في بلادِنـا نطوّعُ الريـح
وصال ابو عليا
لنا بلادٌ نمشي بها على حافةِ الجرح، نحتفي بها صغاراً وكباراً وبكلِ ما يمرُ علينا من أحداث، نضمّدُ جرحَ القصيدة ونتغنى ببطولةِ الشهيد، وإرادةِ الأسير وصبرِ الأم المكلومة، نلونُ العيدَ ليُضاف هذا الجديد لألوانِ الطّيف.
في هذه البلاد ينبتُ الشعراءُ بين مفاصل الريح ويطوّعونها بين أصابعهم، واحداً تلوَ الآخر. لا يكتفون من مشاهدةِ حباتِ القمح؛ كيف تندمجُ بين ذراعيّ الفلاح، ولا يكتفون من فرحِ المتعبين عندما يجفّ جبينَهم.
لنا بلادٌ حين نمشي في خريطتِها التي لا تضيقُ بنا، ولن تضيقَ يوماً، بل تتسعُ لأرواحِنا حتى السماء، توصلُنا للسّقف ونيّف. وعلى جنباتها نتكيءُ على الغياب ونقفز من قمرٍ إلى آخر، نعدو بين حجارتِها ونُعبّد بكلماتنا الطرقاتونعمّد فضاءَها بدمِنا اللامنتهي.
في هذه البلاد، مع كل بيت جديد نرفعُ العلمَ بألوانِه الأربعة ورمزيتِها المتجذرة في وعيِنا، وفي زوايا الجدرانِ نعلقُ صورةً لهذا الشهيد هنا، ونحتفظُ بحقيبتِه المدرسية كما تفعلُ أمي، تُزين غرفةَ الاستقبال بحقيبةِ أخي مناضل الذي استشهد عام 2006، يبدو الحائطُ متماسكا أكثر من ذي قبل. وفي بيتٍ آخر نرى أشغالاً يدوية لأسيرٍ صنعَها خلفَ قضبان السجن، ينسجُ حلمَه بالحرية على شكل طائرٍ مُطرزٍبألوانِ صمودنا الفلسطيني.
لنا بلادٌ سنكونُ فيها ما نريد، سلامٌ لروحِ أخي الشهيد، وسلامٌ لشعرائِنا ومتعبينا ولتوّاقي الحرية والعدالة ولمحمود درويش في عليائه نجمةٌ في سمائنا.