ما احاق بالمنطقة العربية من حروب ونزاعات مسلحة وتدمير وإبتزاز وتقسيم وتراجع في نسب النمو القطري والقومي خلال العقدين الماضيين وإذ نحن نستقبل عام 2021 العام الأول من العقد الثالث للقرن الحادي والعشرين مما يستدعي من واجب ومنطلق الضرورة الوطنية ان تبادر الأنظمة العربية الرسمية والقوى والاحزاب السياسية إجراء عملية تقييم عملية وجادة تهدف إلى :
— دراسة عوامل القوة والضعف خلال العقدين الأول والثاني .
— وضع إستراتيجية شمولية لمستقبل الوطن العربي بأقطاره .
— ضمان وحدة وإستقرار الوطن العربي الكبير والتخطيط لمواجهة الاطماع والتحديات والتهديدات إلاقليمية أو الدولية .
لبيان أهمية تحقيق رؤية عربية مشتركة وحتى نتخذ من أحداث العقدين الأول والثاني دروسا وعبر قد يكون من المفيد أن نذكر بأهم الأحداث التي شهدتها منطقتنا العربية نتيجة لأحداث تدمير ابراج نيويورك في أيلول 2001 حيث بدأت ساحات المنطقة العربية تشهد احداث وتداعيات الحرب على الإرهاب في خطة ممنهجة لم تتوقف منذ أن أطلقها الرئيس الأمريكي بوش ولم تزل الدول العربية وشعوبها تدفع فاتورتها على الأصعدة ألأمنية والسياسية وإلاقتصادية والفكرية والدينية ففي :
العقد الأول :
• تم إحتلال وتدمير العراق عام 2003 من قبل القوات الأمريكية .
• شنت القوات الإستعمارية الإسرائيلية عام 2002 عدوانها العسكري الهمجي بإجتياح مترافق مع تدمير ممنهج للمدن والقرى والمؤسسات الفلسطينية وإرتكاب مجازر بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح منها مجزرة مخيم جنين في إنتهاك صارخ للقانون الدولي ولإتفاق المرحلة الإنتقالية ” أوسلو ” كما شنت في نهاية عام 2008 هجوما عدوانيا همجيا صاحبه إرتكاب جرائم حرب وفقا لتقرير جولدستون إستهدف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة .
• شنت القوات الإستعمارية الإسرائيلية في حزيران 2006 عدوانا همجيا إرهابيا تدميريا ضد لبنان .
كما شهد العقد الأول مؤامرة :
— فصل جنوب السودان والإعتراف به كدولة مستقلة .
— قيام دول إقليمية رضيت أن تكون أداة في تزيين الحسم العسكري الذي قامت به حركة حماس بقطاع غزة منتصف عام 2007 وما أسفر عنه من إنقسام سياسي وجغرافي الحق أضرارا بالغة بالمشروع الوطني الفلسطيني الهادف الى إنهاء الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس .
العقد الثاني :
يمكننا تلخيص العقد الثاني بعنوانين رئيسين :
الأول : الربيع العربي الذي بدأت شراراته في عام 2011 وما اسفر عن نتائج من تدمير وتهجير وتفتيت شاركت به دول وقوى بالوكالة نيابة عن دول عظمى تحت ذريعة محاربة الإرهاب في إستهداف لدول عربية لها دور ومكانة جيوسياسية إستراتيجية تمهيدا لتمكين الكيان الإسرائيلي الصهيوني التوسعي من الهيمنة وقيادة المنطقة والسيطرة على ثرواتها الطبيعية وغير الطبيعية .
الثاني : مرحلة قيادة ترامب التي إمتازت
— باتباع سياسة وعبر وسائل الإعلام بإستهداف دول صديقة بل حليفة لامريكا عبر التشكيك بقدرتها بالدفاع ذاتيا عن وحدة وإستقرار أنظمتها واقطارها دون حماية أمريكية .
— إتباع سياسة الترهيب والإبتزاز في إستهداف واضح للثروات العربية عبر فرض صفقات سلاح بمئات المليارات من الدولارات ومليارات بدل حماية أي بكلمات أخرى إستبدال وتحويل الدور الأمريكي من دولة عظمى تقود العالم بغالبيته إلى دور قوة مرتزقة تخدم وتدافع عمن يدفع .
— العمل على تمكين الحركة الصهيونية العدوانية التوسعية من تنفيذ اهدافها بالهيمنة وبسط نفوذها عبر ممارسة الضغوط لإجبار دول عربية الإعتراف ” بإسرائيل ” وتوقيع عقود و إتفاقيات إذعان خدمة أيضا للمصالح الذاتية للرئيس المهزوم ترامب وفريقه .
— ممارسة كافة اشكال الضغوط لانتزاع موافقة فلسطينية بغطاء رسمي عربي على مشروعه التآمري ” صفقة القرن ” الهادف الى تصفية القضية الفلسطينية وحقوق شعبها خلافا للقانون الدولي ولمبادئ الأمم المتحدة .
خلاصة العقدين على الواقع العربي :
نخلص إلى أن المحصلة النهائية للواقع الرسمي العربي بعد عقدين من القرن الحادي والعشرون لا تسر أحدا لا انظمة ولا شعوبا ولا اصدقاء فالحصيلة بالسالب على كافة المستويات والمسارات والأصعدة السياسية والإقتصادية والمالية والإجتماعية والعسكرية والتنموية والأمنية والثقافية إضافة الى تفاقم التحديات والتهديدات إلاقليمية والدولية .
بناء القوة أساس لمواجهة التحديات :
بناءا على ما تقدم وفي غياب بوصلة الصراع وحرفه عن عنوانه الرئيس المتمثل بالكيان السرطاني إلاستعماري إلاسرائيلي الذي لا حدود لاطماعه التوسعية لا مناص من التفكير بل البدأ بالعمل على إعداد مشروع توافقي عربي والسير به نحو مغادرة مربع الضعف إلى مربع القوة وفق مبادئ أساسية منها :
أولا : إنهاء كافة اشكال الخلافات والنزاعات البينية العربية خاصة على الصعد الرسمية وتغليب المصلحة العليا للوطن على ما عداها من إعتبارات مما يمكن ويعزز من قوتها إقليميا ودوليا ويعزز نفوذها إقليميا وعالميا .
ثانيا : تعزيز وحدة ومنعة الجبهة الداخلية لكل قطر عبر إحترام وترسيخ مبدأ المواطنة والحكم الرشيد وما يتطلبه من إجراء مصالحات حقيقية بين الحاكم والشعب وبذلك يتم سد الثغرات التي قد يستغلها الأعداء لاختراق الأمن والإستقرار المجتمعي .
ثالثا : تكليف فرق عمل لتحديد أولويات ومصالح كل دولة تمهيدا لتحديد الأولويات والتحديات المشتركة وفق مشروع قومي عربي يكفل وحدة وقوة ومنعة وأمن الدول مما يؤهلها لكبح جماح الطامعين لبسط نفوذهم ويمكن من مواجهة التحديات والأخطار إقليمية او دولية ويكفل بذلك وضع حد رادع لها .
رابعا : التوافق على سياسة تكاملية إقتصاديا تؤهل للعب دور فاعل على الساحة العالمية على كافة الأصعدة تكفل وتضمن المصالح المشتركة العربية أولا وأخيرا .
خامسا : العمل على بناء قوة عسكرية مشتركة تضمن حماية المنجزات والإستقرار القطري والإقليمي والجمعي وما يعنيه ذلك من ضرورة إنشاء مشاريع صناعية وتكنولوجية ذات طابع عسكري تنهض بالقدرات العسكرية عبر توطين الكفاءات وإستقدام خبراء وعلماء عرب ومسلمين ومن دول صديقة .
سادسا : العمل المشترك الجاد لتصفير الخلافات والنزاعات والمشاكل مع دول الإقليم وأخص هنا إيران وتركيا على قاعدة وقف وعدم التدخل بالشؤون الداخلية والتنسيق لتعزيز وترسيخ الأمن وإلاستقرار الإقليمي وفق مصالحنا .
ما تقدم ليس حلما أو املأ مستحيلا بل يتطلب إرادة جادة وإيمانا راسخا بالحكمة الأزلية بالوحدة قوة … فلما لا نبدأ بعد أن خبرنا نتائج الفرقة والشرذمة والضعف. … وبهذا نصل إلى عقد القوة مغادرين عقود الضعف… ؟ !