سنغافورة تفقد السيطرة على كورونا

عروبة الإخباري – نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا للصحافية شيباني مهتاني، عن فقدان سنغافورة السيطرة على انتشار مرض كورونا في البلاد، وكيف ذهب العمال والمهاجرون ضحية لذلك.
وقال التقرير إن “شكور” وصل إلى سنغافورة قبل عشر سنوات عندما كان عمره 17 عاما، وهو أحد العمال المهاجرين قليلي الأجر الذين قامت المدينة على أكتافهم، حيث قاموا ببناء المستشفيات وقطار الأنفاق ومنتجع مارينا باي.

وخلال سنوات عمله في إنتاج الألمنيوم وفي مواقع البناء، عانى هذا العامل من أصول بنغلادشية من عدد من إصابات العمل، وآخرها كانت إصابة في 18 آذار/ مارس في وركه الأيسر.

وكان ذلك اليوم هو الذي وصل فيه فيروس كورونا إلى البلاد التي أشاد برد فعلها المبكر خبراء الأمراض المعدية.

آلاف الحالات الجديدة في البلاد، 70% منها مركزة في أماكن سكن العمال المهاجرين، الذين حجروا في سكنهم حتى تجد السلطات حلا.

بالنسبة لشكور، الذي لم يفصح سوى عن اسمه الأول خوفا من انتقام رب العمل، يعني الحجر بالنسبة له عدم الحصول على مسكنات الألم، وكل ما يريده الآن هو أن ينام فقط.

وقال في مقابلة هاتفية من سكنه الذي يضم 25 ألف عامل أصيب مئات منهم بالفيروس: “كل شيء صعب للجميع هنا.. يبدو أنهم يأخذون فقط من هم في حالة صعبة للمستشفى، أما المرضى العاديون مثلي فلا أحد يعتني بنا”.

وفي سنغافورة، كثير من العمال المهاجرين هم من جنوب آسيا، وفي الصين يواجه المهاجرون الأفارقة تمييزا وتخوفا منهم كأجانب، حيث يرفض دخولهم إلى المطاعم ويتم طردهم من بيوتهم. ونشرت صحيفة ليانهي زاؤباو، أكبر صحيفة باللغة الصينية في سنغافورة، مؤخرا رسالة من أحد القراء يلوم فيها المهاجرين بسبب بلدانهم “المتخلفة”.

وفي سنغافورة، يقول الناقدون إن هذه الأحداث كشفت غطرسة السلطات والمجتمع بشكل عام، والذين اعتبروا نجاحهم المبدئي في إبقاء أعداد المصابين قليلا أمرا مفروغا منه، بينما فشلوا في وقف التفشي بين أكثر الفئات فقرا.

وقال أليكس ايو، نائب رئيس الجمعية الحقوقية TWC2 المهتمة بحقوق العمال المهاجرين: “في الشهرين الأولين انشغلنا بتهنئة أنفسنا.. لكن المخاطر كانت موجودة”.

وقال إن السلطات خططت للوباء بتركيزها على المواطنين، حيث وزعت الكمامات الجراحية ومعقمات الأيدي والكمامات متعددة الاستخدام على السنغافوريين فقط. كما تم حجر السنغافوريين العائدين من بريطانيا وأمريكا في فنادق أربع وخمس نجوم على حساب الحكومة.

وقال ايو: “وهذا يعكس تجاهلا متعمدا للعمال الأجانب، حيث تعمل كل آليات الدولة وكأنهم غير موجودين”.

وقالت منظمة HEALTHSERVE، وهي منظمة غير ربحية توفر رعاية صحية للعمال المهاجرين، إن المهاجرين كانوا قلقين منذ شهر شباط/ فبراير بشأن الفيروس ومستوى الخطر في ظروف عيشهم المكتظة، لكن القوانين منعت الأطباء المتطوعين من العمل خارج العيادات المنظمة ما خفض خدماتها إلى 90%.

وقالت سوين لو، المتحدثة باسم المنظمة: “هذا وضع شعرنا أنه سوف يأتي، حتى لو كنا نأمل أن يحدث الأفضل”.

وقال متحدث باسم وزارة القوى العاملة ردا على طلب التعليق من “واشنطن بوست” ببيان صحفي صدر في 14 نيسان/ إبريل إن السلطات تعمل على “تقليل أعداد العمال في المهاجع وتطبيق خطة دعم صحي لتلك المهاجع”.

وأضافت الوزارة في بيانها إنه كان قد تم نقل العمال الذين يعملون في الخدمات المهمة إلى خارج تلك المهاجع، بينما يفكر المسؤولون بإيجاد سكن بديل مثل مخيمات الجيش والقاعات الرياضية والبنايات السكنية غير المسكونة وحاويات الشحن.

وأضاف أن رئيس الوزراء قال للمهاجرين: “سنعتني بكم كما نعتني بالسنغافوريين.. سنعتني بصحتكم ورعايتكم وأسباب عيشكم”.

وتعمل السلطات أيضا مع منظمات مثل مركز العمال المهاجرين الذي لديه برنامج “سفراء” لمساعدة العمال على الالتزام بالممارسات الصحية والتباعد الاجتماعي وإرسال الأموال عن طريق الإنترنت. وقال يو غونت كوانغ، رئيس المركز، إنه يجب التركيز في المستقبل على تحسين ظروف المعيشة.

وبدأت موجة ثانية من الإصابة بفيروس كورونا في سنغافورة في أواسط شهر آذار/ مارس، كغيرها من دول آسيا، ولديها الآن أكبر عدد من الحالات مقارنة بعدد السكان على مستوى العالم.

والعمال المهاجرون الذين تحملوا العبء الأكبر من التفشي هم في الأكثرية من الذكور العاملين في البناء وغيرها من القطاعات القائمة بشكل كبير على العمل اليدوي الذي يتجنبه السنغافوريون.

ويكسب عامل البناء في سنغافورة حوالي 430 دولارا في الشهر، بينما معدل الدخل الشهري للمواطنين هو 3227 دولارا في الشهر.

وقد تم التعرف على مجموعات من بؤر العدوى في المهاجع وتم وضع أكثر من عشرة منها تحت الحجر وهو ما يعني أن العمال لا يستطيعون مغادرة غرفهم، بينما لا يستطيع كل سكان المهاجع التي تحيط بها الشرطة مغادرتها.

وقال عامل من أحد أكثر المهاجع تأثرا، “علي” إنه تم علاجه لالتهاب في حنجرته قبل الإغلاق وممنوع عليه مخالطة الآخرين تحت طائلة المسؤولية، لكن ذلك مستحيل في غرفته التي ينام فيها 12 شخصا.

وقال في مقابلة: “من الذي سيقدم لي أي علاج أو مساعدة؟.. أخشى أن أموت قبل أن تصلني المساعدة”.

وقال “علي” إنه استطاع أخيرا زيارة طبيب أعطاه علاجا للسعال وفحصه لفيروس كورونا، لكن النتيجة لم تخرج بعد، ويحاول الذين يسكنون معه في الغرفة إبقاء مسافة بين بعضهم البعض ولكن ذلك شبه مستحيل.

Related posts

الانتخابات الأميركية… نهاية للحرب على غزة أم استمرار لها؟

(فيديو) الرئيس الأستوني: يجب حل العديد من الأمور قبل الاعتراف بفلسطين

قصف إسرائيلي على محيط السيدة زينب جنوب دمشق