الإتفاق الثلاثي … الخطورة في مضمونه . …؟ ! د فوزي علي السمهوري

تباين الآراء والمواقف بشأن البيان الثلاثي الأمريكي الإماراتي الصهيوني ناجم عن الإختلاف في قراءة أهدافه ومضمونه المعلنة وتلك ما بين السطور ليس فقط فيما يتعلق بفلسطين وإنما في شكل المنطقة المستقبلي أمريكيا وفق رؤية ترامب وفريقه وهنا تستوجب على قيادات عربية توخي الحذر فيما هو قادم .
لغايات التحليل ساستعرض الإتفاق الثلاثي وفق ثلاث عناوين :
أولا : من حيث التوقيت .
ثانيا : من حيث الأهداف .
ثالثا : من حيث المضمون .
من حيث التوقيت :
يأتي الإعلان عن الإتفاق الثلاثي في ظل أجواء تغلب عليها :
• الإنتخابات الأمريكية وتراجع شعبية ترامب وفقا لاستطلاعات الرأي وبالتالي الفشل بالحفاظ على كرسيه في البيت الأبيض وما يعنيه من إحساس بالخوف والقلق الاماراتي من توجه سياسة بايدن في حال وصوله للبيت الأبيض .
• الإحتجاجات والمظاهرات المناوئة والرافضة لاستمرار نتنياهو رئيسا للوزراء بسبب تهم الفساد المعروضة امام القضاء وبسبب فشله في إدارة ملف كورونا وما نجم عنه من تداعيات إقتصادية .
• فشل مساعي وجهود ترامب باختراق موقف القيادة الفلسطينية للقبول بصفقة القرن ” مؤامرة القرن ” ولو شكلا أو حملها على كسر حلقة المقاطعة لإدارة ترامب التي وضعت نفسها شريكا للإحتلال الإستعماري الإسرائيلي .
من حيث الأهداف :
إعلان الإتفاق الثلاثي في هذا التوقيت يهدف إلى تحقيق أهداف عدة منها :
▪دعم حملة ترامب الانتخابية من خلال تسجيل إنجاز ما في ملف خارجي شكلي لا قيمة أو تأثير جوهري له على مسار قضية رئيسية ومركزية كالقضية الفلسطينية التي عجز عن إختراقها بسبب تنكره للحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وبحكم سياستة المنحازة للإحتلال ودفاعه عن جرائمه مما ادى الى تعميق عزلة الموقف السياسي الأمريكي عالميا .
▪ تحفيز الحركة الصهيونية العنصرية وادواتها للتحرك بفعالية لدى أوساط عنصرية أمريكية لحثها على المشاركة والتصويت لترامب إثر نتائج إستطلاعات رأي تشير إلى عزوف قطاعات واسعة منها عن تأييد ترامب أو المشاركة في إنتخابات الثالث من تشرين الثاني القادم .
▪ إنقاذ مجرم الحرب نتنياهو من جرائم الفساد بإظهار وترسيخ صورته كقائد وزعيم تاريخي قادر على تحقيق الأهداف الصهيونية التوسعية والعدوانية .
▪ بيع الموقف الإماراتي لترامب أولا ظانا ان ذلك تمثل خطوة دفاعية عن الذات عل وعسى أن تساعد في إيصال ترامب للبيت الأبيض لدورة ثانية متخذا بذلك بديلا عن اللجوء الى وضع إستراتيجية مشتركة تكفل أمنها كجزء لا يتجزأ من أمن الخليج ككل .
▪خطوة متقدمة تهدف لممارسة ضغط إضافي جديد غير مباشر على القيادة الفلسطينية عبر الإيحاء بان إستمرار تمسك القيادة الفلسطينية بحقوق شعبها ” بحدودها الدنيا “ورفض التنازل عن اي من حقوق الشعب الفلسطيني ستؤدي الى عزل فلسطين شعبا وقيادة عن محيطها وعمقها العربي وذلك بهدف إنتزاع موافقة فلسطينية ضمنية أو شكلية على مؤامرة القرن ” صفقة القرن” وقد يمتد تاثيرها على الاردن لمواقفه الداعمة والمتضامنة مع الموقف الفلسطيني خلال ما تبقى من أسابيع لرئاسة ترامب في دورته الأولى .
من حيث المضمون :
تضمن مضمون البيان الثلاثي نقاطا ومؤشرات خطيرة ليس على صعيد القضية الفلسطينية فحسب وإنما تمس مستقبل منطقة الشرق الاوسط بكليتها كما تضمن البيان نقاطا عديدة تمثل مرتكزات لخطة عمل المرحلة القادمة بقيادة امريكا تستهدف الساحة العربية والإسلامية من حيث :
— وصف كل إختراق وإتصال وإتفاق لدولة عربية أو إسلامية مع الكيان الصهيوني العنصري بالتاريخي بهدف تحفيز وتشجيع دول أخرى لاتباع نفس المسار إرضاءا لساكن البيت الأبيض ولو كان ذلك على حساب أمن وإستقرار ومصالح وشعب تلك الدولة أو الدول .
— خلو البيان الثلاثي من أي دعوة او إشارة إلى إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة كما خلا من التاكيد على الأبعاد السياسية للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية .
— خلو البيان من توضيح وتفصيل آلية تحفيز النمو الاقتصادي بما يعود بالفائدة على مواطني دولة الإمارات متجاهلا سياسة الحصار والتجويع الذي يمارسها بحق الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة عام 1948 في سياسة عنصرية تؤمن بسيادة عرقها على البشرية جمعاء ، كما أن الإشارة إلى وصف إقتصاد الإمارات بالاقتصاد المتقدم فتلك مبالغة تستهدف توظيف وتجيير الإمكانيات المالية لدولة الإمارات لصالح دولة الإحتلال والإستعمار الصهيوني العدواني والعنصري وإستخدامها جسرا موصلا للصناعات والمنتجات الصهيونية مع دول ترفض شعوبها وقادتها الإعتراف والتعاون مع كيان إستعماري صهيوني يرفض الإعتراف بميثاق الأمم المتحدة كما يرفض الإلتزام بإحترام القانون الدولي والقانون الإنساني ويتنكر لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والاتفاقيات والمواثيق المنبثقة عنه ووفقه .
— الاشارة في البيان إلى تعليق ” إسرائيل ” اي لفترة مؤقتة إجراءات ضم الضفة الغربية من نهر الاردن وما يعنيه ذلك من مصادرة الاراضي وطرد المواطنين من ابناء الشعب الفلسطيني اراضيهم عاجلا ام آجلا بطلب امريكي إنما يعني ضمنا الموافقة على منح الحق للكيان الصهيوني الإستعماري الإحلالي بفرض سيادته العدوانية وإدامة إحتلاله للأراضي الفلسطينية المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 والمضي قدما بارتكاب جرائمه المتواصلة منذ عام 1948 بحق الشعب الفلسطيني وبالتالي إنكار حق الشعب الفلسطيني بسيادته على أرضه المحتلة وحقه بإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف وعلى حقه بتقرير المصير خلافا لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة .
— العمل على تحويل دولة الإمارات التي كانت تتمتع بإحترام دول كثيرة حتى إبرامها الإتفاق مع ” إسرائيل ” إستجابة لأوامر وتعليمات البيت الأبيض إلى أداة يقوم بدور السمسار للاتصال بالزبون ” وفي هذا الإتفاق تحل الدولة بديلا عن الزبون الشخص او المؤسسة او الشركة ” لإقناعها بشراء البضاعة الفاسدة القاتلة لشعبها ووطنها اي الإعتراف بكيان صهيوني إستعماري لا حدود لاطماعه العدوانية والتوسعية والذي يمثل رمزا وعنوانا للإرهاب والعدوان والتطرف وإلا ما معنى أن ينص البيان على إلزام الإمارات بالانضمام إلى ” إسرائيل ” لتحقيق هدف العمل على توسيع علاقات الكيان الصهيوني مع الدول الأخرى في العالم العربي والإسلامي ؟
— أما إنضمام دولة الامارات لتنفيذ إستراتيجية أمريكا للشرق الأوسط الهادفة إلى توسيع التعاون الدبلوماسي والتجاري والأمني دون أن تشارك ببناءها او حتى بإحاطتها علما بمحتواها فهذا يعني قمة الإستخفاف والاستهتار في دور الإمارات التي بات مقصورا على التنفيذ دون نقاش بالطبع هذا الدور وهذه المهمة ستواجه بالرفض من شعب دولة الإمارات .
— أما تطرق البيان إلى أن ” الطرفين سيواصلان جهودهما للتوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ” فهذه أكذوبة وتضليل فالحل العادل والشامل مصان ومكفول في القرارات الدولية أرقام 181 و 194 وباقي القرارات ذات الصلة ” بانتظار تنفيذها ” الذي تتبجح القيادة الصهيونية ورمزها نتنياهو برفض الإعتراف بمضمون القرارات عامة وبمضمون القرارين خاصة الذي مضى على إصدارهما 72 عاما علما أن ” شرعية الكيان الصهيوني مستمدة من قرار التقسيم رقم 181 ” إضافة إلى التنصل من باقي القرارات الدولية ذات الصلة .
وما على الإمارات إلا أن تمارس أدوات قوتها إن وجدت والتي تفوق قوة قوى دولية معنية بترسيخ الامن والسلم الدوليين لإرغام دولة الإستعمار الإسرائيلي لإنهاء عدوانها وإستعمارها لفلسطين تنفيذا للقرارات الدولية بدءا من قرار مجلس الأمن 242 و 2334 ولتحرير الجزر الثلاث .
وفي حال فشلها ما عليها إلا الإمتناع عن توقيع أي إتفاق مع الكيان الصهيوني حفاظا على امنها وعدم الانجرار وراء أوهام ترامب وفريقه .
بناءا على ما تقدم نتمنى على قيادات الدول العربية الذي أتى على ذكرها كوشنير ومجرم الحرب نتنياهو أن تحترم إرادة شعوبها المستمدة من عقيدتها ومن قوميتها العربية الرافضة لمبدأ الإعتراف بدولة الإحتلال الاستعمارية عدوة الإنسانية وعدو القانون الدولي والشرعة الدولية كما هي عدو بامتياز للشعب العربي وعدم التساوق مع أوهام وأكاذيب فريق ترامب والمجرم الفاسد نتنياهو ” فهل للمجرم مصداقية ؟ ” ولهم عبرة في عدم إلتزام القيادات الصهيونية تاريخيا باحترام و تنفيذ إلتزاماتها المنصوص عليها في معاهدة كامب ديفيد وفي معاهدة وادي عربة وفي إتفاق أوسلو .
الشعب العربي وطليعته الشعب الفلسطيني سينبذ كل من يتآمر على قضيته وحقوقه التي تمثل صلب حقوق الشعب العربي …… كما يرفض أي مساس بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية وبقيادتها الشرعية ورمزها السيد محمود عباس. … قوة الشعب الفلسطيني تكمن في إيمانه النابع من عدالة قضيته التاريخية والقانونية والحقوقية …..
التاريخ لن يرحم كل من يدعم الكيان الصهيوني ويتخلى عن الشعب الفلسطيني في مواجهة مؤامرة القرن وأبطالها الثنائي نتنياهو ترامب. …
الإعتراف ” بإسرائيل ” يمثل ردة عن العقيدة الإسلامية والمسيحية. … وعدم الإيمان بخطورة الحركة الصهيونية التي وظفت الرئيس ترامب أداة في خدمة أهدافها الاستعمارية بالهيمنة على كامل أراض الوطن العربي. … إنه بذلك يتنازل مقدما عن سيادته وأمنه في دولته. …. آن الوقت للنهوض من حال السبات إلى حال اليقظة … دفاعا عن الأمن والسلم العربي الجمعي. … وستبقى فلسطين بوصلتها مهما بلغ عدد وقوة المتآمرين. …. ؟ !
حقنا في فلسطين التاريخية . .. خالد ابدا … لن ننساه … ولن تنساه الأجيال القادمة حتى النصر والتحرير بإذن الله. …

شاهد أيضاً

ملاحظات على هامش هجوم إيران الأخير* د. سنية الحسيني

عروبة الإخباري – تمر منطقة الشرق الأوسط بتفاعلات سياسية خطيرة، تجسدت بحالة من الصراع الدموي …