حين تترجم القوات المسلحة إرادة قائدها ..

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
منذ بدء هجوم جائحة الكورونا على مجتمعنا تصدى الجيش (القوات المسلحة الأردنية) التي قطرت معها كافة الأجهزة العسكرية والأمنية للمعركة، فالمعركة الداخلية لحماية المواطن لا تقل أهمية عن معركة حماية التراب الوطني إن لم تزد بإعتبار الإنسان هو الأغلى والحفاظ على حياته هو العمل الأسمى ..
القوات المسلحة تنهض بدور في التنمية على مختلف الأصعدة وقد لفت إنتباهي قبل إنتشار جائحة الكورونا دور قواتنا المسلحة في الإسكان العسكري الذي تميزت فيه إنشاءً ونوعية وتغطية كافية عن غيرها من الجيوش العربية وحتى الأجنبية، وكنت لذلك وللوقوف عليه قد قابلت مدير دائرة الإسكان العميد عيسى إرشيد الذي أطلعني على الكثير مما لا يعرفه الكثيرون، ومما يشير إلى الدور التنموي المتعاظم للقوات المسلحة التي ظلت دائما على أهبة الإستعداد بتوجيهات من قائدها الأعلى الملك عبدالله الثاني . ولذا كانت هذه القوات حاضرة حين إنتشار الوباء وكان لها الفضل بداية في حماية مجتمعنا حين احسنت الإدارة وحمت الحدود ووضعت أسساً لإدارة أزمة الكورونا ..
وبغض النظر عن التطورات اللاحقة والتي شهدت جوانب سلبية نتاج إجراءات حكومية إرتجالية وخاطئة فإن القوات المسلحة التي أخذت بتوجيه قائدها الأعلى عكست هذه التوجيهات فيما قام به رئيس هيئة الأركان الموصوف بالدقة والحرص وسرعة الإستجابة فقد علمت حينها أنه إستقبل أحد أهم المعنيين بإنشاء المستشفيات المتنقلة في المنطقة والإقليم كله وهو مغترب أردني في الإمارات العربية وقد أقام شركة ناجحة هي ( البداد كابيتال) التي يشارك فيها الإخوان ( فطين وزايد) ولديهم خبرة تراكمات من الإنجازات والعقود وخاصة مع المملكة العربية السعودية إذ إن شركتهم وفرت مئات ألاف الخيم المتنقلة للحجاج في السنوات السابقة كما إحترفت إقامة المستشفيات المتنقلة على المستوى العالمي فإنتشرت أعمالها في دول أوروبية وآسيوية وإفريقية عديدة وأقامت مستشفيات متنقلة بسعة ( 1200) سرير للمستشفى الواحد ..
رئيس هيئة الأركان اللواء الركن يوسف الحنيطي الذي استانس ودرس إمكانيات (البداد) إستقبله على عجل وأحال إليه العمل ..
يقول فطين البداد في حديث معه حين كان رئيس الأركان يتحدث كانت كلماته جد مؤثرة وواضحة ووطنية وذات عمق معرفي وإحاطة بالأعمال وضع النقاط على الحروف وشرح مضمون التوجيه الملكي وذكر إن الملك يريد الأشياء أمس وليس غداً وهو الشعار الذي عرف عن الملك عبدالله الثاني الذي يؤمن بسرعة الإنجاز ..
كان النهار مازال في أوله حتى إذ إنتصف كما يقول البداد وقعّنا وقبل أن نغادر كانت العقود وحتى الدفعات المقررة قد قبضت وفي اليوم التالي صباحاً كانت الجرافات تسوي الأرض في موقع المستشفى الأول في الزرقاء وكانت الشاحنات التي بلغت حوالي ( 685) شاحنة ضخمة قد بدأت تتدفق من الإمارات إلى الأردن وتتوجه إلى المدن حيث تقام المستشفيات المتنقلة على شكل قاعات كبيرة مزودة بكل المستلزمات الطبية المطلوبة ..
العطاء الذي بدأ إنجازه أضيف إليه أشياء أخرى قال البداد أنها من طيب نفس وإحساس بالمواطنة ومحاولة إقتراب من نبض وحرص رئيس الأركان الذي كان يترجم بحرارة التوجيه الملكي ..
كانت لحظات خاصة ومنهجية حين وقف الملك يتأمل في الإفتتاح ويسأل عن زايد البداد ليثني عليه وهو لم يغادر الموقع طوال أيام متتالية حين كان يناديه رئيس هيئة الأركان بـ “أبو البداد” فيجيب : لعيناك.. كانت صلاحية المنفذ واسعة، وكان بين يديه وفي تعليماته اسطول ضخم من الشاحنات التي حملت كل المكونات وجيش من المنفذين والمهندسين والخبراء والعمال، وكميات هائلة من المعدات الحساسة والهامة لغرف العمليات والعناية الفائقة ومتطلبات المستشفيات الجديدة من غاز (الأوكسجين) في وحدات ضخمة، وأيضا بنية تحتية معلقة وليست مدفونة من كهرباء واتصالات وغيرها..
وقف الملك مبتهجا يضع يديه على خاصرته ويتأمل ويواصل الاسئلة.. كان رئيس الأركان الذي لم تتوقف توجيهاته واسئلته ليل نهار يتأمل أيضا ليدرك أنه يبيض الوجه وأنه يستجيب لنداء القائد، وانه يتفوق في امتحان القوات المسلحة في إحدى معاركها الوطنية المصيرية الهامة في حماية الوطن من خلال انسانه..
كانت ابتسامة الملك تشي بالارتياح وبالثقة فيما ينجز وبقدرة القوات المسلحة على إدارة هذه المعركة بنجاح..
في هذه المعركة والاستعداد بالذخيرة العلمية الحيّة من الإدارة غابت البيروقراطية القاتلة والتأجيل والوساطات التي نعرفها في التنفيذ المدني وغابت السمات السلبية التي ظلت ترافق المشروعات الحكومية والتي أصبح مثلها المضروب هو “الباص السريع”، الذي حاول كثير من الذين لا يثقون يلصقون صفة تأجيل الباص السريع على المستشفيات المتنقلة.. يقول البداد حين وقعّت قرأت منذ اليوم الأول في التعليقات أن هذا المشروع لن يختلف في بطء التنفيذ والتردد عن الباص السريع فصمت وخرجت وبدأت حيث أصبح الانجاز ماثلاً يحضره رئيس الأركان ويفتحه الملك في الزرقاء وفي اربد (ايدون) وقد قطع الانجاز على المشككين امكانية أن يكون لتشكيكهم أي قيمة فصمتوا وأسقط في ايديهم ولذا جرى توجيه ضربات قاصمة وقاضية على الاشاعات بالانجاز ، وها نحن نمضي في المستشفى الثالث والرابع والخامس وحيث نصل إلى اضافة الفي سرير في مدة أقل من ثلاثة أشهر لتكون ذخرا وسندا للجسم الطبي وللمستقبل .. وهذا العدد يعادل كل ما امتلكه الأردن منذ بداياته إذ وصلت الأسرّة فيه إلى (1800) سرير لتصبح الان ما يقارب (4) الاف ، وهناك تطلع لإعادة انتاج المستشفيات القديمة على أسس كالتي تتمتع بها المستشفيات المتنقلة من جودة ومرونة وكفاءة..
ويظل السؤال كيف نجحت القوات المسلحة في ذلك وكيف استطاع التصور العلمي المخلص والوطني أن يترجم بهذه السرعة. ولماذا لم تتعثر التوجيهات الملكية بين يدي القوات المسلحة كما عند الحكومات التي كنا ومازلنا نرجو أن تنجح وبسرعة وأن تأخذ بنفس النمط لأننا حريصون أن يكون لدينا حكومات مدنية منجزة الى جانب قواتنا المسلحة التي ليست بديلا عن حكومات ناجحة وفاعلة ..
الانجاز الذي مازال يتوالى في بناء المستشفيات ( القاعات) المتنقلة الكبرى يستحق الثناء على قواتنا المسلحة ورئيس أركانها والشكر الموصول لقائدها الاعلى وكذلك يستحق المنفذون البدادان التكريم من لدن جلالة الملك على طيب صنيعهما ..

Related posts

مدير الأمن العام يقلد الرتب الجديدة لكبار ضباط مديرية الأمن العام

العيسوي: مواقف الهاشميين في الدفاع عن فلسطين مشرفة ويخلدها التاريخ

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري