لا مجال للمناورة ولا مساحة للنقاش في مثل هذه الظروف.الأزمة الحالية تستدعي امتثالا تاما للقرارات الحكومية والإجراءات والتعليمات الصحية، والأوامر الأمنية.
لا أحد يدعي عدم وجود أخطاء في التنفيذ، لكن لنعترف جميعا بأن هذه الأزمة استثنائية وغير مسبوقة في تاريخنا المعاصر، ومن كان منا في مكان الحكومة أو أي من المسؤولين، لا بد وأن يجتهد من موقعه، وربما يخطئ الاجتهاد. وهذا ليس وقت التنظير والتصيد السياسي، إنما الاصطفاف خلف الحكومة والجيش والأجهزة المختصة لإنجاز المهمة المطلوبة.
لا بأس فلنتحمل بعضنا، المهم أن نلتزم بالتعليمات، حتى لو لم نكن مقتنعين فيها، ونمنح الثقة للقائمين على إدارة الأزمة، وندعمهم بكل طاقتنا، لنعبر الأيام الصعبة.
الأردنيون أظهروا قدرة ممتازة على الاستجابة. ثمة التزام واضح بالمعايير الصحية والوقائية، وحرص على تجنب البيئات التي تعرض الناس للإصابة بالفيروس، واهتمام جدي بالنظافة الشخصية والعامة والابتعاد عن التجمعات والمناسبات.
بعضنا لم يأخذ في البداية تحذيرات وزارة الصحة من التجمعات على محمل الجد، إلى أن برزت إلى السطح حفلة العرس التي بسببها خالط مصاب بالكورونا المئات من الأشخاص ونقل الفيروس لعدد غير قليل منهم. اليوم نشهد التزاما تاما بعدم إقامة عزاء للمتوفين وإلغاء حفلات زفاف، وتقليص العلاقات الاجتماعية لحدها الأدنى مع إغلاق المطاعم والمقاهي ومراكز التفاعل الفني والثقافي.
الحكومة كانت واضحة جدا من البداية، وأعلنت أن كل الإجراءات والقرارات واردة بما فيها تفعيل قانون الدفاع لصون حياة المواطنين ومنع انتشار الفيروس. الملك كان أكثر وضوحا وصرامة في تعليماته للحكومة، عندما خاطبهم في اجتماع خلية الأزمة، بأن لا شيء أهم من صحة المواطن. هذا تكليف ملكي وأمر من قائد الوطن للحكومة والجيش وقوات الأمن بفعل كل مايلزم لتأمين حياة الأردنيين، وتجنيبهم السيناريو المرعب الذي أصاب دولا وشعوبا.
الاستجابة الوطنية حتى اللحظة ممتازة وتلقى تقديرا ودعما من المجتمع، وقد شهدنا مبادرات مقدرة من القطاع الخاص تمثلت بتقديم الدعم المادي المباشر لوزارة الصحة ليتسنى لها الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين. بنوك وشركات وطنية بادرت لتقديم التبرعات النقدية وننتظر من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والشركات المقتدرة أن تواصل الحملة وتقدم المزيد.
النقابات المهنية والصحية وضعت إمكانياتها تحت تصرف الحكومة، واعلن أطباء ومهندسون وممرضون عن استعدادهم للتطوع فورا في المجهود الوطني. رئيس مجلس النواب أطلق مبادرة مهمة للتبرع بقيمة ألف جهاز تنفس للمستشفيات، وهى أكثر ما نحتاج إليه مستقبلا إذا ما انتشر الفيروس على نطاق واسع لإنقاذ حياة المصابين، خاصة ممن يعانون من امراض صدرية والكبار في السن.
في الأيام المقبلة سنرى المزيد من المبادرات، وسيكشف الأردنيون عن معدنهم الأصيل، عبر أشكال مختلفة من الدعم والمبادرة لمعاونة الجهات الرسمية في تحمل المسؤولية، ومساعدة المواطنين على تحمل ظروف العزل وانقطاع العمل.
قدرة الأردنيين على العمل التطوعي كبيرة، وتجربتهم في هذا المضمار مشهود لها. المهم أن يتم ذلك بالتنسيق المباشر مع الجهات الحكومية. وهنا ينبغي علينا أن نفكر بمبادرات لدعم الكادر الطبي والتمريضي في مستشفيات وزارة الصحة، فهم خط الدفاع الأول عن الوطن والمواطن. وبالأمس شهدنا إصابة ممرضة بفيروس كورونا أثناء تأدية عملها. علينا أن نقف إلى جانبهم ونساند عائلاتهم ونطلق حملة تضامن واسعة معهم.