“بنت الأزور ” في الدائرة الثانية!!

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –          
رأيتها في المعركة الأخيرة تضمد الجراح وتدعو للاشتباك لدفع الجريمة عنّا، لن أتحدث عن حدث الزرقاء فقد منع المسؤول الحديث عن ذلك، بعد أن أصبح الأمر برسم علم المواطن الذي كابد كثيرا ودفع ثمن التبدل في التركيب الاجتماعي..
لكن سأتحدث عن أحد الأبطال أو البطلات لمن يخشون “الجندر” وهي النائب السابق ومشروع النائب اللاحق وأمين عام الحزب والأكاديمية والمثقفة والإعلامية المميزة والمدافعة عن حقوق المرأة، بل والمواطن والانسان في تجربتها وخبرتها ومسيرتها التي تابعتها منذ البداية ..
عن الدكتورة رولى الحروب التي تحفر في الصخر حين يغرف الآخرون من بحر وهم يتوجهون إلى النيابة ..
الطريق سهل لمن لا يحمل برنامجا ويحمل مالا، والطريق صعب لصاحب البرنامج والفكرة ممن لا يتوفر له الشراء الجاهز من السوق..
هذه معاناة المثقف الأردني والسياسي الذي يحمل هما وطنيا، ولذا لا يقدم على الانتخابات إلا نوعين.. من أراد الوجاهة والتكسب من الموقع بعد الفوز وهي الأغلبية، ومن أراد التضحية والطريق الصعب رغم قلة هؤلاء وأدراك أغلبيتهم أنهم يضيعون الوقت ويصبون ماء في سنسلة لا تحفظ أو يصبون اللبن في قربة مخزوقة..
شخصيا أحسد الدكتورة رولى الحروب على إرادتها وإصرارها على مواصلة الاشتباك مع كل العناكب وملوثات البيئة والجو والقوارض والقوارص، وإدمان المشي في حقل الألغام في محاولة الوصول إلى المكان الذي ما زالت تعتقد أنه يوصل الصوت أو على الأقل الصدى..
لفت انتباهي أخيرا أنها أوصلتنا جميعا مواطنين ومسؤولين على مختلف مستوياتهم صورة طفل الزرقاء وارتدادات الحالة الزلزالية.. وقدمت أحسن بيان انتخابي حين عمدت إلى إجراء تمرين حيّ بذخيرة حيّة في الميدان من واقع اجتماعي بائس، لم تقدم بيانا انتخابيا انشائيا ينقله صانعوه من ديباجات تاريخية ومن نصوص بطل مفعولها، كما ينقل أئمة المساجد خطب زمن السلطان قلاوون وهم ينسخون برامجهم عن سابقيهم!!
رولى سيدة كابدت وما زالت تكابد وهي جديرة أن يقف إلى جانبها ومعها وإلى جوارها كل من لا يصل صوتهم، أو لا يستطيعون ايصاله أو ممن رأوا فيها أنها تمثلهم، وخاصة النساء اللواتي هن أحوج لهذا الصوت الذي يمثل الإبنة والأخت والأم والمرأة في كل مراحلها وأوضاعها..
ما زالت الدكتورة رولى تضع اصبعها في الجحر الواحد مرتين رغم اللدغ لتبطل مقولة اليأس وعدم تكرار التجربة ، وما زالت تمتلك طاقة الفعل والمغامرة الاصرار والابداع ، وما زال لها أنصار كثر سيذهبون إلى صندوقها رغم كل عوامل الاحباط بعد أن لم يبق شموع تضيء في ظلام يتزايد ونفق يطول قطعه..
استمعت إليها في تسجيلين أخيرين، وقد التقطت ما يلتقطه الاعلامي والسياسي والمُشرع والمثقف وقدمت وصفة حلول وخلطة معالجة حين أخذت تشخيصها من الواقع وبنت منه وأقامت عليه رؤيتها دون قفز أو تسويغ أو حتى هدم..
خاطبت رولى جلالة الملك ليبقى مظلتها في الشرعية والولاء، وحتى لا يكفرها وطنيا أولئك الذين يتربصون بكل دعاة التغيير والاصلاح.. ويبدو أن البعض يريد الولاء له كمتنفذ او لمؤسسة أو جهة وليس لرمز البلاد وحافظ الوحدة الوطنية وحامي الدستور، وهذه معاناة البعض ممن لا يريدون أن يمروا من كُم أحد وصولا إلى أهدافهم النبيلة..
صوت رولى الحروب الفرا مجلجل غير مهتز أو مرتجف، رغم محاولات الخلخلة التي تريده أن يخرج كصوت الفخار المكسور، وهي قادرة بعد اليوم أن تسبح في المياه العميقة وتحت كل درجات الحرارة أو البرودة حين انتزعت نموذج طفل الزرقاء وبنت منه بيانا سيبقى صالحا، إلى أن تزول كل الاعاقات من وجه مجتمعنا ليسترد عافيته، وقد بنى اصلاحاته السياسية التي هي الأصل في إعادة انتاج مجتمع معافى فيه عدل هو أساس الحكم أو المُلك..
نعم الدكتورة رولى الحروب في خطابها الاجتماعي تمثلني، وقد اختلف معها في قضايا سياسية أو في رؤية تكتيكية، وهذا يسجل لها لا عليها ، فليس من الضرورة التطابق من رؤية وفلسفة سياسية متماسكة هو خطاب متماسك ومتكامل وانساني وبعيد عن التوظيف الجهوي أو القسري.
ليس سهلا على أردني مثلها أن يخوض غمار التجربة التي خاضتها في الأيام الأخيرة لولا خبرتها وامتلاكها لرؤية عميقة وواثقة وموقف تنظر من خلاله إلى زوايا متعددة..
علينا أن نصل بصوتها وأن نوصله إلى حيث يحدث الصدى ويقوم الفعل، وأن نستفيد من كثير من المعطيات فلنسند هذا الصوت المتفائل علّه ينشلنا مما نحن فيه من إحباط.. لنحاول فما زالت رولى تنتظرنا يوم الاقتراع لنبايعها على أمانة التمثيل..

شاهد أيضاً

أحلام طهران ودماء الفلسطينيين* د. سالم الكتبي

عروبة الإخباري – بعد نحو ستة أشهر من الحرب التي أشعلتها حركة حماس الإرهابية بعد …