قدمان صغيرتان.. وعاصمة عربية

عروبة الإخباري -وصال أبو عليا

لم تدرك أي منهن أن قدماها الصغيرتان تنزلقان مراراً وفي كل مرة تكبر الخيبة وتعيها بشكل مفرط، في المقام الأول حينما صُبغت لكونها أنثى، وباتت ترتجف روحها مع مرور السنين، فمرة يصفعها أخيها الأكبر بحجة خوفه عليها ولم تتجاوز العامين حينما كانت تجوب بفستانها الوردي أزقة البلدة، ومن ثم في مرحلتها التعليمية الأولى والحكم عليها ألا تجلس بجانب الأولاد وإنما البنات بجانب البنات، ليُصار لهذا “البعبع” أن ينمو بداخلها، وفيما بعد تخط قفزة مع تجاوز الثانوية العامة وكل الأهوال التي أحاطت بها تتحدى المحيط باتجاهين لتحارب على جبهات عدة، مرة لكونها أنثى وتتحدى لتثبت جدارتها في التفوق وأخرى لتثبت لمجتمعها قدرتها على التحدي..
تتوالى بعد ذلك المحطات، إحداها تلوى الأخرى، لتخط قدماها ساحة الجامعة، واحتمالات الخذلان قائمة من الفرد والكل كلا على حدا وربما مجتمعة، لم يعد هناك ما يدهشها، وعلى امتداد رقعة وطننا العربي تجد إحداهن أُزهقت روحها على يد أبيها بفعل تحريض المحيطين وايعازهم بأنها المسؤولة عن ثقب الأوزون تارةً، ونجد أخرى افترس أحلامها زوجها بحجة أنه لا يرغب بأن تكون المرأة عاملة وإنما مكانها بحدود البيت فقط، ينتابني اعتقاد قطعي أن هناك خوفاً متأصلاً من ارادة هذه الأنثى العصية على الكسر، يدركون أنها قادرة على تخطي الصعاب وارتقاء النجاح في مجالات عديدة. ورغم أن لكل بلد عربي الخصوصية التي يحظى بها وطبيعة مكانة المرأة التي يرسمها إلا أن هناك مراسم مشتركة لوأد الضحية.
وما يحدث لمجابهة الحدث لا يتعدى كونه حديثا بين أنفسنا على مواقع التواصل الاجتماعي لنبذ ما حدث دون عقوبة فعلية، فهل علينا أن نجوب شوارع المدن الكبرى نطالب بتسليح النساء ليدافعن عن انفسهن. ؟ هو مطلب وسؤال برسم الاجابة..
وعلى الرغم مما قيل ومما سيقال، إلا أنه وبمواطن كثيرة استطاعت الأنثى التي يخشون عقلها وقلبها معاً أن تنتصر على قيودهم وستبقى تواصل انتصارات هنا وهناك لأنها الحياة التي نرجوها نعيشها مرة في العمر فلا مزيد للأشخاص الخطأ فيها ولأيديهم التي تكبلنا. وهذه الأنثى لن تكون حجرا في عواصمنا العربية إنما هي العواصم ذاتها القدس وبيروت وعمان والقاهرة وبغداد عصية على أي احتلال وأبغضه ظلم ذوي القربى.
وبعد اليوم لا حاجة لنا بالملح على جرحنا، سنستدبله بالسّكَّر.. بالسكر فقط.

شاهد أيضاً

كان النوم يأخذني خلسة دون عناء

عروبة الإخباري – د. ناديا مصطفى الصمادي كان النوم يأخذني خلسة دون عناء يضعني بين …