تعد المدرسة مجتمعاً مركباً يعكس صورة المجتمع المحلي بثقافته وعاداته وتقاليده السائدة التي تتفاعل داخل البيئة المدرسية، ويقوم القائد/المدير فيها بإدارة شؤونها من مرؤوسين وطلبة للحفاظ على هذا الجسم الإداري وتحقيق الهدف المنشود منها كنظام تربوي يعنى بإنتاج جيل من القادة المستقبليين.
وإن أي عملية إدارية تربوية- تعليمية هي عملية إنسانية تتكثف فيها جهود القادة التربويين والإداريين والمعلمين والطلبة وأولياء أمورهم والمجتمع المحلي، وذلك ضمن سياقات نسقية منظمة ينبغي على الجميع احترامها من منطلق القيم الأخلاقية التي يتبناها المجتمع والقوانين والأنظمة والتعليمات النافذة.
وتأتي المساءلة لتشكل الأداة الضابطة لمختلف العمليات الإدارية والفنية التي تجري في المدرسة، وذلك من خلال قيام المدير بمحاسبة المرؤوسين بناء على ما يقومون به من مهمات وإبلاغهم بمستويات الأداء والوقوف على الإيجابيات والسلبيات، وتتنوع على ثلاثة ضروب،هي: المساءلة الأخلاقية، المساءلة المهنية، المساءلة الإدارية التعاقدية.
وهنا ينبغي وجود القائد التربوي المؤهل تأهيلاً تربوياً تخصصياً يؤمن بأهمية المساءلة التي تسهم في عمليات التقويم المستمر والتحسين الدائم في ظل إدارة الجودة الشاملة التي تسعى إلى الارتقاء بدور المدرسة والتعليم المدرسي، وحتى نتقدم خطوة في هذا المجال ينبغي أن نمكّنه من القيام بالمهمات المطلوبة منه بوصفه يمثل الإدارة التنفيذية التي تقف على تماس مباشر مع من يمثل محور العملية التعليمية التعلمية المراد تأهيله لقيادة المستقبل وهو الطالب.
والمساءلة القائمة على التمكين تتجسد في دعم وإسناد القائد التربوي المستمر في مختلف القضايا التي تواجهه في المدرسة، والأخذ برؤيته لواقع الحال الذي يعيش فيه ضمن البيئة المدرسية وطروحاته التي تقدم الحلول للمشكلات التي يواجهها كتحديات تعيق تحقيق أهداف العمل والارتقاء به، مع تقديم المشورة الداعمة التي تعزز جهوده في التطوير والتحسين ضمن الفلسفة التربوية العامة لنظامنا التعليمي.
إن المدرسة هي خط المواجهة الأول لتنفيذ السياسات التربوية العامة التي يؤمل منها إعداد المواطن الصالح المنتمي، وهذا يجعلنا أمام واجب وطني بإمداد القائد التربوي في مدرسته بكل ما يحتاجه لترسيخ مفهوم المساءلة في وعي المرؤوسين، من خلال تعزيز الثقة بين العاملين والمشاركين في المساءلة للحفاظ على المناخ التنظيمي الإيجابي الذي ينظر إلى المساءلة على أنها أداة للتحسين وليست للمحاسبة والعقاب من أجل العقاب.
ومن جانب آخر ينبغي تقديم التغذية الراجعة الذكية التي تقوم على التشاركية بين فريق المساءلة والقائد التربوي من جهة، وبين القائد التربوي في المدرسة ومرؤوسيه بما يحقق أفضل النتائج ضمن سياقات القيادة الموقفية التي تفوض القائد التربوي في المدرسة لاتخاذ إجراءات إدارية توازن بين الأطر الناظمة للعمل وبين الإنجاز المطلوب والجودة المنشودة.
إن تنفيذ أداة المساءلة في مدارسنا تحتاج إلى تمكين القائد التربوي في المدرسة وتعزيز دوره ومكانته في موقعه من قبل قيادات الإدارة الوسطى والإدارات العليا حتى يستطيع أن يقوم بالدور المنوط به، وتعزيز مقدرته على اتخاذ القرارات التي تتصف بالموضوعية والابتكارية التي تعالج الخلل والضعف الذي يظهر في المدرسة وبما يحقق الأهداف المخطط لها؛ فأينما وجدنا التمكين والتعزيز والمساندة سنجد النتائج الإيجابية.