القدس خاصة تمثل صراعا بين إرادتين إرادة الحق الفلسطيني وإرادة الباطل الإستعماري الإسرائيلي. .. الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي وأحرار العالم يتطلعون إلى دعم إرادة الحق ونبذ إرادة الباطل. … وهذا أضعف الإيمان….
القدس غير قابلة للتنازل أو المساومة. …فهي قضية مبدئية… لا يحق لأي كان ان يقلل من مكانتها في صراعنا مع الإحتلال تحت أي ذريعة… ستبقى فلسطينية عربية وإن طال الزمن … فإرادة الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية لن تستكين … حتى دحر الإحتلال الإسرائيلي وإقامةالدولة العربية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948. ..؟!