المراسيم الفلسطينية .. ” قَطَعَتْ جَهِيْزَةُ قَوْلَ كُلِّ خَطِيْبٍ”

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب    
أبو مازن أوفى بما عاهد عليه شعبه، وأصدر المراسيم ممهورة بالتوقيع الرئاسي، ليكون بذلك الاحرص على الديمقراطية ووحدة الصف والهدف، فقد قاد شعبه وسط انواء وامواج متلاطمة صمد فيها صمود الصخر الجلمود، حين وضع رجليه في الحائط وفوت الفرصة على اعداء الشعب الفلسطيني.. فقد تحدى ترامب وادارته التي استخفت بارادة الشعب الفلسطيني وادارت ظهرها لقرارات الشرعية الدولية حين اعتقد ان قيادة الشعب الفلسطيني ستنحني وترفع راية بيضاء..
يذهب ترامب الى المزبلة ويبقى الشعب الفلسطيني وارادته التي عبر عنها الرئيس ابو مازن، وهاهو اليوم يعرب جملة هذة الارادة بمراسيم رئاسية اسميها (مراسيم الوحدة الوطنية) لان الانتخابات الفلسطينية المتتابعة للتشريعي والرئاسة هي الضمانة للوحدة والديمقراطية والامن الوطني و مواصلة النضال حتى الدولة ..
انظمة عديدة لا تفتقر للمال والسلطة والنفوذ رفعت رايات التطبيع السوداء واستسلمت وهزمت دون ان تدمر في حين نهضت القيادة الفلسطينية متسلحة بارادة شعبها…
وذهبت لمعالجة الانقسام بالحوار وصندوق الانتخاب وسط حرائق الاقليم وتشكيك المضبوعين من ادارة ترامب وامتدادها في ادارة نتنياهو المرعوب..
نعم صدرت المراسيم وطلع الفجر الفلسطيني الجديد ليحمل البشرى ويقطع الطريق وتثبت هذه المراسيم ان شعبنا حي وقادر في اشد اللحظات قسوة وصعوبة ان يتوجه الى الصناديق ليدلي بصوته ويعلن عن رأيه وخياراته، في حين لا تستطيع انظمة عديدة في المنطقة انت تذهب في نفس الطريق او تراهن على خيارات شعوبها..
ابو مازن لا يخشى صندوق الاقتراع وهو يفضله على كل ما سواه من الاشكال الاخرى فقد جربه ودافع عنه والتزم بخياره حتى حين كانت فتح تتراجع ليتقدم غيرها ذات يوم فقد ظل رهانه مختلفا.. ظل يراهن على الخيار الديمقراطي ويقبل به رغم الانقلاب الذي قاد الى القسمة والانقسام..
اخيرا ادرك الذين استقووا على شعبهم وتركوا فيه جراحا عميقة ان لا طريق موصلة لهم سوى خيار الوحدة والديمقراطية والاحتكام الى الصناديق …
كنت اقرا المراسيم الرئاسية التي صدرت واحس أن ترياق معالجة الانقسام قد وصل وان الجرح الغائر قد بدأ يتماثل للشفاء وان شعبنا الذي صنع الصمود والمقاومة والاصرار على البقاء سينتظم الان خلف قيادته التي راهنت على ارادته…
نعم ” قَطَعَتْ جَهِيْزَةُ قَوْلَ كُلِّ خَطِيْبٍ” واوقفت المراسيم الرئاسية الرطانة واللغو والذرائعية وذاب ثلج الادعاءات والاشاعات والخندقة الضيقة وتراجع الان اولئك الذين راهنوا على الاخر دون شعبهم او الذين استقووا بالخارج وظنوا ان الدواء عنده قبل ان يلتفتوا ان العلاج كان عند قيادتهم الشرعية وعند شعبهم ..
ان اي استطلاع الان في الشارع الفلسطيني يشير الى رضى واسع والى تجديد الثقة بالقيادة الفلسطينية التي ظلت حريصة على وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة تمثيله الممثل في منظمة التحرير الفلسطينية، ويسجل للرئيس محمود عباس اصراره على تجديد انطلاقة المنظمة والحفاظ عليها وصيانتها، وقد عبر عن ذلك بتشكيل المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الماضية وفي دعوة اطر منظمة التحرير ومجلسها المركزي وايضا في دعوة الفصائل الفلسطينية كافة سواء تلك المنخرطة في المنظمة او الفصائل الاخرى، وهاهو اليوم ووسط تحديات جسيمة يصدر المراسيم الرئاسية التي تدب الحياة في الجسم السياسي الفلسطيني وتعالج اي تشوهات صاحبت المسيرة منذ اوسلو…
الفلسطينيون اليوم اكثر اصرارا على الوصول الى دولتهم المستقلة عبر النضال بكل الوسائل المتاحة، وهي تفتح ابواب القدس وغزة للمشاركة والتوجه الى الصناديق ..
لقد استثمرت جهات دولية واقليمية وحتى محلية فلسطينية في الانقسام الذي ادمى جسد وروح القضية الفلسطينية وترك بينها وبين انتصاراتها في المحافل الدولية سدا وعوائق، وظلت كل تلك الاطراف تضغط لابقاء الانقسام بل ان بعضها اراد تأبيده لينفذ من خلاله الى مشاريع مشبوهة ومدمرة واجهها الرئيس عباس بالقول: “لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة” وظلت عمليات لوي الايدي وعض الاصابع قائمة، وبعضها اخذ شكلا علنيا حين هدد الامريكيون من خلال اداراتهم الاسرائيليون بممارسات رئيس وزرائهم نتنياهو واعتبروا ان المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس و تشكيل اي حكومة وحدة وطنية انما يعني عملا ارهابيا وتدميرا لما يسمونه السلام…
كان الرئيس ابو مازن يدرك ان هذا الانقسام الذي لا يظهر منه سوى جزء بسيط في المشاهدة والمعاينة انما ركبت له جذور ممتدة جرى سقايتها والاستثمار الاسود فيها، حتى غدا ظاهرة خطيرة لا يستطيع معالجتها الا الشجعان ومن آمنوا بقضية شعبهم ووحدته واعداده لمزيد من النضال حتى الوصول الى حد تقرير المصير…
ادركت القيادات الفلسطينية على مختلف مواقعها وانتماءاتها ان الشخصية التاريخية الوحيدة من جيل المؤسسين لانطلاقة الشعب الفلسطيني المعاصرة وثورته هي القادرة على جمع الشعب الفلسطيني وتوحيد ارادته، وهي القادرة ان “تمون” على الكثيرين وتدفعهم باتجاه الاهداف الوطنية فهذا الاجماع لا يتوفر الى (لابو مازن) وهاهو يقدم لشعبنا اوراقه لاعتمادها من خلال المراسيم الرئاسية ومن قبل من خلال الدعوة لكل الفصائل الوطنية والاسلامية التي حضرت مؤتمر الامناء العامون…
بدات عجلة العمل الوطني الفلسطيني تدور الان بفاعلية وبدات تسوية اثار الانقسام وتصفيته وبدأت مرحلة معالجة التدرنات والاورام والتشوهات من الجسم الفلسطيني، وبدات النوايا الطيبة تصعد وهاهم الجنود المجهولون والمعلومون يعملون ليل نهار لترجمة توجهات الرئيس محمود عباس المخلصة في هذا الاتجاه..
فقط سخرلهذه المهمة من هو كفء لها وقادر عليها ممن قالوا ان العلاج هنا في البيت الفلسطيني وليس هناك في اي دوائر اقليمية او دولية او حتى عند الاحتلال الذي تاجر في الانقسام ودعمه بما يكفي..
لقد قالها جبريل الرجوب الذي انطلق في مهمته الشاقة يحدوه الامل رغم كل العصي التي وضعت في دواليب العمل من اجل اعادة اللحمة الوطنية و تصفية اثار الانقسام…
كانت عزيمة الرجوب قوية وقد رايته في لحظات الامل وما اعتقدت انه احباط يصر على نفس النهج ويصبر على مواجهة كل العقبات، فقد وجد في المعسكر الفلسطيني الاخر من لديه نفس الاحساس والعزيمة والامل وهكذا مضى بتاييد من الرئيس ابو مازن ومن كثير من اعضاء القيادة الفلسطينية حتى اذا ما ادرك بداية الثمر انتسب الكثيرون للنجاح الذي ستكون له مدرسة تحجب تلك التي نظرت لغير ذلك..
غزة اليوم مبتهجة بابو مازن وكذلك الضفة الفلسطينية المحتلة بكل مدنها وقراها ومخيماتها وريفها وبدوها وحضرها، وهي تلهج بالدعاء لقائد الشعب الفلسطيني الرئيس محمود عباس ان يمد الله في عمره ليقطف ثمار الانتصار على الانقسام، ووضع حجر الاساس لبناء الدولة الفلسطينية التي كان الفضل في وضع مداميكها وتقديمها للاعتراف الدولي وسيسجل لكم التاريخ صبركم ومواظبتكم وقدرتكم على صناعة تراكم العمل السياسي الوطني والتزامكم مع ما يتوافق مع المجتمع الدولي المنصف الذي مكن العمل للقضية الفلسطينية من ان تصب في المكان الصحيح وان تتجه الى المكان الصحيح ولذا جاء الدعم العالمي من كثير من دول العالم في الامم المتحدة للقيادة الفلسطينية موظفا للرد على تحديات الادارة الامريكية وعسفها وعجرفتها وانكارها لحقوق شعبنا ..
نعم صمدت سيادة الرئيس وانت تقوده متسلحا بارادة شعبك وهاهو يحدوه الامل باتجاه الانتخابات والوحدة الوطنية وحكومة وحدة وطنية يختارها الشعب الفلسطيني، بعد ان هزم ترامب وتوجهاته واساليب التخويف التي مارسها والتي اخافت الكثيرين واقعدتهم عن واجباتهم، في حين صلبت الارادة الفلسطينية التي نراها اليوم تعاود انطلاقتها مؤكدة على جذورها الاولى عام 1965 وان باسلوب نضالي متجدد …

Related posts

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

الانتخابات الأميركية… نهاية للحرب على غزة أم استمرار لها؟

(فيديو) الرئيس الأستوني: يجب حل العديد من الأمور قبل الاعتراف بفلسطين