التايمز: لبنان يسير نحو كارثة اقتصادية

عروبة الإخباري – قال مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “التايمز”، ريتشارد سبنسر في تقرير له تحت عنوان “عائلات تبيع الأحذية القديمة ولا لحم للجيش: دوامة لبنان من الكارثة الإقتصادية” إن ألان بيفاني مدير عام وزارة المالية بلبنان قرر الاستقالة هذا الأسبوع بعد عقدين في منصبه، بسبب ما قال إنه يرفض أن يكون “شريكا أو شاهدا على الإنهيار” وقال إن البلد ينهار نحو مزيد من البطالة والفقر.
وأضاف سبنسر في تقريره، أنه لم يعد لديهم بلبنان الكلام ليصفوا فيه الإنهيار، الإنفجار أو التفكك الذي يواجه البلاد والذي حدث في مجال أربعة أشهر، وفقا لترجمة صحيفة “عربي21”.

ويضيف:”لكن لا حاجة للكلمات المعقدة لوصف الحال خاصة أن البلد بكامله، حكومة ومصارف وشعبا أفلس ماليا، فعلى منصة فيسبوك وضع أبناء الطبقة المتوسطة إعلانات لبيع الأثاث والملابس وحتى أزواج من الأحذية القديمة. وهذا عدد غير قليل”

وعلى خلاف الدول الفقيرة مثل مصر، فنصف اللبنانيين كانوا يصنفون أنفسهم أنهم من أصحاب الدخل المتوسط.

وعلى الجانب الآخر من الأزمة أعلن الجيش اللبناني هذا الأسبوع أنه لن يستطيع توفير اللحم للجنود. في وقت ارتفعت فيه الأسعار إلى ثلاثة أضعاف.

وفي اقتصاد مثل لبنان فنسبة 80 بالمئة من المواد الغذائية المتوفرة في المحلات هي مستوردة. ولهذا زاد الطلب على العملة الصعبة خاصة الدولار بدرجة ارتفع سعره خمسة أضعاف العملة المحلية.

وفي الوقت الذي حددت فيه الحكومة سعر صرف الدولار الواحدة بـ 1.500 ليرة لبنانية إلا أن السعر غير الرسمي يصل إلى 9.000 ليرة للدولار.

ولم يعد لدى شركة الكهرباء الوطنية عملة صعبة لشراء الوقود اللازم لتشغيل المولدات. وتواجه العاصمة بيروت فترة انقطاع يومي للتيار الكهربائي لمدة ثلاث ساعات وهي المدينة المعروفة بمطاعمها الراقية التي تتقاضى 100 دولار على الشخص الواحد.

وفي هذا الأسبوع زاد انقطاع التيار الكهربائي مثل الأسعار في المحلات إلى عشر ساعات تقريبا. وفي شريط فيديو تم تداوله على منصات التواصل، ولم يتم التأكد منه وظهر فيه رجل مسلح يسطو على صيدلية لكي يحصل على صندوق من الحفاظات.

وقال سامي نادر، المستشار الحكومي السابق “سنصبح قريبا مثل فنزويلا” و”لكن فنزويلا لديها نفط على الأقل”.

ولا يعاني لبنان من جبل ديون وبطالة وانهيار بالتجارة ولكن من آثار فيروس كورونا الذي زاد من الأزمة. ولم تعاني دولة مثلما عانى لبنان من انهيار أو وقع في منطقة حساسة من المنطقة.

فالإنقسامات الطائفية التي مزقت البلد في الحرب الأهلية قبل 30 عاما عاد ت إلى السطح من جديد. والأسوأ أنها عادت بنفس التي ظهرت فيها بالجارة سوريا.

وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس من مخاطر عودة العنف. وما قاد إلى انهيار العملة هو إعلان الحكومة في آذار/مارس التي زادت ديونها بنسبة واحد ونصف عن الدخل الوطني العام، وهي ثالث أعلى نسبة في العالم أنها ستتخلف عن دفع ديونها.

واعتقدت أن المبلغ 1.2 مليار دولار تافه وأن المجتمع الدولي سيقوم بتقديم حزمة مساعدة. ولكن القرار كان بمثابة فشل رمزي، حيث كشفت فيه الحكومة عن عدم قدرتها على دفع مبلغ صغير مما أعطى صورة أن كل النظام الإقتصادي اللبناني هو مهزلة.

ولم تكن الحكومة هي التي أفرطت بالاقتراض بل واقترض بنك لبنان من البنوك الخاصة للحفاظ على نسبة الفائدة بالدولار والذي خفض أسعار الإستيراد من طعام ووقود وكل شيء والبضائع الكمالية للأثرياء.

وجاءت القروض من البنوك الخاصة من ودائع الناس العاديين الذين استفادوا من المواد المستوردة الرخصية لكن البنوك هي التي تحتفظ بأموالهم.

وبدا أن كل المظاهر التي أبداها لبنان بالإزدهار لم تقم على شيء. فلا صناعة فيه والصناعة الوحيدة التي تعتبرها عماد اقتصادها هي الخدمات المصرفية التي أطلقت النار على نفسها.

ويرى الكاتب أن المقارنة مع فنزويلا تقدم إشارة عن صعوده وانهياره وكذا مشاكله الإقتصادية المحلية، فهو في مركز حرب جيوسياسية بين الولايات المتحدة وأعدائها.

فاتفاق المشاركة في السلطة الذي أنهى الحرب الأهلية قبل 30 عاما منح الأحزاب السياسية والدينية حصة تناسب الجميع.

فقد حصل البلد على السلام ولكن الاتفاق منح امراء الحرب الإحترام والوزرات وثروات هائلة. وقد استفادت القوى الدولية والإقليمية من الإتفاق حيث أصبح لكل منها ممثله داخل البلد، ولم يحاول أي منها تحدي السياسة الداخلية رغم الفساد الذي لاحظه الجميع.

وفي وثيقة سربها موقع ويكيليكس من برقيات السفارة الأمريكية في بيروت أن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الذي كان يعمل معلما في بداية الحرب الأهلية قد راكم ثروة من ملياري دولار.

واستفاد رفيق الحريري، رئيس الوزراء الذي اغتيل قبل 15 عاما من مرحلة إعمار لبنان ما بعد الحرب بشكل حول شركته إلى أكبر شركة إنشاءات في الشرق الأوسط.

ولا يزال بري الذي يرأس حزبا سياسيا شيعيا متحالفا مع حزب الله رئيسا للبرلمان. اما سعد الحريري فقد أجبر على الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء في تشرين الأول/أكتوبر ولكنه لا يزال زعيما للكتلة الموالية للغرب.

ويقول إن النزاع الجيوسياسي الحالي بين أمريكا وإيران زاد بسبب الحرب الأهلية السورية، وقال إن الإطاحة بسعد الحريري تعني أن مناشدات لبنان للمساعدة لن تلقى تعاطفا من واشنطن.

كما أن إيران التي تعيش مشاكلها الإقتصادية ليست في وارد من يقدم المساعدة رغم أن وكيلها في لبنان، حزب الله يسيطر على الحكومة.

وتكمن أهمية الوضع من ناحيتين، واحدة تتعلق بالعقوبات الأمريكية الأخيرة على سوريا والتي ضربت النظام المصرفي اللبناني.

ففي الوقت الذي تاجرت فيه هذه المصارف عبر سمعتها الدولية إلا أن زبائنها قلوا وذهبوا إلى الخليج ولم يبق لها سوى السوريين كمصدر رئيسي للودائع الأجنبية.

أما الجانب الثاني فهي الولايات المتحدة التي تعتبر مستثمرا كبيرا في صندوق النقد الدولي الذي رفض طلب مساعدة تقدم به لبنان.

فواشنطن تريد ربط أي مساعدة بتقزيم دور حزب الله، وتحديدا قطع خطوط التهريب التي تستخدم لنقل البضائع والصواريخ.

ومن المفارقة أن الشروط الأمريكية لم تكن سببا في انهيار المحادثات بين بيروت وصندوق النقد الدولي والتي أدت لاستقالة بيفاني، بل طلب التدقيق على النظام المصرفي وحسبة مقدار ديون كل قطاع في الإقتصاد.

وفي الوقت الذي يرفض فيه الساسة تقييمات وزارة المالية ويتحدثون عن الكرامة الوطنية، إلا أنهم كما يقول نقادهم يخشون فضح فسادهم.

ويرى الكاتب أن التعاطف مع بيفاني مثير للدهشة، فهو بعد كل هذا هو الرجل الذي طبق كل سياسة دفعت لبنان إلى الحافة.

وهذا يصدق على كل شخص في النظام. ويقول ياسين جابر، النائب عن كتلة أمل وعضو اللجنة المالية في البرلمان “دعني أكون صادقا معك، أنا عضو عن حزب أمل ولكن عليك في بعض الأحيان أن تترك ضميرك يملي”.

ويرى أن على الحكومة القبول بمطالب صندوق النقد الدولي “كل الطرق تقود إلى روما وبالنسبة لنا فهي تقود إلى صندوق النقد الدولي”.

لكن الحكومة لم تتحرك. وقال زعيم حزب الله، حسن نصر الله أن الحكومة قد تبحث عن المال في الصين مما قاد للسخرية منه.

ويقول جاد شعبان، استاذ الإقتصاد بالجامعة الأمريكية في بيروت “نحن ماضون نحو الكارثة” و “هي كارثة خلقتها الطبقة الحاكمة”.

شاهد أيضاً

“الأونروا” تُحدّد 11 مركزاً لإيواء فلسطينيّي لبنان

عروبة الإخباري – صحافة وطن – في خطوة لافتة أوضحت أنها تأتي «ضمن نشاطات التأهب …