بطلان التهم الموجهة للمعتقلين الأردنيين والفلسطينيين لدى السعودية

عروبة الإخباري – في خطوة لم تكن مفاجئة قامت النيابة العامة لدى السلطات السعودية بتحويل المعتقلين الأردنيين والفلسطينين إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بعد توجيه تهم مختلفة لهم وإن كان أغلبهم يشترك في تهمة الانتماء لكيان إرهابي.

بصفتي محام سيتم مناقشة الموضوع في هذه الأسطر من حيث الإجراءات الشكلية ابتداء، وفي مقال آخر سيتم بحث التهم الموجهة موضوعا، وفي مقال ثالث سأتطرق لبحث البطلان استنادا للاتفاقيات الدولية.

بطلان إجراءات التحقيق شكلا:

من المعروف فقها وقانونا أنه يوجد إجراءات شكلية واجب اتباعها على وجه الإلزام من قبل الضابطة العدلية والنيابة العامة عندما تقوم بالتحقيق جزائيا مع الأشخاص الذين تتهمهم بارتكاب جرائم مخالفة للقانون، وبالرجوع إلى نظام الإجراءات الجزائي السعودي رقم (1435) وكذلك اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائي السعودي يتضح التجاوز ومخالفة الإجراءات التي قامت بها النيابة العامة السعودية، وذلك على النحو الآتي:

أولا: بطلان إجراءات التحقيق الابتدائي لمخالفتها نص المادة (2) “ويحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنوياً ويحظر كذلك تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة”.

والمادة (36) من نظام الإجراءات الجزائية تنص على أنه “يجب أن يعامل الموقوف يما يحفظ كرامته، ولا يجوز إيذاؤه جسدياً أو معنوياً، ويجب إخباره بأسباب توقيفه، ويكون له الحق في الاتصال بمن يرى إبلاغه”.

وكذلك المادة (21) من اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية وتنص على أنه “يجب أن يشتمل أمر القبض المشار إليه في (33،35) من النظام على تاريخ الأمر واسم من أصدره ووظيفته واسم المتهم ولقبه والتهمة المسندة إليه”.

إن جوهر المخالفة التي ارتكبتها النيابة العامة أن التحقيق مع الأشخاص تم من قبل جهاز مباحث أمن الدولة بعيدا عن رقابة النيابة العامة، ولكم أن تتصوروا ما يتم من إكراه مادي ومعنوي وضغط على المعتقلين من تلك الأجهزة لانتزاع الاعترافات التي تحاكي مخيلة المحقق التابع للسلطة السياسية لتأكيد التهم التي تدينهم، وتظهر حق السلطة السياسية في اعتقال هؤلاء الأشخاص، وبالطبع هذه الممارسات باطلة بالمطلق لمخالفتها القانون والنظام ولا يجب أن يعتدّ بها أمام المحكمة.

ثانيا: ان إجراءات التحقيق باطلة لمخالفتها نص المادة (34) الي تنص على أنه “يجب على رجل الضبط الجنائي أن يسمع فوراً أقوال المتهم المقبوض عليه، وإذا ترجح وجود دلائل كافية على اتهامه فيرسله خلال أربع وعشرين ساعة مع المحضر إلى المحقق الذي يجب أن يستجوب المتهم المقبوض عليه خلال أربع وعشرين ساعة”.

وقد تكررت المخالفات التي تمت بحق المعتقلين من قبل المحققين بتجاوزهم نص المادة (101) التي تنص على أنه “يجب على المحقق عند حضور المتهم لأول مرة للتحقيق أن يدون جميع البيانات الشخصية الخاصة به ويبلغه بالتهمة المنسوبة اليه …”.

ومن الثابت في ملف الدعوى أنه تم توقيف المتهمين لمدة تزيد عما هو منصوص عليه في نظام الإجراءات ولمدة طويلة دون أن يعرف المتهمين سبب التوقيف وما هي التهمة الموجهة إليهم، وكذلك حرمانهم من حقهم القانوني في الدفاع عن أنفسهم، حيث لم يتم توجيه تهم لأي منهم طيلة مدة توقيفه التي زادت عن (500) يوماً، وما زال المتهمون معتقلون في السجن خلافاً لأحكام المادة (114) من نظام الإجراءات التي تنص على أنه “ينتهي التوقيف بمضي خمسة أيام …. على ألا تزيد في مجموعها على أربعين يوماً من تاريخ القبض عليه، ولا يزيد في مجموعها على مائة وثمانين يوماً من تاريخ القبض على المتهم يتعين بعدها مباشرة إحالته إلى المحكمة المختصة أو الإفراج عنه”.

إن منطوق المادة واضح في أنه لا يجوز توقيف المتهم مدة تزيد عن (180) يوماً لأي سبب كان، فما هو رد المحكمة الجزائية إذا علمت أن أغلب المعتقلين تجاوزت مدة اعتقالهم العام ونصف العام، وما زالوا معتقلين في ظروف غير مناسبة تشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان وتجاوزا على نظام الإجراءات الجزائي السعودي؟ وكذلك ما هو رد فعل القضاء إذا علم أيضا أن اعترافات المتهمين انتزعت منهم انتزاعا وبعد تعرضهم للتعذيب والإكراه المادي والجسدي والمعنوي؟.

ثالثا: إن إجراءات التحقيق باطلة ومخالفاً لأحكام المادة (4) من النظام المشار إليه التي نصت على أنه “يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة”، والمادة (65) التي جاء فيها “للمتهم حق الاستعانة بوكيل أو محام لحضور التحقيق”، والمادة (70) التي أكدت عدم شرعية تصرف المحقق في عزل المعتقل عن محيطه وعن محاميه “ليس للمحقق أثناء التحقيق أن يعزل المتهم عن وكيله أو محاميه الحاضر معه”، ومخالفة أحكام المادة رقم (22) من اللائحة التنفيذية التي بينت حق المعتقل في معرفة التهمة الموجهة له، وكذلك حقه في عدم الإجابة على أي سؤال موجه له من قبل المحقق إلا بحضور محاميه “يجب أن يعرف المتهم عند القبض عليه أو توقيفه بما يأتي: أسباب القبض عليه أو توقيفه وحقه في الاستعانة بوكيل أو محام في مرحلتي التحقيق والمحاكمة”.

لقد تم التحقيق مع جميع المعتقلين بغياب محاميهم، ولم يتمكن ولم يُمكّن أي معتقل من توكيل محام للدفاع عنه والحضور معه في مرحلة التحقيق مما يعني بطلان هذه المرحلة من المحاكمة بكافة ما جاء بها وما يرتبه هذا البطلان من نتيجة إجرائية فيما بعد.

مما تقدم يتأكد بطلان جميع الإجراءات التي تمت من قبل النيابة العامة، وعلى هيئة المحكمة الجزائية التي وظيفتها ومن واجبها تحقيق العدالة والوصول للحقيقة بطريقة صحيحة موافقة لنظام الإجراءات الجزائي السعودي، عليها ابتداء أن تصدر قرارا يبطل كافة ما تم من إجراءات سابقة لمخالفتها للنظام، وأن تصدر قرارا يقضي بالإفراج عن جميع المعتقلين بأسرع وقت لأن اعتقالهم وكما اتضح مخالف لنظام الإجراءات الجزائي المعمول به، وتستطيع المحكمة لما لها من صلاحيات قضائية ووفقا لنظام الإجرات الجزائي منع سفرهم وتطلب منهم عدم مغادرة المملكة حتى تنتهي محاكمتهم.

هذا ما نراه من بطلان لكافة الإجراءات شكلا، وفي مقال آخر سيتم بحث باقي المواضيع والتهم التي وردت في لائحة الاتهام.

مصطفى محمد نصر الله- (عربي 21)

 

Related posts

القطريون يصوتون على التعديلات الدستورية

الفايز يلتقي السفير السعودي لدى المملكة

20 شركة غذائية أردنية تشارك بمعرض الخليج الصناعي