أبو مازن.. نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا !!

 

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
ها أنت تمضي .. تمسك بالجمر وتصمد في ربع الساعة الاخير وقد ظفرت، لم تضعف ولم تفرط وقد تحول الكثيرون الى سماسرة ليثنوك عن موقفك وانت تقول : “لو وضعوا الشمس في يميني.. على ان اترك حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته ما فعلت”..
ادارة ترامب.. ادارة الشر.. حشدت في وجهك كل ضغوطها بعد ان اخافت القاصي والداني من الذين ارتجفوا وخرجوا من جلودهم.. فوصلت السودان بعد ان اجتازت خطوط العرض والطول العربية وكشفت عورات ظلت مغطاة بأوراق توت..
تضع نصب عينيك تاريخ رمز الشعب الفلسطيني ووصيته وتمضي على نفس النهج، وتزيده شجاعة وعمقا ووضوحا.. لا مساومة على حقوق الشعب الفلسطيني..
تمضي في حصار العدويّن كما قلت.. جائحة الكورونا وليل الاحتلال الثقيل وكلاهما قاتل..
ولكنك ما زلت تحمل صخرة “سيزيف” وتمضي، تصعد الى القدس والى الدولة التي تجمعوا لياخذوها منك ويهدوها لاسرائيل، أنّا لهم ذلك وقد صبرت “صبر ايوب” واصرار الصحابي عمار بن ياسر..
يا سيادة الرئيس.. من اين لك كل هذه الشجاعة والحكمة والدراية والقدرة على الجمع، فقد ناديت شعبك واستجاب، وناديت القوى الوطنية والفصائل على اختلاف الوانها فكانت حاضرة، وقد بدات تقرا خطك قراءة اخرى بعد ان اصاب بعضها العجمة واختلاط المواقف.
حزنك علي الراحلين العلمين الكبيرين كبير.. فهذه ذكرى رحيل رمز الشعب الفلسطيني الذكرى السادسة عشرة ، وما زال القائد عرفات حيّا في النفوس متوهجاً في الارادة، مُلهما في المسيرة.. وما زال رحيله عبرة لكل من يؤمن بشعبه ويدافع عنه، ففي حين تذوي الرموز ذات الجبروت وتغيب عن وجدان شعوبها.. يبقى عرفات حاضرا وتبقى مسيرته حيّة..
وتبقى تستلهم قوله تعالى ” وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ “.. انتم منهم بل مثال فيهم، لأنك صدقت حين قلت “لا” .. لم تقلها للاستهلاك الشعبي أو لتغيب حلم شعبك، بل قلتها و قبلت التحدي و دفع الثمن.. قلتها لغطرسة الادارة الامريكية التي ساقت قادة واركعتهم وجعلت قلوبهم في اقدامهم.. قلتها في الحصار و من جوف الاحتلال و حين جرى تعتيم الجبهات الاربع عليك وعلى شعبك، فاشعلت في الظلام شمعة الايمان بحقك، ولم تلتفت للمرجفين والخائفين، ولم تستجب لضغوطهم و مندوبيهم، ولما زينّوا حين اعتقدوا ان الحامي هي القوى الخارجية والاجنبية وليست شعوبهم التي وضعوا بينهم وبينها اسواراً ومسافات..
كنت من اولئك الذين صدقوا فكانوا من المتقين، تستذكر عرفات وتستحضر ارثه من موقع الوفاء، وتزف لشعبك شهيداً اخر مضى وهو يقوم بواجباته خير قيام.. تبكي “صائب عريقات” الذي ظل صوته يهدر لايمانه انه هو المنتصر وان عدوه مهزوم ..
كان لدى “صائب عريقات” طاقة الانبياء وايمانهم برسائلهم، فلم يهن ولم يضعف ولم يغادر الّا للعلاج، وحتى حين كان فيه بين الموت والحياة، كانت اجندته فلسطين والدولة، مضى صائب ولم ير الدولة التي امضى عمره في الكفاح من أجل ان تقوم، ولكن “أبا علي” مضى واثقا من ان حلمه سيتحقق على يد من هم في مدرسته التي تعلم فيها وعلم فيها، وما زالت هذه المدرسة في قيادتك يا سيادة الرئيس وبرسم ما تنجز.. تستذكر عرفات وتذكر عريقات تحيي ذلك الرمز وتودع قائدا اخر من ابناء شعبك وتقول: ” نستذكر اليوم رحيل القائد المؤسس الشهيد ياسر عرفات نودع ايضا وتودع كل فلسطين شهيدا من ابطالها وقائدا من قادته،ا ترجل بعد مسيرة نضال وكفاح وطني، وتركت علامة بارزة في تاريخنا، نودع اخانا وحبيبنا ورفيق دربنا الدكتور صائب عريقات فالى جنات الخلد ايها الحبيب”..
نعم كتب عليك أيها الرئيس لتعيش وتودع القائد الرمز عرفات ومن قبل ابو جهاد وابو اياد وفيصل الحسيني وغيرهم، فالنضال الفلسطيني متصل وقائده كتب عليه ان يبني اشبالا ويودع قادة، وها انت تفعل وتمضي وتمد اصبعك في وجه عدوك بالصمود، وفي وجه الادارة الامريكيه بــ “لا”..
لم تنحن ولم تتراجع.. ليس لأنك ممن يؤمنون بالرفض العدمي او يدمنون عليه، ولكنك تريد بها حماية حقوق شعبك وتحصينها، ولذا قلت لم ولن نحيد عنها مهما كانت حجم التحديات والضغوط التي تتعرض لها..
تبني اليوم وانت تذكر عرفات وصائب مدماكا اخر في حماية القرار الوطني المستقل، ليكون القرار بيد شعبك من خلال منظمة التحرير الفلسطينية التي استعدتها رغم الحصار والقتل والتجويع وانفضاض الكثيرين ورغم الطعن في الخلف والتشكيك والمراودة والبحث عن الوان اخرى وذرائع اخرى.. وسوء السبيل!!
يشهد القاصي والداني من اصدقائك واعدائك وكل ابناء شعبك انك قاتلت في السنوات الاربع الاخيرة قتال الابطال في صمودك وتصديك لصفقة القرن التي كنت اول من اسميتها الصفعة، وحذرت منها.. كما قاتلت وصمت في وجه مخططات الضم والتطبيع الرخيص المجاني ،وتسلحت بارادة شعبك ومواقف العالم الذي يدرك حقك ودورك من الامن والاستقرار حين تمسكت بقرارات الشرعية الدولية التي اراد ترامب ان يغتالها وبالمبادرة العربية التي فك كثير من العرب قبضاتهم عنها واستداروا ليذهبوا الى “مغارة الضبع” خلف نتنياهو ..فبئس ما فعلوا وما اخفوا.. رأيناك تلوح بيدك تودع عريقات وتمسك بقرار الشعب الفلسطيني المستقل.. نعم صمدت مع شعبك وصبرت مع شعبك وتحملت مع شعبك وراهنت على ان تتخطى اصنام الادارة الامريكية، واعتبرت الادارات حواجز لابد من القفز فوقها للوصول الى حقوق شعبك مهما تبدلت هذه الحواجز و مهما تغيرت ارتفاعا او هبوطا..
ما زلت تُصر على موقفك المنسجم مع الشرعية الدولية التي ساهمت في ابقاء الامل الفلسطيني الى ان تطبق قراراتها.. ومازلت تدعو للخلاص من التفرد الامريكي في القرار الدولي الخاص بقضية شعبك وتدعوا ان يقوم الامين العام للامم المتحدة بالتنسيق مع الرباعية الدولية و اعضاء مجلس الامن من اجل الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام مطلع العام 2021 على اساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام..
انت تمسك بقرارات الشرعية الدولية وكأنك وريثها في حين يفرط بها الذي من المفروض ان يحميها.. ومن هنا تقدير العالم لك واحساسه بمنزلتك ، فقد كنت الاشجع حتى اصبحت الأهم الان بين قادة المنطقة، لانك الوحيد الذي قال لترامب: “لا” بصوت واضح غير آجش ولا متحشرج.. في حين فقد الكثيرون اصواتهم وراحوا يتمتمون بلغة مفضوحة لا يستطيع احد ترجمتها لما فيها من عهر وتلفيق وغياب حجة..
نعم من حقك ان تفرح وقد سقط الطاغية الذي اغلق مكتب المنظمة في واشنطن وقطع المساعدات عن وكالة الغوث واعتبر السلطة ارهابية، واهدي القدس عاصمة لاسرائيل وأيد ضم غور الاردن الفلسطيني للاحتلال و دافع عن اسرائيل اكثر من دفاعه عن نيويورك.. من حقك ان تصفعه كما صفعه الامريكيون انفسهم والعالم المتطلع للسلام، ومن حقك ان تتباهى انك لم تقف في الطابور العربي الذي صلى خلف ترامب وربط مصيره به..
من حقك ان تُميّز نفسك بدعم شعبك وصمودك ولغتك الواضحة ..
نعم يغيب الطغاة وتحضر قضية شعبك العادلة، فمن كان معها كان على حق، ومشى خلف البوصلة الصحيحة، ومن لم يكن معها ضل ضلالا بعيدا، وانحرف ليدخل الى نفايات التاريخ.. فالانتساب لقضية شعبك شرف والدفاع عنها شرف لو كانوا يعقلون..
الذين غدروا وتاهوا لن يحميهم الذباب الالكتروني الذي انقشع ساعة اعلان جوبايدن رئيسا، وبقي منه من يصر على الخروج من عروبته واسلامه..
دعوت الى ردم الانقسام وإلى الشراكة الفلسطينية الحقيقية، وجسدت ذلك في اكثر من كلمة ولقاء وعمل، ووسعت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي، لتظل كل من امن بالقضية الفلسطينية كقضية شعب اغتصبت حقوقه، و جعلت منها خيارا يحب التمسك به والدفاع عنه، حتى ينال الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله… فما زال الالم يا سيادة الرئيس كما قلت واحدا ومازال الأمل واحد وانت ستبدل بهمه شعبك الألم الى أمل ان شاء الله..

شاهد أيضاً

الصفدي يؤكد لعبداللهيان ضرورة وقف الإساءات لمواقف الأردن ورموزه في الإعلام الإيراني

عروبة الإخباري – أبلغ نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، الخميس، وزير …