عروبة الإخباري – بدعوة من ديوان الهريس الثقافي، أقيم حفل تأبين للباحث الدكتور صادق جودة رئيس اتحاد الكتاب والأدباء الأسبق، بمشاركة كوكبة من الأدباء، وذلك يوم الاثنين الماضي، في مقر الديوان بمنطقة الهاشمي الشمالي في عمان، وفق الشروط الصحية والاجتماعية، التي فرضتها جائحة كورونا.
أولى المشاركات، في الحفل الذي أداره نضال برقان، كانت للناقد محمد المشايخ، أمين سر رابطة الكتاب، الذي لفت النظر إلى أن الراحل يعد من طليعة أدباء الأردن التنويريين، الذين ساهموا في إحداث حراك ثقافي متميز على مستوى المملكة، وفي الوقت نفسه من أهم الباحثين الذين خاضوا في تراثنا العربي، وقدموا ما فيه من إبداع وتميز ومعرفة وجمال للأجيال المقبلة، وهو أيضا من طليعة التربويين والأكاديميين الذين خرجوا أجيالا مثقفة وعلى قدر كبير من العلم والأدب.
وتتبع المشايخ مجموعة من المواقف التي جمعته بالراحل، والتي أكد خلالها طيبة شمائله وأصالتها على الصعيد الشخصي، وأضاف المشايخ: «لقد أشاد وزير الثقافة د. باسم الطويسي، في نعيه بالراحل الذي «بغيابه تكون الساحة الثقافية الأردنية قد خسرت قامة إبداعية متميزة».
وخلص المشايخ إلى دعوة الهيئات الثقافية لتسمية جائزة باسم الدكتور صادق جودة، كما دعا الأمانة لتسمية شارع في عمان باسمه، إضافة لدعوة وزارة الثقافة لإعادة إصدار كتبه وتسمية إحدى قاعات الهيئات الثقافية باسمه».
المشاركة التالية كانت للشاعر بديع رباح، الذي قرأ قصيدة في رثاء الراحل، حملت عنوان «يا عاشقَ التاريخ»، قال فيها: «»تسابقتِ الحُروفُ إلى يَــراعـي/ لأكتبَ في عظيمِ الفِكرِ شِعــــــرا/ فصادقُ فوقَ حُسن الحرفِ يسمـو/ وفي الكُتّاب كان يطيبُ ذكــرى/ فمثلُكَ في زماني لا يُجـــــــــارى/ رأيتُكَ في سماءِ العلمِ بــــــدرا/ فكم أبْحرتَ في التاريخ قــــولاً/ وكم حلّقت في التاريخ نِســــــرا/ (زواتا) أنجبت للعلمِ فَــــــــــــذًّا/ عميدَ ثقافةٍ ويُشعُّ فكـــــــــــــــرا/ كريمُ الأصلِ في الأخلاقِ سمحٌ/ ومِن طيبِ الكلامِ نشمُّ عِطــــرا/ فكم تزهو المجالسُ بالمعانــــي/ ونسمعُ من بديع الفكر سِحــــرا/ وكم أعطى إلى الأجيال علمـــاً/ وكمْ للفكرِ والتاريخِ أثــــــــــــرى/ لقدْ كُنتَ المفضلَ في فـــؤادي/ وأنتَ بحبِّ هذا القلـــــــــــبِ أدرى/ فهبَّ الشعرُ مِنْ قلبي وفـــــــاءً/ فأنتَ بحسنِ هذا الشِّعرِ أحــــرى/ فمثلُكَ يا حبيبَ القلبِ يُرثى / فراقُكَ قد غدا في القلب جمْـــــــــــرا/ لقد غادرت سطح الأرض حقًّا/ وتحت الأرض زدتَ الأرض طهرا/ فلوْ جفّ المِدادُ فــــــلا أُبالــي/ سأجعلُ من دموع العينِ حِبــــــرا».
أما الناقد فوزي الخطبا فتتبع السيرة العلمية والأكاديمية للراحل د. جودة، وقال: «تميّزت فترة رئاسة الدكتور جودة للاتحاد بحراك ثقافي ودعم مؤلفات الأعضاء وإنشاء الزيارات الثقافية خارج العاصمة، حيث فاز برئاسة الهيئة الإدارية في الفترة من 2006-2010. والدكتور جودة من مواليد مواليد قرية زواتا نابلس 1938، وهو حاصل على درجة بروفيسور في التاريخ عام 1999، ودرجة الدكتوراة 1981، والماجستير 1975، ودبلوم الدراسات الإسلامية في القاهرة 1972، والثانوية العامة من دار المعلمين من حوارة إربد عام 1960».
وأضاف الخطبا: «كان د. جودة غزير العطاء من خلال مؤلفاته العديدة وهي: «الجواد الاصفهاني وزير الشام والموصل، والقضاة الشهرزوريون، و مجاهد الدين قايماز، والرحلة المتوكلية الى دمشق، والمدارس العصرونية في بلاد الشام، ومدينة الرملة. كما أنه كان باحثا ومن إنجازاته العلمية : الزيانبة دورهم العلمي السياسي أيام بني عباس، الحمامات الإسلامية، أثر الحضارة الإسلامية في الحضارة الأوروبية، قراءة في العلاقات المملوكية المولية أيام المنصور قلاوون، قرقود السلطان العثماني الذي قتله طموحه، قراءة في مدن وقرى فلسطين، قراءة في مدن وقرى الأردن، عقبة بن نافع وبداية الاستقرار الإسلامي في الشمال الإفريقي، خالد القسري ودوره في إضعاف الدولة الأموية، العلاقات العباسية – العلوية».
وبين الخطبا أن الراحل كان حصل على تكريمات كثيرة في الهيئات والمنتديات الثقافية، ورحل تاركاً العديد من الأعمال التي لم يتم نشرها بعد.
كما شاركت الأديبة هيام ضمرة، رئيسة ملتقى سماء للثقافة، كلمة وجدانية في رثاء الراحل، قالت فيها: «ما عرفنا الراحل إلا من الرجال الصادقين والمعطائين والجادين في سبيل العلم، وقد «عرفت الراحل البروفسور د. صادق جودة كما عرفه الزملاء في الوسط الثقافي، رجلا رصينا وعفيفا ومتواضعا وجادا، محبا للعطار بسخاء، وهو الذي قضى عمره ينهل العلم دون كلل أو ملل، يجد ويجتهد ليورّث علما، فيما لازمه القلم الذي ما سقط من يده إلا ليعيد تناوله من جديد، ليرحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء، تاركا إرثا كبيرا من العلم والمعرفة».
من جهته قال الشاعر نايف عبد الله الهريس، رئيس ديوان الهريس ومؤسسه، إنه سيعمل على جمع القصائد والكلمات التي قيلت في رثاء الراحل د. صادق جوده، وإصدارها في كتاب، ومن ثم قرأ قصيدة في رثاء الراحل، قال فيها: «يا راحلا والضاد في خذلان/ وفِرى الزمان لها يد الطغيان/ فتركتنا غرقى ببحر ضريرها/ بكفا النبوغ لعروة الفتيان/ أورثت فينا ثورة من فقهها/ يا صادقا ببصيرة الفهمان/ تجري سفينك في موانئ دهرنا/ نرسو بنبلك شامخ البنيان/ صدق بصادق جودةٍ وبدسره/ صدقية فيها التواضع بان/ يا خير من ربى وأتحف قومه/ بلسانك العربي للأذهان/ إن مات ما ماتت به إشراقه/ فيها الصفاء على ذرى الإيمان..».
وفي ختام الحفل ارتجل نجل الراحل الدكتور أحمد صادق جودة كلمة استذكر فيها أبر المحطات الوجدانية في سيرة والده الراحل ثم شكر القائمين على حفل التأبين.