عروبة الاخباري – واصل فيروس كورونا المستجد “وباء كوفيد-19” المُتّصف بتفشّيه “المطرد” الخميس تغييرَ وجه العالم، حاصداً أرواح أكثر من 52 ألف شخص، ومخلّفاً تداعيات اجتماعيّة واقتصاديّة تبدو دراماتيكيّة.
وبات نصف سكّان العالم، أكثر 3,9 مليار شخص، خاضعين لإجراءات العزل والحجْر.
ووافقت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة الخميس بالإجماع على قرار يدعو إلى “التعاون الدولي” لمكافحة كوفيد-19، وهو أول نصّ تعتمده المنظّمة الدوليّة منذ تفشّي الوباء.
والنصّ الذي حاولت روسيا وأربع دول أن تُعارضه، يشدّد على “ضرورة الاحترام الكامل لحقوق الإنسان” ويندّد بـ”كلّ أشكال التمييز والعنصريّة وكره الأجانب في الاستجابة للوباء”.
وأحصت الولايات المتحدة بينَ الأربعاء ومساء الخميس نحو 1200 حالة وفاة إضافيّة جرّاء فيروس كورونا المستجدّ، استنادًا إلى جامعة جونز هوبكنز، في أسوأ حصيلة يوميّة يُمكن أن تُسجّل في أيّ بلاد.
ومع 1,169 حالة وفاة بين الساعة 8,30 مساءً بالتوقيت المحلّي الأربعاء، والساعة نفسها من مساء الخميس، بات إجماليّ عدد الوفيّات منذ بدء الوباء في الولايات المتحدة يبلغ حاليًا 5926 حالة وفاة، وفق إحصاءات الجامعة التي يتمّ تحديثها باستمرار.
ومع ذلك، فإنّ العدد الإجماليّ للوفيّات في إيطاليا (13,915 وفاة) وإسبانيا (10,003 وفيّات) لا يزال أعلى من الولايات المتحدة.
وبين الأربعاء والخميس، أحصت الولايات المتحدة أيضًا أكثر من 30 ألف إصابة إضافيّة بكوفيد-19، ما يرفع العدد الرسميّ للإصابات المسجّلة في البلاد إلى أكثر 243 ألفا، وفقا لجامعة جونز هوبكنز.
وبالاستناد إلى أرقام البيت الأبيض، يُتوقّع أن يودي كوفيد-19 بحياة ما بين 100 و240 ألف شخص في الولايات المتحدة.
وطلب رئيس بلديّة نيويورك بيل دي بلاسيو الخميس من السكّان تغطية وجوههم عندما يغادرون منازلهم في هذه المدينة الأكثر تضرّراً من فيروس كورونا المستجدّ في الولايات المتحدة.
وأوضح دي بلاسيو في مؤتمر صحافي “يُمكن أن يكون وشاحًا، شيئا صنعتُموه في المنزل، منديلًا”. أضاف “لا نريدكم أن تستخدموا الأقنعة التي تحتاجها طواقم الطوارئ ومقدّمو الرعاية الصحّية”، إذ إنّه ليس مؤكّداً أنّ هذه الأقنعة الطبّية ستكون متاحة بكمّيات كافية إلى حين انتهاء الوباء.
وسجّلت نيويورك منذ بداية الوباء 1562 حالة وفاة جرّاء الإصابة بالفيروس، وفقًا للأرقام التي نشرها مساء الخميس مسؤولو الصحة في المدينة التي أحصت أيضًا 49,707 إصابة.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس أنّه أجرى فحصاً لفيروس كورونا المستجدّ، هو الثاني منذ بدء تفشّي الوباء، مشيراً إلى أنّ نتيجته جاءت سلبيّة.
وقال ترامب خلال مؤتمر صحافي “أجريتُ الفحص هذا الصباح”، مضيفاً أنّ نتيجة الاختبار جاءت “سلبيّة” لناحية الإصابة بكوفيد-19.
وسط هذه التطوّرات، أوضحت منظّمة الصحّة العالميّة أنّ الاختبارات التي تتيح الفصل في الشفاء التام للمصاب، هي “قيد التطوير” و”لم يتم تقييمها بعد”.
وارتفعت حصيلة وفيات فيروس كورونا المستجد حول العالم إلى 52 ألفا على الأقل، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى مصادر رسمية.
ومثّلت وفاة رضيع في ولاية كونيتيكت الأميركية صدمة، في ظل الاعتقاد السائد بأن الأطفال خارج دائرة الخطر نسبياً.
في إيطاليا، أغلقت مدينة ميلانو الخميس محرقتها الرئيسيّة للجثث حتّى نهاية الشهر، بهدف التعامل مع العدد الكبير من الجثامين التي باتت مكدّسة جراء فيروس كورونا المستجدّ.
وأقرّ مسؤولو المدينة التي تقع في مركز الوباء في إيطاليا بأنّهم يعانون “تزايدا مستمرا ومتصاعدا في عدد الجثث التي تنتظر الحرق”.
في فرنسا، بلغت حصيلة الوفيّات 5300 حالة، بينهم 900 توفّوا في دور المتقاعدين.
– “نمو مطرد” –
عبّر رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحافي عن “القلق العميق” إزاء “النمو المطرد” لعدد الإصابات والوفيات. وقال “علينا الاتحاد لمكافحة هذا الفيروس الخطير”.
في إيران، أعلنت السلطات الخميس ارتفاع حصيلة الوفيات إلى 3160 شخصاً، في وقت حذر الرئيس حسن روحاني أن مواجهة الأزمة في البلاد قد تستغرق أشهرا.
ومساء، أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بإصابة رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني بالفيروس، لينضم بذلك إلى لائحة مسؤولي الجمهورية الإسلامية المصابين به.
في موسكو، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين شهر نيسان/أبريل عطلة مدفوعة الراتب في روسيا.
وفرضت السعودية الخميس حظرَ تجوّلٍ كاملًا في مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة اللتين عادة ما يزورهما ملايين المسلمين لأداء الحج والعمرة.
وسجّلت أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي أكثر من 20 ألف إصابة بفيروس كورونا الأربعاء، أي ضعف الحالات المسجّلة قبل خمسة أيام، وفق تعداد لفرانس برس.
غير أنّ الأرقام الصينيّة تُثير من جهتها شكوكا، إذ أفاد تقرير سرّي للاستخبارات الأميركية، تناوله عدد من البرلمانيين الأميركيين، أنّ بكين كذّبت وخفّضت الحصيلة.
وردّت بكين بأنّ “أفعال بعض السياسيين الأميركيّين وتصرّفاتهم معيبة، وتفتقر إلى الأخلاقيات”.
في بلجيكا، أودى الوباء بحياة أكثر من ألف شخص، وشهدت هذه الدولة تضاعفاً لعدد الوفيات في غضون ثلاثة أيام، خصوصاً بسبب احتساب وفيات سجلت في دور للمتقاعدين.
غير أنّ العدد الاكبر للوفيات في القارة الأوروبية لا يزال في إسبانيا حيث أُعلِنت الخميس وفاة 10,003 مصابا في 24 ساعة.
وقال الممرض في مدريد غيين ديل باريو “ليس هناك عدد كاف من تجهيزات الوقاية (…) وعدد الأسرة يبقى غير كاف أيضاً”.
– خيار الاقتصاد أو الصحة –
في إيطاليا، تخضع الحكومة للضغط بغية رفع الإجراءات التقييدية وإنعاش النشاط الاقتصادي المتراجع.
ونقلت صحيفة “فاتو كوتيديانو” عن الخبير الأميركي بول رومر أنّ “الأمر مروّع حين نخضع لاختبار الاختيار بين تعليق الاقتصاد ونشاطاته وبين تعريض أرواح كثيرين للخطر”.
وأضاف الخبير الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد في 2018، أنّ الحكومة تحتاج “خطّة ذات صدقيّة لإنهاء العزل سريعاً، مع تأمين السلامة للموظفين حتّى لو كان الفيروس لا يزال حاضراً”.
واقترحت المفوضية الأوروبية الخميس إيجاد وسيلة لضمان الخطط الوطنية لدعم سوق العمل، بما يصل إلى 100 مليار دولار.
وبعد تأثرها سلباً بأرقام البطالة الأميركية، تحسنت مؤشرات البورصات عند الإغلاق على خلفية ارتفاع أسعار النفط بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّ روسيا والسعودية تعتزمان انهاء حرب الأسعار عبر خفض الانتاج.
– سلوكيات غير مسؤولة –
في غياب لقاحات وعلاج، يشكل العزل الوسيلة الأكثر فاعلية لمكافحة انتشار العدوى. وفرضت هذا الإجراء الأربعاء ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة ودولتا أريتريا وسيراليون، بينما أعلنت ألمانيا وإيطاليا والبرتغال تمديده.
ويمثّل ذلك تحدياً هائلاً أمام الدول الفقيرة، لكنّه لم يمنع الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي من أن يطلب الخميس من القوات الأمنية استهداف أي شخص يتسبب ب”اضطرابات” في المناطق الخاضعة للعزل.