في النهاية هي أزمة إدارة / د.هايل ودعان الدعجة

تكاد تكون الاراء متقاربة وربما مشتركة عند الحديث والنقاش حول اسباب الاشكاليات والصعوبات التي يعاني منها بلدنا، والتي لا تعدو كونها ازمة ادارة.. مما يؤكد بانه لا يوجد شيئا جديدا، وان الجميع تقريبا متفق مع هذا الوصف او التشخيص، وبالتالي لا داع للوقوف مطولا عند هذه النقطة، ولا بد من الانتقال منها الى مرحلة العلاج والبحث عن الحلول، والتي هي ايضا ليست صعبة ولا مستحيلة، وانما ينقصها الارادة الحقة بضرورة الاخذ بها وتطبيقها من خلال تغيير النهج العقيم المتبع في اختيار القيادات الادارية الاردنية وانتقائها، بعيدا عن الشللية والواسطة والمحسوبية، التي دائما ما تكون على حساب الكفاءات والمؤهلات الوطنية التي يزخر بها مجتمعنا. إذ لا يعقل هذا الصمت المطبق عن هذا الخلل الاداري الواضح والكبير الذي تعاني منه الادارة الاردنية، عندما ارتضى مطبخ القرار لهذا المرض الاداري ان ينتشر ويستفحل في كافة قطاعات الدولة ومؤسساتها، مطلقا العنان لموجات الانتقاد والاحتجاج التي وصل بعضها حد التجريح والاساءة وتجاوز الحدود، مكتفيا باطلاق تبريرات واهية لم تعد تقنع احدا، مما يجعل منه المسؤول المباشر عن هذه الاجواء الاحتجاجية، عندما وفر لها البيئة التي تعتاش عليها حتى مع وصولها مستويات غير معقولة وغير مقبولة، وتتطلب التعاطي معها بكل مسؤولية عبر التفكير الجدي بضرورة وضع الاداء العام على السكة الصحيحة من خلال الانصياع للغة الادارة ومتطلباتها الكفيلة بانقاذ الوضع من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب والابتعاد عن الدائرة اياها في اختيار المسؤولين وتعيينهم وكأنه لا يوجد غيرهم في البلد مع ان معظمهم جرب في اكثر من موقع، وحتى في الموقع نفسه عدة مرات دون ان يقدم شيئا جديدا، وكأن العملية مقصود منها الابتزاز والاستفزاز وليس مراعاة الصالح العام. اضافة الى انها تعتبر من اهم الاسباب والعوامل المحركة للاحتجاجات والتظاهرات. فكيف لدولة كانت في يوم من الايام مدرسة في الادارة وتصدر الكفاءات والعقول الادارية الى دول شقيقة، تتراجع اليوم وبشكل لافت وواضح عن هذه الميزة الايجابية، عندما قدمنا المصالح والعلاقات الخاصة والشخصية على مصالح الوطن، وجعلنا البلد رهين قرارات واملاءات اشخاص بعينهم، بتنا نعرفهم ونعرف خياراتهم ( وزلمهم ) وهم من يتحكمون في التعيينات. وكثيرا ما كانت توقعاتنا تصيب كلما توقفنا عند اي من محطات التعيين بمجرد معرفتنا بنوعية الموقع الوظيفي وطبيعته.

وبالتالي ما الذي يجبر المسؤول الاردني عن الانحراف عن مسار الاصلاح واتخاذ القرارات الصائبة وطرح الحلول الناجعة لقضايا وملفات وطنية وعد اصلا بمعالجتها في اشارة الى ان تشخيصها واضح ومعروف وحلولها واضحة ومعروفة؟. وما الذي يجعله يتحمل المسؤولية وعدم التعاطي معها بالشكل المطلوب، طالما الامور واضحة ويسهل حلها؟. لماذا لا تكون هناك مبادرات حكومية على شكل قرارات وتوجهات جديدة تشي بوجود نوايا حقيقية لاحداث التغيير المنشود؟. لماذا نبقى ندور في نفس الحلقة المفرغة ونلحق بمن سبقنا من المسؤولين دون ان نضيف اي شيء مع ان بامكاننا احداث الفرق وتغيير الاداء واتباع النهج الكفيل بذلك؟ وبنفس الوقت نضع اللوم على المواطن، وربما تحميله مسؤولية فشلنا لدرجة منعه حتى من حقه في التعبير عن رأيه بتراجع الاداء العام. والى متى يبقى المسؤول الذي يخفق في مهمته بعيدا عن المحاسبة والمساءلة وحتى المحاكمة اذا اقتضى الامر، حتى بات على قناعة بان فرصة بقائه او حتى عودته الى المنصب مستقبلا تبقى قائمة، وإن كان اداؤه متواضعا او ضعيفا ودون المستوى المطلوب. فمن كرس لدى هذا البعض مثل هذه المفاهيم المغلوطة التي شاهدنا تطبيقاتها على ارض الواقع وعلى حساب مصلحة الوطن؟. بطريقة تجعلنا نتساءل ايضا عن دور مجلس النواب الرقابي في الحد من هذه التصرفات الرسمية اللامسؤولة التي تقف خلف تراجع الاداء العام، بصورة الحقت الضرر في معظم قطاعات الدولة؟.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري