البوتاس العربية .. لم نفتقد البدر ..

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
قيل في الحديث الشريف: “لا تسبّوا الدّهر فإنّني أنا الدّهر”.
أي أن الدهر هو الله… هو الزمن فلا تسبوا الزمن…. واسقط على ذلك فأقول: لا تسبوا الخصخصة، فالعيب ليس فيها وانما في المخصخصين القائمين عليها ..”العيب فينا يا في حبايبنا أما الحب يا عيني عليه”.. لا تبحثوا عن “قميص عثمان” في الخصخصة كنهج اقتصادي ولا تصنعوا منها علاقة أومشجبا تعلقون عليه سوء اعمالكم فيها والتغطية بها.. فهي بريئة براءة الذئب من دم يوسف.
دول العالم خصخصت ونجحت فيها التجربة وحتى نحن وان كانت كثير من شركاتنا ومؤسساتنا التي خصخصت لم تنجح فإن بعضها نجح بشكل ملموس ولديّ المثال في شركة البوتاس العربية، وشتان بين البوتاس المخصصة بوعي وحرص ومتابعة نظيفة لما بعد اجراء عملية الخصخصة وبين نظيرتها في الفوسفات.. وعلينا ان نسأل من “القابلة” التي قامت بولادة مولود الخصخصة؟ ولماذا كان احدهم سليما وبصحة وعافية وخرج الآخر مريضا مشوها وقيل منغوليا!!
ما اردت ان اقوله اننا اذا تأملنا اليوم نتائج التقرير الذي اصدرته شركة البوتاس العربية عام 2019 نجد نتائج باهرة رغم ان البوتاس مرّت بتجربة الخصخصة وعاشتها وخرجت منها اكثر صلابة وربحية وحتى وطنية، حتى لا يظل مدعي الوطنية في المزايدة على الاقتصاد الاردني يذهبون بعيدا حينما يصفون غير المخصص بالوطني ويصفون المخصص بغير الوطني, وكل هذه الصفات لا تليق ولا تناسب فقد اثبتت البوتاس تحديدا بطلانها!!
أردت هذه المقدمة لأقدم للقراء ممن رجموا الخصخصة بشكل اطلاقي دون ان يتوقفوا عند التجارب الاردنية الناجحة.. أردت ان أقدم البوتاس العربية نموذجا يسمو على الحالة فيما لو كانت البوتاس ما زالت مشروعا (بلديا) او في “زراعة البعل” التي تغل مرة وتتوقف عن الغلة اكثر من مرة ولا يستطيع الفلاح اصلاحها!!
المتابع لنتائج البوتاس العربية حتى الآن يشعر بالفخر لنجاح ادارتها وصواب رؤيتها وقدرتها، وهي في جسمها الرشيق على التعامل مع المستجدات والمعطيات المختلفة من نماذج وتلاقح ونسب مع شركات اجنبية من دول مختلفة، حيث كانت في علاقة مع شركات كندية والآن مع صينية ومازالت البوتاس العربية اردنية المنبت والسمات والعوائد وما زالت تقدم للموازنة غلّة وفيرة , كما مازالت تلعب الدور الاول اردنيا في تعبئة النوافذ الاجتماعية في ما يسمى “المسؤولية الاجتماعية” حيث وصلت الموازنة لهذا البند في سنوات عدة سابقة لأكثر من عشرة ملايين دينار ميز هذه الشركة عن غيرها.
أعود لقراءة الاوراق التي وصلتني وهي تقرير مجلس الادارة عن عام 2019 وهذه المرة لم أستطع ان أحضر الاجتماع الذي تغير من حالة الحضور الشخصي في القاعة مثل كل عام وكان يعقبه غداء مميز، الى اجتماع عبر الوسائل الالكترونية في تباعد شديد فرضته الكورونا, وبالتالي لم نستطع ان نشاهد الوان ربطات العنق لأعضاء مجلس الادارة واحتفاء رئيس المجلس بلون جديد احزر انه احمر هذه المرة، لأنه استطاع مجددا وبإدارة كفؤة وفريق منسجم ان يحطم الارقام السابقة في نتائج الشركة, وان يحافظ على الحوار والنقاش والتداول في الرأي وحتى النقد لما اراد الى ذلك سبيلا..
بدأت البوتاس في زمن الكورونا بعافية وسلامة وغلة وفيرة عكستها الارباح ونسب توزيعها كما عكسها في الدرجة الاولى انتماء هذه الشركة وفزعتها للوطن حين قدمت الكثير من تبرعات, في هذا العام واستبقت ذلك قبل ظهور النتائج وبسلاسة وترحيب.
ما زالت البوتاس العربية هي الأولى في الأردن وعلى اكثر من صعيد ففي الارباح وزعت ما نسبته 100% وترجمة ذلك بالأرقام هو (83) مليون دينار في طريقها الى جيوب المساهمين لتطفئ حاجاتهم المتزايدة في زمن الكورونا حتى قال أحدهم: “نيال من كان له مرقد عنز في البوتاس”!!
قدمت البوتاس اليوم نموذجا في الاستفادة من تقنية الاتصال المرئي ليطل مجلس الادارة ومن لزم من الحضور لقراءة التقارير السابقة واللاحقة بكامل استعدادهم وهندامهم, وبدأت الابتسامات تعلو الوجوه، فقد عاد النشامى من مواقع الانتاج لإحصاء البيدر، فكان في التقرير نمو للأرباح الصافية الموحدة ما نسبته 21% في عام 2019 , وترجمة ذلك 152 مليون دينار, وهذا ما جعل لـ جمال الصرايرة حجة وفصاحة لسان وهو يعلن عبر الاتصال المرئي لكل من أراد ان يرى او يسمع ولاحقا من يقرأ القول “انجازات غير مسبوقة على صعيد الانتاج وضبط الكلف في العام الماضي” ،وآخر ثلاث كلمات هي مربط خيل وحجر زاوية وصافرة البداية لسباق جديد…
الانجازات غير المسبوقة التي اراد الصرايرة اعراب جملها بوضوح دون ادغام او لعثمة وبلغة فصيحة، هي ان البوتاس رفدت احتياطي العملات الاجنبية بـ 1,1مليار دولار و (113) مليون دينار, وليس دولار للخزينة.
وكما هارون مع موسى جاء الدكتور معن النسور ليكمل ويقول مبشرا بأن هناك خطة استراتيجية عشرية محاورها الاستثمار في البنية التحتية والتوسع في الانتاج وتنويع المنتجات.
ويضيف ” ليكسو العظام لحما” بأرقام لكميات انتاج البوتاس وقد بلغت 2.486 مليون طن وهي الأعلى في تاريخ الشركة التي عاصرت فترة طويلة من عمرها حين كان الطموح ان تصل الى مليون فقط.
و حتى تصبح البشرى معطيات ملموسة محددة جاء الاخبار بإنشاء شركة معنية بإنتاج مواد كيميائية وأسمدة متخصصة، فقد انتهى في البوتاس زمن الارتجال وتأسيس المشاريع خبط عشواء لإرضاء هذا الطرف او ذلك..
اثبت العائدون من ميدان التعدين للبوتاس أنهم رجال بواسل فقد بيضوا وجه وطنهم حين قدموا القرش الابيض في المنعطف الصعب، فاستحقوا ولاية جديدة لأربعة سنوات شملت اعضاء مجلس الادارة جميعا بما في ذلك الصينيين “الفاتحين الجدد” في شركة البوتاس, وقد ارتحت شخصيا لشراكة الصينيين اكثر من الكنديين، وأتمنى ان يحل الصينيون في كثير من شركاتنا وخاصة في “البروميد” لان الاستثمار الصيني في كل حالاته وفي كل مواقعه من العالم بعيد عن التسييس خلاف الاستثمارات الامريكية او من لف لفها وقد اصبحنا ندرك ذلك تماما!!
ولذا يستحق الصرايرة وإدارته في البوتاس الشكر على اختيار الشريك الصيني الذي يتفهم الضرورات الوطنية ، وأعتقد أن فهم هذا الشريك وسلاسة التعامل معه كانت وراء كرم الصرايرة من الشركة إلى الحكومة!! دون أن يكشر على ذلك الصينيون أو تزيد عيونهم ضيقا ، ومضى الصرايرة يغرف من الخاص ليقدم للعام.. وقد واصل الصينييون وغيرهم من الشركاء قبول أن يقدم رئيس مجلس الإدارة باسم الشركة (20) مليون دينار لصندوق همة وطن ، و(3) ملايين و(250) ألف دينار لصندوق وزارة الصحة ومساهمات أخرى بحوالي (2) مليون دينار.
رغم انخفاض أسعار البوتاس عالميا فقد ظلت النتائج أفضل من العام السابق في مجال الأرباح بزيادة (27) مليون دينار، جاءت من ضغط الانفاق وحسن الانتاج وحسن الإدارة والمتابعة والحرص وعوامل أخرى، هي سر الصنعة في البوتاس كما يقول رئيس مجلس الإدارة التي يضيف عليها الاعتماد على توفيق المولى ورضى الوالدين!!
يبقى ان أحيل القراء الى قراءة التقرير الذي يحمل عام 2019 ففيه الكثير الذي لم أذكره او أعلق عليه وسيجد القارئ معلومات هامة إضافية تفسر له كيف استطاعت البوتاس العربية ان تبقي نفسها في الصدارة، وان تطرح ثمرها طيبا ليكون جذرها ثابت في التراب الوطني وفرعها في اسواق العالم حيث يجدون فيها ما يريدون من بضاعة.
والى عام قادم اكثر غلالا نرى فيه البوتاس العربية وقد اضافت جديدا اخر..

 

file:///C:/Users/dwaymeh/Downloads/APC%20in%20Numbers%202019%20(1).pdf

Related posts

منحة تكميلية لتمويل مشروع الناقل الوطني بقيمة 15 مليون يورو

قرارت اقتصادية استكمالا لحزمة التسهيلات الخاصة بالتحفيز الاقتصادي

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى