تأتي اهمية رسالة وزير خارجية لوكسمبورغ السيد جان اسيلبورن إلى وزير خارجية الإتحاد الأوروبي السيد جوسيب بوريل يدعوه إلى إجراء نقاش بشأن إعتراف جماعي مشترك بدولة فلسطين في خضم مرحلة تعد من أخطر المراحل إن لم يكن اخطرها تستهدف القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بالتحرر من الإستعمار الصهيوني العنصري وإعلان دولته الفلسطينية المستقلة وفقا للقرارات الدولية وتنفيذا لميثاق الأمم المتحدة.
عند الحديث عن هذه الرسالة التاريخية لا يمكن للمراقب أن يبتعد عن المنطلقات والأهداف التي تضمنتها الرسالة من حيث المضمون والأهداف والتوقيت التي تمثلت في :
أولا : إعتبار الإعتراف الجماعي بالدولة الفلسطينية تجسيدا لحل الدولتين الذي يتعرض فيه للخطر.
ثانيا : ردا على الإنحياز الأمريكي لإسرائيل وخاصة إعلان بومبيو وزير الخارجية الأمريكي الأخير باعتبار الاستيطان لا يخالف القانون الدولي.
ثالثا : أن الإعتراف بالدولة الفلسطينية ليس موجها ضد إسرائيل في خطوة استباقية لدحض مزاعم صهيونية متطرفة أن قرار الإعتراف يهدد الأمن الإسرائيلي.
رابعا : إعتبار أن قرار الإعتراف الاوربي المشترك بالدولة الفلسطينية هو قرار يهدف إلى إعادة التوازن في الموقف الاوربي من أجل الحفاظ على حل الدولتين واحتراما للقانون الدولي.
خامسا : تعزيزا للدور الاوربي للمساهمة في حل ” النزاع بين إسرائيل وفلسطين ” عبر عدم إغفال الظروف الأمنية لإسرائيل ولا عن العدالة والكرامة للشعب الفلسطيني.
الدبلوماسية الفلسطينية والرسالة :
بالطبع لم تأتي هذه الرسالة من فراغ ولكنها تتويجا لنضال الشعب الفلسطيني لعقود عديدة وثمرة للجهود الدبلوماسية الفلسطينية التي يقودها السيد الرئيس محمود عباس لحشد دعم القوى المؤثرة والنافذة على الصعيد العالمي والذي يمثل الإتحاد الأوروبي أحد أهم اضلاعها من أجل :
■ تشكيل جبهة عالمية داعمة للحقوق الفلسطينية التاريخية والاساسية وضاغطة بنفس الوقت على دولة الإحتلال الإسرائيلي المارقة المتمردة بكل صلافة وعنجهية على الامم المتحدة وقراراتها وعلى القانونين الدولي والانساني بدعم أعمى ومطلق من قبل الرئيس الأمريكي ترامب وإدارته للعمل على إرغامها للانصياع لاحترام والإلتزام بأحكام ميثاق الأمم المتحدة وبالشرعة الدولية التي تحظر إحتلال أراض بالقوة.
■ العمل على إحداث توازن بين موازين القوى التي تميل عسكريا لصالح الكيان الصهيوني وذلك بالاحتكام إلى قوة الشرعية الدولية وشرعية الحق الأساسي والتاريخي للشعب الفلسطيني.
■ تعرية وفضح السياسة الصهيونية القائمة على العدوان والتوسع والعنصرية وارتكاب جرائمها ومعاداتها للأمن والإستقرار برفضها الإنسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 خلافا وتحديا للمجتمع الدولي ودون إغفال او تنازل عن باقي القرارات الدولية خاصة قرار الجمعية العامة رقم 273.
كما تكمن اهمية رسالة لوكسمبورغ من حيث التوقيت أنها تأتي بعد أيام من دعوة القائد الفلسطيني رئيس دولة فلسطين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لدول الإتحاد الأوروبي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس في إشارة معبرة عن انعطافة سياسية إيجابية لدول أوربية نحو الانتقال إلى اتخاذ خطوة عملية لدعم الشعب الفلسطيني وتمكينه من التحرر بإنهاء الإحتلال الإسرائيلي وممارسة حقه بتقرير المصير.
بلا شك قد تلاقي رسالة وزير خارجية لوكسمبورغ السيد جان اسيلبورن تحفظات تصل إلى المعارضة من دول تربطها بمصالح مع كل من إدارة ترامب والكيان الصهيوني مما تستدعي من الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والاسلامية وكافة الدول الصديقة استثمار رسالة لوكسمبورغ التي نقلت القضية الفلسطينية الى مركز القرار الاوربي بخطوة سياسية لها ما بعدها المبادرة لتكثيف اتصالاتها الثنائية مع جميع دول الإتحاد الأوروبي وتحفيزهم لاتخاذ قرار الإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس في الإجتماع القادم المزمع عقده في كانون الثاني لعام 2020.
القيادة الفلسطينية حريصة وفي كافة المراحل على الاستناد والدعم العربي الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضيته المركزية مما يتطلب الدعوة إلى تشكيل لجنة عربية على مستوى عال نواتها فلسطين والأردن والسعودية ومصر والمغرب تتولى مسؤولية :
● الدعوة لاجتماعات للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء الخارجية أو على مستوى المندوبين الدائمين وإصدار موقف داعم ومقدر لموقف لوكسمبورغ بدعوة الاتحاد الاوربي للإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة .
● تشكيل جبهة موسعة تتكون من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ودول عدم الإنحياز والتوافق على تشكيل وفود مشتركة للقاء قادة دول الاتحاد الاوربي وحثهم على الإعتراف بالدولة الفلسطينية تنفيذا للقرارات الدولية.
● تشكيل جبهة برلمانية عربية وإسلامية وعالمية تتولى دعوة برلمانات الدول الأوربية لحث حكوماتها على الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني باقامة دولته أسوة بباقي شعوب العالم.
● دحض الخطاب الإسرائيلي المتطرف القائل بان الدولة الفلسطينية تهديد لامن كيان الاحتلال وذلك عبر التاكيد على أن إنهاء الاحتلال الصهيوني وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة دولته المستقلة تعزيز للأمن والاستقرار في المنطقة.
انطلاقا من الحكمة “أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي ” فالاتحاد الأوربي مدعو للانتصار للشعب الفلسطيني الذي أصابه ما أصابه من ظلم واضطهاد وطرد وإحتلال ناجم عن مواقف دول أوربية واحتراماً لمنظومة حقوق الإنسان التي للإتحاد الأوروبي ريادة في تعزيزها.
هل ستكون رسالة لوكسمبورغ البداية…..؟ !