عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
رأيتك وقد أعربت الجملة الملكية في مجلدين بالعربية والانجليزية، ووضعت الهوامش والصور بعد ان بنيت المتن وجعلت للأوراق الملكية مرجعاً يستحق الاقتناء، وقد وازيت في الاعراب ما كان علماء الكوفة والبصرة قد ابدعوه في النحو فأصبحت ثالث ثلاثة بينهما…
ولم تتوقف في حدود خدمة الملك وتقديم تفسير لرؤيته في الاوراق الملكية، بل وزعت جهدك ما بين القمة والقاعدة، فذهبت حيث يجري الضغط من الأسفل وبعد ان قال الملك انه يقوم بالضغط من الاعلى وقد اردت لهذه المسيرة ان تتواصل بجهد ابنائها وخاصة الشباب، فعقدت العزم ان تعيد توظيف طاقاتهم الخلاقة حين جمعتهم في مظله حزب الرسالة لتاخذهم الى البرلمان والى تمثيل الشباب وشعبهم، وقد اخلصت لذلك وكنت اراك تربط النهار بالليل وتدعو طاقات الشباب والشابات وقد اشفقت عليك وغبطتك على تفاؤلك وانت من تلقي اكثر من صدمه وواجه اكثر من احباط وتعامل مع اكثر من عقبة…
كنت اتساءل من اين لك كل هذا الاصرار والعزيمة على مواصلة اقناع الشباب بالمضي بعد ان فشلت في اقناع زملاء من سنك بخوض الانتخابات، رغم قانونها الناقص وكنت تقول (العب بالمقصقص حتى يأتي الطيار) واشعال شمعة خير من لعن الظلام واطلقت كمّا كبير من ادبيات التفاؤل وحث العزائم..
في ليلة الانتخابات كنت أراك تحشد -وعلى تباعد- اكثر من ثلاثمائة ناخب في العاصمة وتتابع (32) مرشحاً عبر المملكة جرى التحشيد لهم .. ومع هذه الأعداد التي رأيتها لم ينجح أحد الشباب الذين رشحتهم حتى ذلك الشاب الذي كنا نعتقد انه سيكون الاول في دائرته بالكاد حصل في المعلن من النتائج اصوات منتسبي الحزب الذين اقسموا على الولاء للملك وولي عهده والمرشحين من بعد لخدمة الحزب والوطن…
حين خرجت النتائج اصاب كثير من المراقبين الاحباط في انه لم ينجح. حزب اردني واحد ولو بمقعد إلا حزب جبهة العمل الاسلامي وبحدود متواضعة.. كانت المرارة تخيم على الأحزاب الأردنية التي ظلت واهنه وجرى تحميلها مسؤوليات دون ان تمكن من حملها، فقد قطع التمويل عن الاحزاب عشية الانتخابات رغم انه قرر ان يدفع لها بدل الخمسين الف دينار، لكل حزب عشرين الفاً، وحتى العشرين لم تصل حتى الآن، وكان عليك ان تموّل حزبك من جيبك، اليس هذا شيء غريب يصل الى حد الاستهجان؟ ويبدو ان مشروع الأحزاب الأردنية قد وصل الى الجفاف قبل وصول الكورونا الموعود، ويبدو انه اطلقت عليها رصاصة الرحمة في اليوم التالي للانتخابات، وقد علمت ان بعضها سيعلن تصفية نفسه بعد ان لم يعد يعبأ المسؤولون بها.. ببقائها او خروجها من اللعبة السياسية والتمثيل.. فقانون الاحزاب لا يخدم الفكرة الحزبية وقانون الانتخاب المقترح لم ير النور وبالتالي لم يخدم القانون القائم الاحزاب بل انه غيبها عن المشهد تماما لتبقى مجرد ديكور !!
لست اشفق على الاحزاب فهي وسائل قد تغيب وقد تحضر وعليها مسؤولية العمل لتطوير الحياة الحزبية، و لكنني اشفق على الشباب الذين احبطوا في الوصول إلى البرلمان عبر الأطر الحزبية التي هي الأطر الاسلم، فالحزب يحاسب مرشحة ان فاز والمرشح الحزبي ان فاز سيتحمل مسؤولية التمثيل بشكل أفضل تماما من المرشح الفردي، كما ان المرشح الحزبي لا يلجا الى المال الفاسد وشراء الاصوات..
لو كانت الدولة تريد الطريق الأسلم لحرصت على ان تكون الانتخابات قائمة من إطارات الاحزاب وان تضع نصا من جملة (لا قبول لمرشحين الا عبر احزاب مرخصة)، او إن لم يكن ذلك ممكنا كما دول الارمن التي تبني الديمقراطية بمواصفات حزبية، اذ ان المعروف تماما انه (لا ديمقراطية بلا احزاب سياسيه)، وإن لم يكن ذلك ممكنا وبحجه الزعم ان الاحزاب مازالت في اسنان الحليب، فلماذا لا يجري عمل كوتا حزبية كما كوتا المرأة الى ان تبلغ الاحزاب الرشد و حتى نرى في مظلة البرلمان اسماء احزاب تشارك وتتدرب، اليس الحزب مدرسة؟ فان كانت الحكومة تؤمن بذلك فأين يذهب خريجوها وهل يجب ان يبقى الحزبيون عاطلون عن المشاركة ومحرومون منهم لصالح نماذج اخرى، ومع كل الاحباط الذي اصاب الاحزاب واصابنا كمراقبين فانني اهنئ بعض احزابنا لصبرها ومحاولاتها ومنها حزب الرسالة وشخص امينه العام الذي ما زال يقاوم الاحباط !!
لله درّك يا حازم !!
11
المقالة السابقة