عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
“جند السماء لهذا الملك أعوان”
لن نكون إلا معك وأنت ترمي حجر الإرادة في ماء العرب الراكد لتحركه حتى لا يستمر في ركوده وفساده أمام الحاجة إليه..
سنكون معك بالكلمة الصادقة كمن مشوا في ركاب صلاح الدين وهو يتوجه إلى القدس .. فقد جاءه الكتاب والشعراء والأدباء والأئمة والمخلصون ليلتفوا من حوله حين أدركوا هدفه النبيل يوم عسكر في قلعة عجلون لينزل إلى حطين ، هذه الأرض التي تملك أن تعزّ أهلها في الأردن حيث أرض الرباط كانت من قبل بوابة تحرير القدس..
لقد دخل عمر بن الخطاب من هنا.. ودخل صلاح الدين من هنا .. وكان الفتح الثالث للذين لا يعلمون من الكرك فالقدس ضاعت بعد صلاح الدين نتاج خلاف أولاده و أحفاده إلى أن أعادها قادة آخرون عبروا من الكرك بعد عدة عقود..
ومرة أخرى ..أمام الكلمات التي أحيت نفوسا يا جلالة الملك وأعادت لنا الألق الذي غاب، وأزاحت الصدأ الذي تراكم.. وها نحن نعرب الجملة الملكية التي تتوج جهد الأردنيين وصمودهم واحتسابهم، فقد كان جيشك الذي يمثل الآن هو امتداد لذلك الذي قاتل على اسوار القدس .. وقاتل في الكرامة التي بقيت خميرتها فينا، وقد عدت تستلهمها حين أسميت مناورات جيشنا العربي (بسيوف الكرامة ) مذكرا ومبشرا ونذيرا..
لم نعتد ولم نرغب في العدوان ونحن ندرك جبروت العدو وعدته وعتاده، والدعم غير المحدود له من مناصريه ومن فرضوا وجوده على أرضنا، فلا تأخذنا عزة مواقفنا بالاندفاع والتهوين من عدونا، ولكن أمام العدوان المصمم الان لتهديد قلب أمننا الوطني وفرض الهيمنة العسكرية ونشر خطط التوسع التي بدأت اسرائيل في الحديث عن انفاذها بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وضم منطقة الغور وشمال البحر الميت وإفقاد الفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وحرمانهم من التماس مع امتهم من خلال حدود لدولتهم مع الاردن وحشرهم بعيدا في كونتونات ضيقة، وجعل الحدود الاسرائيلية المدججة بالسلاح والمعبأة بالعدوان مع الاردن مباشرة حيث تنتشر القوات الاسرائيلية في وادي الاردن لتكون بحاجة إلى أن تحمي نفسها وهو ما نعتقد أنه يكون باحتلال مرتفعات السلط وهي نفس الخطة التي أرادها عشية عدوانهم على الكرامة في اذار من عام 1968.
اسرائيل الصهيونية قامت على التوسع بالعدوان، وخلقت نفسها من خلال الاستيطان واعتمدت “المرقاب” – المنصة والسلاح وعقدت تحالفاتها مع الامبرياليات العالمية القوية حسب تتاليها في التاريخ.
من فرنسا نابليون الى المانيا (الامبراطور فيلهلم الثاني) الى بريطانيا –بلفور- ثم الولايات المتحدة الآن، وقد تتحالف غداً مع أي قوة ناشئة إن استمرت في وجودها وعدوانها..
الملك يقرع الجرس.. وهو منتبه تماما ويقوم بدور زرقاء اليمامة في أمته الى ان تصحو، وهو يسند الشعب الفلسطيني وقيادته لإدراكه أنهم خط الدفاع الأول عن الأمة في وجه الموجة الصهيونية العاتية التي تخلف موجة الفرنجة التي اندحرت..
ويدرك الملك وهو يتحدث بدون منّة على الفلسطينيين او جميلة إذ يعتبر ان هذه قضيته وقضية الاردنيين بعدما تأكد للجميع السعي الاسرائيلي لاقامة حل توسعي على حساب الأردن لأن اسرائيل ما زالت تهرب من استحقاقات السلام، ولا ترى حلاً في دولة فلسطينية وإنما تندفع من خلال قانون القومية الذي يحرم أهل فلسطين من وطنهم ومواطنيهم ويحيلهم الى مقيمين برسم الطرد كما يحرمهم من حق تقرير مصيرهم، ويعطي هذا الحق لليهود فقط، إنها العنصرية التي يغمض العالم عيونه عنها رغم متاجرة هذا العصر بحقوق الانسان، ورغم محاولة النفور من العنصرية، فلقد شكلت النازية الجديدة وهي الصهيونية في شكلها الحالي حالة ابتزاز للعالم الذي يستطيع الكثير من دوله الديمقراطية ان تنتقد كل شيء بما في ذلك أنظمتها وحكامها وحتى كل ديني ومقدس، ولكنها لا تستطيع انتقاد ما يسمى بالمحرقة او التشكيك فيها او انتقاد اسرائيل بشكل عملي او انتقاد ما تسمية اسرائيل بالسامية وتحرم الساميين الحقيقيين وهم العرب من حقهم.. فمهاجمة اسرائيل وهو التابو الذي تقدسه دول غربية وتخشى نقده، اذ ان نقد اسرائيل علنا وبشكل واقعي لدى زعماء الغرب يعتبر الكفر الوحيد الذي يقام عليه الحد..
تصريحات الملك لصحيفة ديرشبنغل الألمانية فيها الكثير، ويمكن تفسيرها لدرجة الصدام المسلح ان تمادت اسرائيل في عدوانها المستمر، والذي لم يتوقف منذ ان قامت وحتى اليوم، وقد أخذ اشكالا مختلفة، وما عدوان عام 1967 إلا أحد حلقاته التي تتالى والتي تبرز هذه الحلقة فيه، وهي ضم الضفة العربية ووادي الاردن وشمال البحر الميت.
الملك عبر بوضوح عن موقفه غير المستغرب وعن موقف الشعب الاردني ومواقف شعوبنا العربية، واذا كنا نقبل التحدي ونواجهه فإننا أمام ذلك وقد توفرت الإرادة فإننا لن نعدم الوسيلة في الدفاع عن ترابنا الوطني كما دافعنا يوم الكرامة الذي مازال ماثلا..
على اسرائيل المعتدية ان لا تستمر بالاستخفاف بأمتنا وحقوقها وإرادتها وان لا يأخذها دعم الغرب وخاصة الولايات المتحدة لها بمزيد من العدوان، وان تدرك ان للصبر حدود وان للكرامة مواسمها، وان شعبنا تحت الاحتلال آن له أن يدفع عن نفسه بلاء الاحتلال وان يضع حداً لتأبيده ، فالقيادة الفلسطينية التي اوفت بالتزاماتها الدولية ازاء عملية السلام لن تستمر الى الأبد على موقفها الذي افقدته اسرائيل مضمونه وأهدافه وستنقلب على هذه المواقف حين ترى انها لم تعد تجدي وستمكن شعبها من التعبير عن ارادته
الاردن في كلام الملك غاضب ولن يسكت ولن تستطيع قوة في الارض ان تجعله يستسلم اذا لم يرد ذلك، واذا كانت اسرائيل اختبرته في الكرامة فإنها مرشحة لاختباره امام عدوانها القادم ان وقع.. ليعود يقدم لأمته النموذج المثال ويعود يقودها الى الكرامة والحرية بعد طول انقطاع وانفضاض..
المطلوب الآن دعم الاردن والوقوف الى جانبه وتمكين ارادته، فهو ماض إلى حق ولا يضره من شككوا ومن انكروا ومن جحدوا، فهو من الطائفة التي ترابط وامتدادها في القدس واكناف القدس والى يوم الدين.