عروبة الإخباري – قصيدة من شعر الأستاذ حسن أبو طه الذي انتقل إلى رحمة الله الأسبوع الماضي ألقيت بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية بتاريخ ١٨/١٢/٢٠١٩ على مسرح مدرسة الرصيفة الثانوية المهنية للبنين آمل أن تنال إعجابكم
بنت العروبة
يا بنتَ يعْرُبَ قدْ سكنْتِ جَناني
مُذْ كنتُ غَضًّا يافِعَ البنيانِ
إنّي هَوِيتُكِ ما هوِيت سواكِ
فغدوتُ فيكِ كعاشقٍ ولهانِ
إنّي هَوِيتكِ والهوى لي شرْعةٌ
وعقيدةٌ تسري بكل كَياني
وشدوتُ باسمكِ كالطيورِ مغرّدًا
بين الحقولِ تهيمُ بالطّيَرانِ
لو حاولوا كَيْما أخونَ وأنثني
ماخُنْتُ، كلّا، فالوفا هوَ شاني
أأخونُ مَنْ أوصى الإلهُ بِحًُبّها
وبحفظها مِن سالفِ الأزمانِ
وهْيَ الّتي نطقَ الرسولُ محمدٌ
إذْ كان طفلاً يغتذي بلبانِ
وهي التي نزلَ الكتابُ بلفْظها
ورَعَتْهُ بالتفصيل والتّبيانِ
أأخونُها وهي الّتي عَزّتْ بها
أرضُ العروبة واعتلى بُنياني
أأخونُها والمجدُ في أفيائها
هذا لَعمري غايةُ الخذلانِ
يا ويحَنا كيفَ ارْتضَيْنا غَيرَها
لُغةً بِلا نسَبٍ ولا عنوانِ
لغةً عَرَاها العيُّ فهي سقيمةٌ
وهزيلةٌ مُهْتزّةُ.. الأركانِ
كيفَ ارتضَيْنا أنْ تهونَ وتنطفي
شمسٌ لها شعّتْ بكلِّ مكانِ
كيفَ ارتضَيْنا أنْ يُنَكَّسَ بُندُها
ولطالما سادتْ بها أوطاني
عجبًا أنَهْجُرُها ونخلعُ عهدَها
ما ذاك الا أقبحُ النُّكْرانِ
اَبَنِيّ مهلًا لا تعُقّوا أُمَّكم
فعقوقها من أعظمِ العصيانِ
أبَنِيّ إنّ اليَعرُبيّة إرثُكم
ووصيّةٌ منْ جَدّكم عدنانِ
هيَ سرُّ قوّتكم ورمزُ كرامةٍ
يابنَ الشآمِ ويا فتى بغْدانِ
هي حصنكم عند الخطوب من ابتغى
حصنًا سواها باء بالخُسرانِ
لا تتركوها يا بَنِيَّ وحيدةً
بين العِداةِ مَهيضةَ الجِنحانِ
يابنَ الكنانة هل يسرُّكِ أنْ تَرى
بنتَ الكرامِ رهينةَ القُضبانِ
أيسرُّكمْ نهْشُ الذئابِ للحْمِها
تمزيقُها بالنّاب والأسنانِ
أوْ وأدُها في اللّحد وهي فَتيّةٌ.
ونديّةٌ وطريّةُ الأغصانِ
أبَنِيَّ بنتُ البِيدِ تدعو جمعَكم :
هُبُّوا إليَّ بِهِمَّةِ الشُّجعانِ
بُثّوا بأشلائي الحياةَ فأنْتُمو
نِعْمَ الطّبيبُ وصِحّةُ الأبدانِ
انتمْ ملاذي في النوائبِ دائمًا
وجَلاءُ كلِّ مُصيبةٍ تغشاني
أنتمْ سيوفي إنْ تكالَبتِ العِدا
تبْغي مَماتي أو تَرومُ هَواني
أنتمْ رماحي مُشْرَعاتٌ في الوغى
في وجه غازٍ يستبيحُ بياني
أبَني العُروبةِ إنّ عزّي عزُّكم
فلتحفظوني في الورى بتفانِ
هذي وصيّةُ أُمِّكم في عيدِها
فتناقلوها يا بني الأوطانِ
وتوارثوها كابرًا عنْ كابرٍ
فبها الرُّقيُّ ورِفْعةٌ للشانِ