عروبة الإخباري – كتب منيب رشيد المصري
شكل الموقف الوطني والقومي المشرف لسمو الأمير تركي الفيصل خلال حوار المنامة الذي عقد في الفترة الواقعة بين الرابع والسادس من كانون الأول من العام الجاري والذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية امتدادا للموقف السعودي الثابت والداعم للقضية الفلسطينية والرافض للتطبيع المجاني دون وجود حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس المبادرة العربية للسلام . ولم يكتف سمو الأمير بالتعبير عن رفضه للتطبيع المجاني وإنما هاجم إسرائيل وسياساتها في المنطقة وكذلك ممارساتها بحق الشعب الفلسطيني منذ تصريح بلفور المشؤوم وصولا إلى عنصريتها وديموقراطيتها المزعومة مستشهدا بقانون القومية العنصري .
وقال تركي فيصل كلماته القوية بخطاب هادئ إن “الحكومة الإسرائيلية تصور نفسها كمُحبة للسلام وحاملة للقيم السامية، زعموا أنهم حماة لحقوق الإنسان، وادعوا أنهم الدولة الديموقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، صوروا أنفسهم كدولة صغيرة تعاني من تهديد وجودي محاطة بقتلة متعطشين للدماء يرغبون في القضاء عليها”.
وتابع” أن الإسرائيليين واصلوا البناء على الأراضي المحتلة، و”بينما يقومون بذلك بنوا حائط فصل عنصري لمنع سكان هذه الأراضي من العودة إلى ممتلكاتهم المسروقة، في حين قالت محكمة العدل الدولية إنه غير قانوني.. كما ألقت القبض على الآلاف ووضعتهم في معسكرات… من دون محاكمة عادلة، وهدموا المنازل… أي نوع من الديموقراطية هذا؟”.
ليس غريبا على الأمير تركي الفيصل هذا الموقف الوطني الداعم للقضية الفلسطينية فهو ابن شهيد القدس الملك فيصل بن عبد العزيز الذي قطع النفظ عن الدول المؤيدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي ، الملك فيصل الذي تمنى الصلاة في المسجد الأقصى المبارك وهو محرر بعد احتلاله أو الشهادة في سبيل القدس فنال ذلك ، الملك فيصل الذي ناضل ودافع دفاعا شرسا عن القضية الفلسطينية والقدس .
ولطالما عبرت المملكة العربية السعودية عن موقفها الثابت منذ الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود فكان موقف المملكة الدائم هو دعم الشعب الفلسطيني حتى استعادة كافة حقوقه المشروعة ، وسعت المملكة إلى تقديم مبادرتين للسلام وهي مبادرة السلام السعودية والتي قدمها ولي العهد آنذاك الملك فهد بن عبد العزيز عام 1981 وتبعها مبادرة السلام العربية عام 2002 والتي قدمها الملك عبد الله بن عبد العزيز و تبنتها القمة العربية التي عقدت في بيروت .
إن تقديم المملكة العربية السعودية مبادرتين للسلام هو تأكيد والتزام منها بالحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية ، وحرص منها على توحيد الموقف العربي والإسلامي اتجاه القضية الفلسطينية ، وما زالت المملكة صامدة وثابتة بمواقفها الرافضة لكل إغراءات التطبيع المجاني وقد أعلنت أكثر من مرة وبشكل رسمي بأن ثمن التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي هو الحل العادل للقضية الفلسطينية بموجب المبادرة العربية للسلام .
ولعلها فرصة هامة لنحيي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي حافظ على ثوابت المملكة اتجاه القضية الفلسطينية رغم كل المتغيرات التي تشهدها المنطقة وضغوطات الراحل ترامب وسعيه اللامحدود لتحويل إسرائيل من كيان احتلالي في المنطقة إلى كيان طبيعي .
لقد كان لي شرف حمل أربع رسائل شكر من الشهيد الراحل ياسر عرفات إلى أربعة ملوك هم الملك فيصل بن عبد العزيز والملك فهد بن عبد العزيز والملك عبد الله بن عبد العزيز والملك سلمان عبد العزيز حين كان أميرا لمنطقة الرياض وكان يلقب في ذلك الوقت بأمير الفلسطينيين لشدة حبه لفلسطين ودعمه للجالية الفلسطينية هناك . وأشهد بأن كافة اللقاءات قدمت فيها المملكة العربية السعودية دعمها الكامل لأي قرار يعتبره الفلسطينيون مناسبا وكان آخر هذه اللقاءات لقاء الملك سلمان بن عبد العزيز ضمن وفد صندوق القدس وبحضور دولة رئيس الوزراء د. محمد اشتية وحينها استحضر الملك سلمان الأشعار والأغاني تعبيرا عن حبه لفلسطين .
كل الشكر إلى المملكة العربية السعودية ملكا وحكومة وشعبا على مواقفها الثابتة ،وكل الشكر لسمو الأمير تركي الفيصل على هذه الرسالة الحروة وكلنا ثقة بأن المملكة ستحافظ على هذا الموقف وسيبقى رهاننا على أبناء شعبنا و الشرفاء من هذه الأمة وأحرار العالم .