عروبة الإخباري – وصف مفتي الديار المصرية، شوقي علام، الجمعة 17 يوليو/تموز 2020، قرار تركيا بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، بأنه “غير جائز”، في تصريحات جديدة أثارت ردود أفعال على مواقع التواصل، لاسيما أن هذه التصريحات تأتي بعد أزمة سبّبها وصف دار الإفتاء المصرية لفتح القسطنطينية بأنه “احتلال عثماني”.
انتقاد لقرار تركيا: علّام، في تصريحات لبرنامج “نظرة” على فضائية صدى البلد، أجاب عن سؤال حول حكم الشرع في تحويل الكنائس إلى مساجد، ليقول المفتي إن هذا “لا يجوز”، مضيفاً أنه “ينبغي الحفاظ على الكنائس كما هي، وأن يتم احترام خصوصيتها”.
أضاف المفتي أنه في “التاريخ المصري لم نر كنيسة تحوّلت إلى مسجد، أو مسجد حُوّل إلى كنيسة”، ورأى أنه “لا مانع من بناء الكنائس من مال المسلمين، وأن المسلمين مأمورون بالحفاظ على الكنائس”.
المفتي استند في روايته إلى حادثة قال إنها حدثت مع النبي محمد، عندما جاءه وفد من نصارى نجران وكان هو في مسجده، مضيفاً أن الوفد أراد فيما بعد الصلاة، فسمح لهم النبي بالصلاة في مسجده، وفق قوله. كذلك أشار إلى ما قاله الليث بن سعد، فقيه مصر، حيث أفتى بأن الكنائس في الإسلام من عمارة الأرض.
أضاف علام أنه “لم يثبت أن الرسول أمر بهدم أصنام لم تعبد، وهذا فضلاً عن دور العبادة، وهي أخصّ”، مشدداً على أن “دور العبادة خصوصية من خصوصيات العقيدة التي يتبنّاها الإنسان، ولا بد من احترامها والحفاظ عليها”.
تأتي تصريحات المفتي بعد أيام من قرار تركيٍّ قضى بتحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد في تصريحاته عقب القرار بأن المسجد سيبقى تراثاً إنسانياً، وسيفتح أبوابه أمام الجميع من مواطنين وأجانب وغير مسلمين.
ردود أفعال: قوبلت تصريحات المفتي بآراء متعددة على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر بعض المغردين أن تصريحاته حول تحويل متحف آيا صوفيا الذي كان كنيسة، إلى مسجد، تحمل طابعاً سياسياً بحكم الخلاف الكبير بين القاهرة وأنقرة.
مغرّد باسم “عبدالسلام” كتب تعليقاً على تصريحات علام، وقال فيها: “مفتي الديار المصرية شوقي علّام: تحويل تركيا لكنيسة “آيا صوفيا” إلى مسجد لا يجوز شرعاً، هذه فتوى فقهية أو رأيك الشخصي أو رأي الحاكم؟”.
أما المغرد “علي سلطان” فعلّق بالمقارنة بين الأب المسيحي منويل مسلّم، وبين علام، وقال: “منويل مسلّم نصراني، ورغم ذلك نطق بكلمة صادقة عن الإسلام وممكن تشوف الفيديو كيف يهاجم تحويل المساجد إلى معابد يهودية وخمارات وحظائر للبهائم، أما الثاني فهو مفتي الديار المصرية شوقي علام من أجل بغضه لأردوغان وإرضاء للسيسي يبيع الدين”.
يُشار إلى أن الأب منويل رئيس الهيئة الشعبية العالمية لعدالة وسلام القدس، قال إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “رفع قدر وكرامة آيا صوفيا من متحف إلى جامع يُسبّح فيه اسم الله”، بعد أن كان متحفاً تدوسه أقدام الأمم.
من جانبه، قال مغرّد باسم “محمد ردهه” إن “المفتين في البلدان العربية والإسلامية هم موظفون لدى الحكومات، وبالتالي يفتون بما تريده حكوماتهم، أما الشرع والدين فلا قيمة لهما عند المفتين، وليس مفتي الديار المصرية الوحيد في ذلك”، وفق قوله.
وحتى يوم السبت 18 يوليو/تموز 2020، لم يصدر أي تعليق رسمي من أنقرة على تصريحات مفتي الديار المصرية، إذ سبق أن علّق رئيس الشؤون الدينية في تركيا، علي أرباش، على وصف دار الإفتاء المصرية، في يونيو/حزيران الماضي، لفتح القسطنطينية بأنه “احتلال عثماني”.
استنكر أرباش الوصف المصري، مؤكداً أن فتح القسطنطينية هو “نتيجة صراع من أجل الحرية والعدالة والرحمة”، وفقاً لما ذكرته وكالة الأناضول، وأضاف أن “غزو إسطنبول وهو فتح سعيد، كان من نصيب السلطان محمد الفاتح، وتنبأ به نبيّنا الحبيب الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حديثه الشريف”.
جدل دولي حول آيا صوفيا: ارتبطت آيا صوفيا بالإمبراطورية البيزنطية المسيحية والإمبراطورية العثمانية الإسلامية، وهي اليوم أحد أكثر المعالم الأثرية التي يُقبل الناس على زيارتها في تركيا.
بُنيت كنيسة آيا صوفيا في القرن السادس في عهد الإمبراطورية البيزنطية المسيحية، وكانت مقراً لبطريركية القسطنطينية، الاسم السابق لإسطنبول، وعندما دخلت القوات العثمانية المدينة في 1453 أمر السلطان محمد الثاني بتحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، وبُنيت المآذن الإسلامية حول قبتها البيزنطية.
بقيت آيا صوفيا مسجداً إلى ما بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وفي منتصف الثلاثينيات أمرت السلطات التركية الجديدة في عهد مؤسِّسها العلماني مصطفى كمال أتاتورك بتحويل المسجد إلى متحف مفتوح للجميع.
ويعتبر مبنى آيا صوفيا صرحاً فنياً ومعمارياً فريداً من نوعه، وكان المبنى على مدار 916 عاماً كاتدرائية، ولمدة 481 عاماً مسجداً، وهو من أهم التحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط.