عراقيون في الأردن يجسدون توأمة بغداد وعمَّان

عروبة الإخباري – كتب أحمد صبري

لا أبالغ إذا قلت إن كتاب “عراقيون في الأردن: رؤى وانطباعات وحكايات” لمؤلفه الصديق صفوت فاهم كامل، هو بمثابة وثيقة وعنوان لمن يبحث عن حال العراقيين وتجربتهم في الأردن بعد أن تقطعت بهم السبل بعد غزو واحتلال بلدهم، ووجد الكثير منهم الأردن ملاذا وواحة أمان واستقرار، فيما رأى آخرون أنه بمثابة محطة انتظار للذهاب لمكان آخر.
فالكتاب الذي صدر مؤخرا مفعم بشهادات رصدها المؤلف عن حال العراقيين في الأردن وأوضاعهم عبر شاهد حي عاش ظروف أبناء جلدته، وقدم شهادات لرموز هذه النخبة العلمية والفكرية والأكاديمية الإعلامية والاقتصادية والاجتماعية، في مشهد حاول المؤلف أن يجول بين فضاء عمَّان وبغداد، وينقل لنا بحرفية وصدق البغدادي الذي قدم شهادة هي بالأحوال كافة ستكون معينا لمن يريد أن يبحث عن أحوال العراقيين في الأردن.
وفي مقدمة الكتاب يقول المؤلف إن العراقيين نقلوا تجربتهم البيئية وحياتهم الاجتماعية وعاداتهم وتقاليدهم إلى مكانهم الجديد، ووجدوا الترحاب من أبناء الأردن، في موقف يصفه المؤلف بأنه يعكس حب الأردنيين وتضامنهم مع العراقيين.
وكما يوضح المؤلف فإن الكتاب هو عبارة عن قصص ووقائع وحالات تختلف عن الأخرى، لكنها تصب في بوتقة واحدة وتحت مسمى واحد هو العراق هي وليدة سنوات الغربة التي عاشها المؤلف، ووجد من المناسب أن يرصدها بالحرص على أحداثها بطريقة هي أقرب إلى الرواية القصيرة ليجسد تأقلم العراقيين في الأردن مع الحياة والمجتمع، وأصبحوا جزءا منها وأضافوا إلى معالم عمَّان نكهة وطعما عراقيا، في مشهد يجسد توأمة بغداد وعمَّان.
ولم يشعر العراقيون بالغربة في بلد وفر لهم كل مستلزمات الحياة والأمن والاستقرار إلى حد مساواتهم مع أشقائهم الأردنيين بالحقوق والواجبات، ووجد العراقيون في الأردن ـ كما يوضح المؤلف ـ نافذتهم على العالم بعد أن سد الحصار أفقهم على العالم الخارجي، وأصبح الأردن بلد العراقيين الثاني بفعل التسهيلات التي قدمتها القيادة الأردنية لاستقبالهم وتسهيل إجراءات دخولهم للمملكة, فيما فتح أبناء الشعب الأردني قلوبهم قبل بيوتهم لإخوتهم العراقيين إلى حد تقاسمهم رغيف الخبز ومتطلبات العيش الكريم.
ويتوقف المؤلف عند ظاهرة موجات الهجرة والغربة للعراقيين قائلا: إن العراقيين في الأردن جاءوا على ثلاث موجات, الأولى تعود إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي, وهؤلاء ليسوا بالأعداد الكبيرة, أما الموجة الثانية فقد كانت أكبر، وابتدأت مع حقبة الحصار على العراق في تسعينيات القرن الماضي, وأكبر الموجات كانت بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، حيث ازدادت الفوضى وضعفت الخدمات، وانتشرت عمليات القتل والخطف.
ويشير المؤلف إلى أن تحمل الأردن تبعات الأحداث الكارثية التي مرت وتمر على منطقتنا التي يدفع فواتيرها بإباء شعبه الأصيل رغم المصاعب الاقتصادية، التي يمر بها الأردن التي تستدعي من أشقائه وقفة قومية لرد الدين والجميل لهذا البلد الذي قدم الملاذ الآمن لفاقديه من العرب في ذروة العنف والحروب والأزمات، وتحمل عبء وقفته التي حملته أثقالا لا يمكن أن يتحملها وحده. وأول من يرد الدين للأردن هو العراق الذي كان يتنفس الصعداء من رئة الأردن على مدى العقود الماضية، ونافذته على العالم بعد الحروب والحصار والعنف الطائفي.
ويتوقف مؤلف كتاب “عراقيون في الأردن رؤى وانطباعات وحكايات” عند قول الشاعر “دمع لبغداد دمع بالملايين .. من لي ببغداد أبكيها وتبكيني” في محاولة للمؤلف لوصف حال العراق وما حل به.

أحمد صبري – صحيفة الوطن العُمانية

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

اتفاقية تعاون أكاديمي بين الأمن العام والجامعة الأردنية وجامعة البلقاء التطبيقية

مدير الأمن العام يقلد الرتب الجديدة لكبار ضباط مديرية الأمن العام