عروبة الإخباري _ كتب سلطان الحطاب
دعوا هذه الحكومة تعمل فهي تمتثل تماما لتوجيهات جلالة الملك دون مزايدة او مناقصة، وهي تحتمل النقد الذي وجه لها بقسوة وكثيرا ما يكون مغرضا ويحملها اخطاء غيرها فقد اجتازت امتحان الثقة كما اجتازت امتحانات اخرى للبرلمان له فيها اسئلة وقد تحلي رئيسها بحكمة الشيوخ و وصبر المؤمنين ولم يمارس اي شكل من اشكال الاستفزاز للشارع إذ انه يدرك ان الشارع صاحب حاجة ومطالب وان كثيرا من مطالبه على حق، وقد استمعت الية وهو يملك طاقة على النقد ووضع اليد على الاخطاء او الاشارة اليها دون تسويغ او مواربة لدرجة انة اعفاني عند اللقاء من كثير من الاسئلة التي تحفزت على طرحها حين رأيت ان لديه نفس التشخيص، وانه لا يرغب ان يخفي شيئا أو يبرر اي اخطاء سواء من حكومته او من الحكومات السابقة… لقد جرى اختبار دولة الرئيس بشر الخصاونة في اكثر من موقف وموقع على يد اطراف عديدة معارضة وموالية ومن نواب و شخصيات منتفدة ، ولكن الرجل صمد وعمل وامسك بالحالة الوطنية وحرص على ان تكون هي الاولى، فقد خبر تفكير جلالة الملك واطلع على رؤيته وعمل من خلال خدمته معه على ترجمة هذه الرؤية بالشكل الذي جعل جلالة الملك يختاره لهذه المرحلة الصعبة..
لقد علمته الدبلوماسية التي امضى سنوات فيها القدرة على الحوار والصبر والتأمل كما علمته القراءة بدون صوت او مزايدة ان يفتش الطروحات للبحث عن مكان للأردن فيها يضمن فيه موضعة مناسبة فقد كانت زيارته للعراق ناجحة ومترجمة للتوجهات الملكية وفرصة لحصاد ما جرى زرعه في ارض هذه العلاقة التي دشنها جلالة الملك ووسع في بوابتها ليشمل مصر التي يعتقد الاردن ان لها دور كبير في العلاقات الثنائية والتعاون البيني وفي العلاقات من اجل حل مشاكل الاقليم ولذا فان التعاون الاردني المصري الذي تتطابق فيه وجهات النظر بخصوص القضية الفلسطينية هو تعاون يثرى الموقف الفلسطيني ويمكنه من ان يعبر عن نفسه بشكل واضح في خضم الصراع السياسي الجديد في هذه المرحلة التي جاءت في ادارة امريكية جديدة ..
الدكتور بشر الخصاونة هو الانسب لهذه المرحلة لجهة الاطلاع على المجريات السياسية والعامة في الاقليم و هو الاقدر على التقاط الموقف الملكي و اعراب جمله والزعم بأنه يفتقر الى الخبرة الداخلية في الشأن الداخلي هو زعم وا هن ولا اساس له من الصحة,, فليس بالضرورة ان يعمل رئيس الوزراء في وزارات خدمية ليدرك طبيعة الوضع الداخلي فله من الوزراء حاملي الحقائب الداخلية والخدمية ووزراء الدولة ومساعديه بما يكفي ليكون في الصورة والتفاصيل فالرجل ليس نرجسيا ولا فرديا كالذين عرفناهم من قبله ولا يدعي انة بقراط في الطب او فولتير في الحريات او ادم سميت في الاقتصاد كما ادعى من سبقوه واوردونا الى التهلكة وقد اختبأ اكثرهم خلف الملك.
كما يلبس الثعلب ثوب الواعظين حتى اذا ما انقشع حجم عملهم لم نجد فية ما يمكث في الارض او ينفع الناس ولم يخلفوا لنا سوى الحسرة وشيئا من الدعاء لان يحاسبهم الله في الاخرة طالما اننا مازلنا غير قادرين على حسابهم في الدنيا..
د.بشر لم يغرق في التصريحات ولا يعتقد باهميتها أوالاستزادة منها، فالناس لا تأكل كلاما حين تحتاج الى طعام ولا تنظر دعاء حين تحتاج الى دواء ومطاعيم.
في عهد هذه الحكومة هدأت النفوس قليلا وبدأت الثقة تنمو بالتدريج وسط مناخات صعبة فقد ساعد هذه الحكومة توفر المستشفيات التي امر بها الملك كما ساعدها ايضا توفر لقاحات ضد الكورونا وانتظام توزيعها والأمر قد يكون بحاجة الى الصبر فقد ادركت الحكومة ان الاغلاقات قاتلة للاقتصاد ومجففة لفرص العمل وطاردة للاستثمار ولذا بدات تخطو بجرأة لفتح السوق وإعادة اعماره وبدأت تسعى لدى الاشقاء لتحسين العلاقات البينية وقد نجحت في العراق في اعادة الربط الاقتصادي رغم العقبات وستنجح في الايام القادمة في فك قيود قانون “قيصر” الذي قتل الاقتصاد الاردني السوري المشترك ربما قبل لقاء جلالة الملك مع الرئيس بايدن وربما معه…
كما ان هذه الحكومة اعادت توزين العلاقات مع كل دول الخليج دون استثناء متجاوزة الخلافات الخليجية- الخليجية وهي تضع خبراتها وامكانياتها وفائض دبلوماسيتها في خدمة الاطراف العربية التي عانت الصراعات في ليبيا واليمن وقد تكون الاكثر تأهيلا لاستقبال الفرقاء اليمنيين الذين نضبت اموالهم وتفشت المجاعة في بلادهم..
الاردن الان اكثر وضوحا والأطراف كافة حتى تلك التي لا تحسن الظن اصبحت قادرة على قراءة الموقف الاردني الذي احتفظ بوضوح سياساته دون تفريط او حرق للمراحل والسياسة الاردنية التي تجسدها هذه الحكومة الاقرب الى تفكير الملك لا تدير الظهر لأحد بل تتعامل مع معطيات الواقع العربي اذ لا تؤمن بالإدانة لأي طرف او التدخل في شؤونه وإنما التعامل معه على قاعدة المساعدة والحوار والتناصح الاخوي ومن هنا جدد جلالة الملك صيغة التعاون مع دول الخليج لتبقى العلاقات صاعدة ودافئة ومثمرة ،وكان النموذج الاردني مثل ما قبل وفي سنوات الثمانينات حين مد الاردن يده الى مصر لينهي القطيعة العربية لها اثر قمة كامب ديفيد، فكان الاردن اول الواصلين لربط العلاقة المصرية الاردنية والعربية كما كان اول الواصلين بعد خروج مصر مما اصابها من اثار الاسلام السياسي الذي اصاب هويتها قبل ان تعود الى مجرى حياتها الطبيعية في عهد الرئيس السيسي…
الدكتور بشر الخصاونة رجل مجتهد ولديه رؤية وتفكير مستقل قد لا يعجب الكثير من المنظرين والمستعجلين و الذين يظنون وهم يرجمون بالغيب او يقوّلون الواقع بما ليس فيه ان الاردن هي الصين او دولة عالمية كبرى.
قد لا يعجبهم نهج الرئيس او رؤيته ولكن صبره وتحمله ومواصلة عملة بهدوء وعمق وفاعلية سيقطع الطريق تدريجيا على كل مقاولي الوهم واصحاب الرطانة ممن يهرفون بما لا يعرفون..
وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض واما الزبد فيذهب جفاء وأما هذه الحكومة فعليها أن تواصل البناء وان تهدم عشش الفساد والتعطيل أن تعالج الصوت الاردني من الحشرجة.!!