عروبة الإخباري – اعتبر خبراء عسكريون متقاعدون أن قرار المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال بتعريب قيادة الجيش العربي استكمال لاستقلال الأردن من الاحتلال البريطاني، وذلك بإعفاء الضباط البريطانيين في الجيش العربي، لتصبح قيادة الجيش لأبنائه، معتبرين أن القرار الشجاع منح الجيش هويته العربية الأردنية، ونقطة تحول مهمة في مستقبل الأردن.
ويرى العميد المتقاعد حسن فهد أبو زيد أن تعريب الجيش خطوة مكملة للاستقلال، لافتا إلى أن جلالته طيب الله ثراه، كان يولي جلّ اهتمامه ورعايته للجيش من حيث التحديث والتسليح والترفيع وهذا ما كان يريده جلالته للجيش، ولتحقيق ذلك لا بد أن تكون قيادته عربية اردنية بحتة، والاستقلال الذي تحقق عام 1946 كان لا بد له من خطوة تكميلية لأن القيادة الأجنبية كانت تحول دون تحقيق ذلك.
وأضاف، ومن هنا كان لا بد من وجود جيش قوي مستقل بإرادته كي يحمي الاستقلال، وكان لجلالته يرحمه الله ذلك بقراره التاريخي والجريء في الأول من آذار (مارس) 1956 الذي شكل علامة بارزة في تاريخ المملكة في توطيد أركان الدولة الأردنية بالتخلص مما تبقى من القيادات الأجنبية في المؤسسة العسكرية وإحالة الفريق جون كلوب من منصبه كرئيس أركان للجيش العربي الأردني هو وخمسة من كبار الضباط الانجليز ليخلوا مواقعهم لضباط أردنيين يحملون الهّم الوطني هاجسهم ان يكون الاردن مستقلاً بإرادته وبجيشه ودون إملاءات من أحد.
وأشار أبو زيد إلى أنه باحتفالنا بالذكرى الرابعة والستين هذا العام نقف وقفة إجلال واحترام وتقدير لمعرّب قيادة الجيش الراحل الحسين بن طلال أغلى الرجال وأشرف النسب لهذه الخطوة الشجاعة والجريئة لاستكمال الاستقلال الذي أرسى قواعده جده الملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين يرحمه الله.
وقال، ما زلنا نتذكر كلمات الحسين القائد المدوية عبر أثير إذاعة عمان ملبية رغبته في استقلال الأردن فكان لهذا القرار المهم الذي بثته إذاعة عمان في اليوم نفسه رجّة مذهلة في النفوس أنعشت الآمال والأماني لدى الأردنيين بشكل خاص والعرب بشكل عام، بالتخلص من آخر محطات الاستعمار.
ووجه جلالة القائد الحسين طيب الله ثراه حينها خطاباً قومياً وتاريخياً موجهاً إلى أبناء شعبة جاء فيه: “أيها الضباط والجنود البواسل أحييكم أينما كنتم وحيثما وجدتم ضباطاً وحراساً وجنوداً، وبعد فقد رأينا نفعاً لجيشنا وخدمة لبلدنا ووطننا أن نجري بعضاً من الإجراءات الضرورية في مناصب الجيش فنفذناها متكلين على الله العلي القدير، ومتوخين مصلحة أمتنا وإعلاء كلمتها، وأنني آمل فيكم كما هو عهدي بكم، النظام والطاعة”.
وتنفيذا للرغبة الملكية السامية فقد أصدر مجلس الوزراء قراره رقم 198 الذي نص على “إنهاء خدمة الفريق جون كلوب باشا، من منصب رئاسة الأركان في الجيش الأردني، وترفيع الزعيم راضي عناب لرتبة أمير لواء وتعيينه بمنصب رئيس أركان حرب الجيش العربي الأردني بدلا من الفريق كلوب، وإنهاء خدمة القائم مقام باترك كومهل مدير الاستخبارات العسكرية، وإنهاء خدمة الزعيم هاتون مساعد كلوب للعمليات وتنفيذ هذا القرار اعتبارا من الأول من آذار (مارس) 1956.
العميد المتقاعد محمد سليم سحيم قال إن قرار تعريب قيادة الجيش قرار جريء وشجاع وخطوة مباركة اعادت للأمة مجدها وهيبتها، وبمثابة نقطة بداية لتاريخ جيش نذر نفسه للوطن لحماية كيانه ونهضته الحديثة بكل ثقة واقتدار، وخاض أعتى أنواع التحدي.
وأضاف، نستذكر نحن الأردنيين كل عام في الأول من آذار (مارس) بهذه الذكرى العزيزة على قلوبنا هي ذكرى تعريب الجيش الذي سطر كل معاني التضحية والفداء.
ويؤيده بذلك المقدم متقاعد عبدالرحمن عبدالغني الخوالدة الذي اعتبر الاول من آذار (مارس) 1956 نقطة تحول تاريخية مهمة في تاريخ المملكة حيث كان قرار الحسين يرحمه الله التاريخي والحاسم بتعريب قيادة الجيش العربي ليكون منذورا لشعبه وأمته، وما زال صوته يدوي في حاضر أيامنا ونفخر بجيش عربي مصطفوي حمل راية خفاقة عزيزة ذات رسالة ناصعة ليس في الأردن فحسب بل في كافة بقاع الأرض، وليكون له صولات وجولات في الدفاع عن الحق فكانت الشهادة والشهداء وقوافل التضحية.
وأشار الخوالدة الى أنه كان قرارا جريئا في مرحلة حبلى بالأحداث ولم يمض زمن طويل على توليه سلطاته الدستورية، فقد حمل الحسين الشاب مسؤولية عظيمة حملت للزمن الأردني الجميل رقيا وازدهارا وبناء انموذج معاصر مبشر بغد أردني مشرق، مؤكدا أن تعريب قيادة الجيش العربي هو تجسيد للمسؤولية التاريخية التي يحملها الهاشميون بأن يكون هذا الجيش عربيا خالصا منذورا لأمته والدفاع عن قضاياها.