عروبة الإخباري – تحفل الأجندة الأممية، منذ العقد الستيني المنصرم، بأكثر من 1000 قرار لصالح القضية الفلسطينية، بينها 5 قرارات صدرت مؤخراً، لكن غالبيتها ما تزال قيد التنفيذ، بينما يمضي الاحتلال الإسرائيلي في مشاريعه الاستيطانية التهويدية، القاضمة للدولة الفلسطينية المنشودة.
وتتبنى أجهزة هيئة الأمم المتحدة؛ مثل الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” ومجلس الأمن حتى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، موقفاً ثابتاً من الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس، باعتبارها محتلة، والإقرار بعدم مشروعية ولا قانونية الاستيطان فيها.
وتقر كثير من النصوص الأممية بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حدود العام 1967 وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، مردفة بآليات ملزمة للتطبيق الفوري، والتي يجري التأكيد عليها دوريا، فيما أسهمت الجهود الأردنية والفلسطينية الحثيثة، بالتنسيق مع الدول العربية والصديقة، عبر الأجهزة الأممية المختلفة والمحافل الدولية المعتبرة، باستصدار قرارات وقوانين ملزمة، تصب في صالح الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة، بخاصة فيما يتعلق بالقدس المحتلة، عدا إحباط محاولات إسرائيلية وأميركية مضادة.
وتسعى الحكومة الإسرائيلية لاستثمار اصطفاف الإدارة الأميركية الحالية غير المسبوق إلى جانبها، لحسم مصير قضايا الوضع النهائي مسبقاً، أسوة بقرار ضم الأغوار لسيادة الاحتلال، لكن “الموقف الأردني الثابت والداعم للقضية والشعب الفلسطيني، يقف لها بالمرصاد دوماً، عبر التنسيق والتعاون مع القيادة الفلسطينية”، وفق الرئاسة الفلسطينية.
وقد برز التحرك الأردني الفلسطيني الصلب، مؤخراً، عبر تجديد اللجنة الخاصة بالسياسة وإنهاء الاستعمار “اللجنة الرابعة” في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالأغلبية الساحقة، لولاية وكالة الغوث الدولية “الأونروا” لـ3 اعوام مقبلة.
كما وقف التعاون الأردني والفلسطيني العربي المشترك، وراء صدور قرارات دولية مهمة ضد الاستيطان؛ بخاصة قرار مجلس الأمن الدولي 2334، الصادر في 23 كانون الأول (ديسمبر) 2016 بأغلبية 14 عضواً، مقابل امتناع الولايات المتحدة، حول وقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، ما شكل “صفعة قوية للسياسة الإسرائيلية”، وفق الرئاسة الفلسطينية.
وينضم هذا القرار الأممي لنحو 40 الى 60 قراراً مشابهاً صادراً منذ العام 1967 عن مختلف أجهزة الأمم المتحدة، بخاصة الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في تموز (يوليو) 2004، والذي ناهض أيضاً إقامة جدار الفصل العنصري، عدا القرار رقم 465 عام 1980 الذي ناقش قضية الاستيطان بتفصيل وتركيز معتبرين.
غير أن ضجة “الحفاوة” المصاحبة لصدور قرارات دولية متتابعة حول فلسطين، سرعان ما تنقشع، في ظل غياب آلية أممية إلزامية لتنفيذها فعلياً، وضيق الخيارات المتاحة أمام القيادة الفلسطينية، وتحلل الاحتلال من أسر أية ضغوط قد تجبره على تقديم تنازلات سياسية، إزاء الانحياز الأميركي المفتوح له.
الاحتلال؛ لم يلتفت يوماً إلى قرارات الشرعية الدولية التي اعتبرها (أول رئيس وزراء إسرائيلي) ديفيد بن غوريون “حبراً على ورق”، اذ ما يزال يمضي بنمط عدوانه الثابت ضد الفلسطينيين، ما أدى لارتفاع عدد المستوطنين إلى زهاء 680 ألفا في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، ضمن 185 مستوطنة و220 بؤرة استيطانية، ما يمنع إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.
ويزيد من ذلك؛ غياب ضغطي الالتزام بالقرارات الدولية، وفرض العقوبات على الطرف المخالف؛ عند صدورها بموجب الفصل السادس من ميثاق هيئة الأمم المتحدة، خلافاً للقرارات الإلزامية الصادرة طبقاً لمقتضيات الفصل السابع، وبالتالي لن تكتسب بعدا آخر.
لكن خبير القانون الدولي الدكتور أنيس قاسم، رأى في تصريح لـ “الغد”، أن “القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بمختلف أجهزتها، وتتجاوز الألف لصالح فلسطين، تشكل أرضية المشروعية للقضية الفلسطينية في المسرح الدولي”، مضيفا ان هذا “يؤكد باستمرار، عدالة القضية الفلسطينية، والأرضية التي تقف عليها، وهي أرضية صلبة ومتفق عليها لاعوام تجاوزت النصف قرن”.
بيد أن المشكلة الكبرى هنا، وفق قاسم، ترجع لـ “ضعف أداء القيادة الفلسطينية في حمل هذه القرارات الأممية المهمة والسعي لأجهزة الأمم المتحد لتطبيقها، لا سيما الجمعية العامة، اذ تتمتع فلسطين فيها بنفوذ كبير وأرضية تضامنية واسعة”.
ونوه إلى “قدرة القيادة الفلسطينية على وضع تلك القرارات، ضمن قنوات التنفيذ الأممية، إزاء وجود أدوات متاحة لدى الهيئة الدولية وأمام القيادة الفلسطينية لدفع الدول الأعضاء نحو اتخاذ قرارات تنفيذية بشأنها، كما حدث مع تجديد ولاية “الأونروا” لـ 3 أعوام، برغم التحرك الإسرائيلي والأميركي النشط المضاد”.
وقال، إن “الدول العربية في الأمم المتحدة، تدعم أي قرار تتقدم به القيادة الفلسطينية”، داعياً لـ “الاستفادة من دعم التكتل الإسلامي القوي، المتمثل في ماليزيا وتركيا وقطر وأندونيسيا وباكستان، والذي يعقد قمته الإسلامية الشهر الحالي، بوصفه يتألف من دول مؤثرة في المشهد الإقليمي والدولي، وتضم زهاء مليون مسلم”.
ورأى قاسم أن “القيادة الفلسطينية تخشى من أي تحرك، قد يزعج الجانب الإسرائيلي، وكأن المطلوب منها إرضاءه، ما يجعل الكثير من القرارات الدولية المهمة الصادرة في صالح فلسطين، بعيدة عن النفاذ”.
وبالرغم من تنكر الاحتلال لقرارات الشرعية الدولية وعدم التزامه بتنفيذها، لكن رفضه الشديد لأي قرار أممي يصب في صالح القضية الفلسطينية، ينم عن طبيعة الكيان الإسرائيلي العنصري، والذي لا يريد للفلسطينيين تحقيق أي انتصار، حتى لو كان معنوياً ودبلوماسياً رمزياً.
وبعيداً عن المساعي الإسرائيلية– الأميركية المضادة؛ اعتمدت الجمعية العامة في الثالث من الشهر الحالي 4 قرارات مؤيدة للفلسطينيين عبر التصويت بالأغلبية الساحقة ضد الاستيطان الإسرائيلي، وتأكيد الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف لهم.
كما أقرت المنظمة “عدم الاعتراف بمواقف الدول التي اعترفت “بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي” ونقل سفاراتها إليها، توازياً مع عدم الاعتراف “بأي تغييرات على حدود ما قبل العام 1967″، بما في ذلك القدس المحتلة.
ودعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين “السلطة الفلسطينية، للبناء على هذه القرارات المهمة، عبر فك ما تبقى من ارتباط مع الولايات المتحدة، وتنسيب دولة فلسطين للوكالات الدولية المختصة، ودعوة الأمم المتحدة لتفعيل قراراتها، عبر نقلها إلى الباب السابع، بخاصة القرار 2334”.
وحثت على “الدعوة لعقد مؤتمر دولي للقضية الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية، كأساس سياسي وقانوني ثابت، للفوز بالحقوق الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف، في العودة وتقرير المصير والاستقلال والسيادة”.