الشاعر سعيد يعقوب: جائحة كورونا فرضت واقعًا جديدًا في المشهد الثقافي

عروبة الإخباري – شهر رمضان الكريم له إيقاعه المختلف عن بقية شهور السنة، فهو شهر التصالح مع النفس والآخرين، شهر تتجلى فيه الروح بتأملاتها بعظمة الخالق، شهر يأخذنا إلى تنقية الروح وغسل الأرواح من الذنوب ومراجعة الذات، لرمضان عند كافة الناس طقوس خاصة يمارسونها بأشكال مختلفة، وخاصة الكتاب والأدباء لهم طقوس ربما تختلف عن غيرهم في رمضان، وفي الشهر الكريم هذا العام الذي يأتي في ظروف قاسية من خلال جائحة كورونا التي عصفت بالبشرية جمعاء.

«الدستور» في «شرفة المبدعين» تلتقي كل يوم مع مبدع أردني أو عربي وتسأله عن طقوسه الإبداعية في رمضان، وإيقاع هذا الشهر الفضيل بالنسبة له، والعادات والتقاليد عند المبدعين العرب في بلدانهم، في هذه الشرفة نلتقي مع الشاعر سعيد يعقوب.. فكانت هذه الرؤى والإجابات.

* ماذا عن طقوسك التي تمارسها كمبدع أو مبدعة في شهر رمضان؟

– دأبت منذ الطفولة المبكرة على أن يكون شهر رمضان مختلفا عن بقية شهور السنة الأخرى فهو فرصة للارتداد للذات والسفر داخل النفس إن جاز لنا قول ذلك بمعنى لملمة ما تناثر من شظايا النفس في جميع الاتجاهات ومحاولة القبض على خصوصية اللحظات والاشتباك مع الداخل بدلا من الاشتباك مع الخارج ويتمثل ذلك في التخفيف من الأنشطة التي تتطلب المشاركة فيها الذهاب للمدن والقرى التي اعتدنا الذهاب تلبية لدعوات الهيئات الثقافية فيها والاستعاضة عن ذلك بلزوم المنزل والبقاء به أطول فترة ممكنة تحقق قراءة القرآن الكريم وهي عادة تعودتها منذ الطفولة فلابد من قراءة القرآن الكريم وختمه مرة واحدة على الأقل في هذا الشهر الفضيل أضف إلى ذلك الحرص على تأدية الصلوات في مواعيدها والقيام بأداء صلاة التراويح التي تجد فيها النفس والجسد راحة وفرصة للخلوص من أدران المادة بما توفره من أجواء روحانية تعمق من سلام النفس الداخلي وكذلك هو فرصة رائعة للقراءة في مجالات المعرفة المختلفة وحقولها المتنوعة ولعل من الطريف أن أذكر هنا بأنني في رمضان أجد في نفسي نزوعا لمشاهدة بعض المسلسلات القديمة التي تركت أثرا عميقا في طفولتي أستعيدها من خلال الغوغل وهذا الأمر يشكل لدي ارتباطا قويا لعالم الطفولة

* هل الشهر الفضيل يعتبر فرصة للتأمل والقراءة أم فرصة للكتابة الإبداعية؟

– من المؤكد أن الشهر الفضيل يتيح لي فرصة رائعة للتأمل واستقراء الكون بمظاهره النابضة بالقدرة العظيمة للخالق والتعرف إلى أسراره العميقة وهو كذلك فرصة عظيمة للقراءة التي لا غنى لي عنها لأنها تشكل لي بابا ألج من خلاله إلى عالم المعرفة فالقراءة هي مفتاح أملكه بيدي لأفتح أمام ناظري ما استغلق علي فهمه من ألغاز الكون وطلاسمه وبهذا تكون القراءة زادي اليومي وخاصة في ساعات الليل المتأخرة حيث الخلوة وقلة المشاغل وهدوء الكون بعيدا عن الضوضاء والصخب والضجيج هذه القراءة التي تمتد إلى ساعات الفجر الأولى أو إلى موعد صلاة الفجر

* برأيك ما الذي تراه مميزا في رمضان عن أشهر باقي السنة ؟

– رمضان كله مميز عن باقي شهور السنة بكل تفاصيله ودقائقه فهو فرصة للرجوع للذات وتعميق صلاتها بالخالق العظيم من خلال الأجواء الروحانية التي نعيشها فيه هو شهر مميز بطقوسه الدينية أو الدنيوية من صلاة وقراءة قرآن وصلة رحم والعطف على الفقراء ومساعدتهم والاهتمام بزينة رمضان والاهتمام بأنواع معينة من الوجبات أو الحلويات التي قد لا نلتفت لها في أيام السنة الأخرى وهو نفحات روحانية نتعرض لها وهو فرصة لمراجعة الذات وتقديم كشف حساب دوري لها كل عام ومحطة مهمة للوقوف فيها وتأمل الحياة والإنجازات ودراسة المشاريع القادمة وتقييم المنجزات والخطوات السابقة لتعزيز نقاطا القوة وتلافي نقاط الضعف أو مواقف التعثر خلال هذه المسيرة.

* ما رؤيتك للجانب الثقافي في رمضان وخاصة ونحن نشهد وباء كورونا ؟

ـ فرض وباء كورونا هذا العام في رمضان واقعا جديدا على المشهد الثقافي كله فالتباعد الاجتماعي تم استبداله على صعيد النشاط الثقافي بالتواصل عبر تقنيات التواصل عن بعد وبتنا نلمس نشاطا ثقافيا مكثفا عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك والواتس أب ومن خلال الهاتف فهناك الكثير من اللقاءات التي شاركت بها عبر هذه التقنيات وأستطيع القول إن الواقع الجديد فرض أساليب التعامل معه والتغلب عليه فأنا أرى أن حجم النشاط الثقافي لم يتأثر كثيرا في ظل هذه الجائحة فنحن ما زلنا ننشر نصوصنا عبر الصحف أو صفحاتنا على الفيس بوك ونجري اللقاءات بالصوت والصورة وإن كانت الكورونا قد حرمتنا من التواصل المباشر مع الجمهور الذي اعتدنا عليه إلا أن الجانب الثقافي يبقى أقل الجوانب تأثرا في ظل جائحة كورونا التي نسأل الله أن يسلم بلدنا وشعبنا من آثارها السلبية التي تلقي بظلالها السوداء على العالم كله

* هل ثمة حقول معرفية تفضلين القراءة فيها عن غيرها في الشهر الكريم؟

– في الشهر الكريم أحول أن تكون قراءاتي كلها متعلقة بالجانب الروحي قدر الإمكان والكتب التي تتعلق بالجانب الذي يعمق من فهم النفس ويثري التأمل وفي هذا العام على سبيل المثال كانت قراءاتي لكتب منها الإشارات الإلهية للتوحيدي والمواقف والمخاطبات للنفري وعدد من كتب الدكتور مصطفى محمود لغز الحياة ولغز الموت والأحلام وغيرها كثير وآخرها كان وكتاب الموتى الفرعوني وقبل هذا كله وبعده قراءة القرآن الكريم. – الدستور

Related posts

صدور كتاب الأردن وحرب السويس 1956 للباحثة الأردنية الدكتورة سهيلا الشلبي

وزير الثقافة يفتتح المعرض التشكيلي “لوحة ترسم فرحة” دعما لأطفال غزة

العراقي للثقافة والفنون يستضيف العين محمد داوودية