أسوأ ما يمكن توقعه عقد انتخابات نيابية في الأردن، خلال العام 2020، خصوصا، في ظل بيئة اجتماعية واقتصادية وسياسية، تتسم بالسخط، بسبب الأضرار التي تعرض لها كثيرون.
هذا الرأي السابق، قد يتبناه أنصار حكومة الرزاز، لأن الهدف منه، إطالة عمر الحكومة الحالية، والتمديد للبرلمان لسنة أو سنتين، أو اللجوء لسيناريو بقاء المجلس حتى نهاية الصيف وحله بشكل طبيعي، مع بقاء الحكومة أيضا، وإجراء الانتخابات في وقت لاحق.
أصحاب الرأي، الذي أشرت إليه، يرون أن البيئة الاجتماعية لا تحتمل استثمارها في الشعارات الانتخابية، والتصعيد، ولا تحتمل أيضا الكلام الحاد من جانب مرشحين كثر، وهي بيئة ستوفر للتيارات الغاضبة فرصة لا تتكرر من أجل دعم المرشحين، في هذه الانتخابات، في ظل حالة من المصاعب الاقتصادية الحادة، والاتهامات بالفساد، وخسارة عشرات آلاف الوظائف، وغير ذلك من ظروف يمكن رؤيتها منذ هذه الأيام، وتوقعها على مدى الشهور القليلة المقبلة، وبالتالي يصر أصحاب هذا الرأي على أن البيئة الانتخابية ذاتها ستكون صعبة جدا، وغير قابلة للسيطرة أو التدخل أو الاحتواء.
بالمقابل يخرج علينا من يقول إن الانتخابات النيابية، استحقاق دستوري، لا يجوز تأجيله، سواء تم حل البرلمان هذه الأيام، وإقالة الحكومة، أو تم الانتظار حتى نهاية المدة الدستورية للبرلمان نهاية الصيف، وإن الأردن دولة مرت بظروف أصعب، ولم تؤجل الانتخابات، هذا فوق أن موسم الانتخابات برأيهم فرصة لصرف المال من جانب المرشحين وتحريك البلد، على مستويات مختلفة، بما في ذلك شراء الأصوات، وهي ظاهرة مخالفة قانونيا، وإن قدرة الدولة على كبح الخطاب المعارض، أو التحكم بالنتائج، بطرق مختلفة، ستبقى قائمة، مهما كانت البيئة حاضنة للخطاب المعارض، أو الساخط، أو التصعيدي، في ظل ظروف مختلفة تماما عن بقية السنين التي شهدت انتخابات منذ ديمقراطية 1989.
في كل الأحوال لا ينبغي أن يبقى الوضع في حالة صمت، فهذه ملفات معلّقة، في ظل أزمة اقتصادية، مؤهلة لأن تكبر، وعلى الدولة أن تخرج لتقول لنا إذا كان هناك انتخابات هذا العام أو لا، وإذا ما كانت هذه الحكومة باقية أم راحلة بعد كل هذه الأثقال التي حملتها، وماذا سيكون مصير مجلس الأعيان، ووضع بقية المؤسسات، خصوصا، أن إدارة الأزمة بشكل يومي وأسبوعي، إدارة يجب أن تنتهي لصالح قراءة الأخطار والتحديات، والاستعداد لها، عبر طرق مختلفة، أقلها عدم ترك الملفات السياسية غائبة في غامض الغيب، وسط تقلبات إقليمية، وأخطار على الطريق من جانب إسرائيل، فوق ما في الداخل من أزمات.
لقد كان واضحا أن أغلب الذين يريدون حل مجلس النواب، هذه الأيام، يتقصدون رحيل حكومة الرزاز، وهذا هو هدفهم الأساس، ويختبئون وراء عناوين مختلفة، مثل الاستحقاق الدستوري، كما أن أغلب الذين لا يريدون حل النواب، يريدون للرئيس الحالي أن يبقى وأن يجري تعديلا وزاريا، وأن يطال في عمر حكومته، وبهذا المعنى باتت القصة تخضع للتوظيف السياسي، وليس لقصة الاستحقاق الدستوري، حصرا، خصوصا، أن الدستور من جهة ثانية يتيح التمديد للمجلس الحالي، ويتيح تأجيل عقد الانتخابات، مثلما يتيح عقدها في توقيتها.
مدخل الإجابة على كل التساؤلات يرتبط ببوابة واحدة، عنوان مدخلها أننا أمام مرحلة مختلفة تماما، سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وعلينا أن نعرف فقط، إذا كنا نريد دخول هذه المرحلة بهذا الفريق، أو بفريق جديد مختلف تماما، ومن هنا تصبح الإجابة على ملف الانتخابات النيابية، مجرد إجابة ثانوية، وليست أساسية، ما دامت البوصلة قد قررت الاتجاه العام لهذا البلد في 2020.
المناخ العام في البلد، بات يتسم بالحذر، والسؤال عن المستقبل، مع كل هذه التداعيات، ولا يصح أن نتفرج على المشهد، باعتباره أمرا طبيعيا، بل يجب الإجابة على تساؤلات الناس، خصوصا وأننا في وضع استثنائي، على كل المستويات.