قرار التقسيم….يوم أسود… ولكن ؟ د فوزي علي السمهوري

لا يمكن لأي إنسان أن ينسى يومان اسودان في تاريخ الشعب العربي عامة والشعب الفلسطيني خاصةً.
اليوم الأسود الأول:
هو يوم الإعلان عن القرار الاستعماري البريطاني الفرنسي بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين والمتعارف عليه” بوعد بلفور” .
اليوم الثاني الأسود:
يمثل هذا اليوم يوم انتزاع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر في 29/11/1947 بسلخ واقتطاع 55% من مساحة فلسطين وإبقاء 45 % لأصحاب الارض والوطن التاريخي للشعب الفلسطيني ” قرار التقسيم ” ليمثل الترجمة الحقيقية العملية للمؤامرة الاستعمارية لتنفيذ ذلك الوعد البلفوري كناطق للقرار البريطاني الفرنسي “سايكس بيكو”.
ماذا يعني قرار التقسيم :
أولا : منح شرعية دولية لتهجير العصابات اليهودية من مختلف دول العالم للتخلص من شرورهم في تلك الدول ثم لنقل تلك العصابات الإجرامية الشريرة لإعمال جرائمها في فلسطين وشعبها.
ثانيا : ترسيخ بسط نفوذ الدول الاستعمارية على قرارات الأمم المتحدة وتوظيفها لخدمة أهدافها ومصالحها بعيدا عن أهداف الأمم المتحدة المعلنة بترسيخ الأمن والسلم الدوليين.
ثالثا : تأسيس لكيان سرطاني عدواني مصطنع قائم على الدين مما يشكل مخالفة لأسس الدولة قديمها وحديثها فالدولة لمواطنيها بالرغم من إختلاف ديانتهم .
رابعا : منح شرعية للعصابات الصهيونية برعاية بريطانية بارتكاب مجازر جماعية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح تمهيدا لطرد مئات الآلاف خارج مدنهم وقراهم.
خامسا : تأسيسا لانتزاع إعتراف الأمم المتحدة بشرعية الكيان الصهيوني الاستعماري الإحلالي على غالبية مساحة فلسطين عند الإعلان عن زرع ذلك الكيان الإرهابي” الذي تم الإعلان عنه في ايار 1948 ” .
ولكن الشعب الفلسطيني لم يستسلم أمام هذه المؤامرة الاستعمارية التي استهدفت ولم تزل تستهدف هويته ووطنه الممتدة على إمتداد قرن ونيف فانطلق بثورته بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح ” بالأول من كانون الثاني عام 1965 تلك الإنطلاقة التي تمكنت من نقل قضية الشعب الفلسطيني من قضية إنسانية إلى قضية سياسية وطنية فرضت نفسها على الساحة العالمية بدعم جماهيري ومن حركات التحرر العالمية ومن دول عدم الانحياز بمكوناتها ومن الدول الصديقة المناهضة للإستعمار وللعدوان.
اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني :
نتيجة لعدالة القضية الفلسطينية ولحق شعبها بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بالنضال بكافة الوسائل والاليات المشروعة والمكفولة بميثاق الامم المتحدة وبالشرعة الدولية من اجل تحرير وطنه وممارسة حقه بتقرير المصير واقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وكتعبير عن رفض الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة :
—- لادامة الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة خلافا للقرارات الدولية وعلى رأسها قرار الجمعية العامة رقم 181.
—- لعدم تمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة تنفيذا للقرار رقم 194.
—- نبذا للإحتلال و اعترافا بحق الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة أسوة بباقي شعوب العالم.
—- دعما وتأكيدا على قرار الأمم المتحدة بتصفية الإستعمار ورفضا للازدواجية المعمول بها من دول كبرى وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية بالقضايا الأساسية إتجاه القضية الفلسطينية وحقوقه المكفولة دوليا.
—- رفض إسرائيل ” التي تعتبر نفسها أنها أقوى وفوق القانون الدولي ” تنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بمؤسساتها الجمعية العامة ومجلس الأمن مما تعد مخالفة جسيمة لنظام الأمم المتحدة وفي مقدمتها قرار رقم 181 وقرار 194.
—- تذكيرا للدول المحبة للسلام والملتزمة بأحكام وأهداف ومبادئ الأمم المتحدة ” التي تمثل القاعدة العريضة الساحقة للجمعية العامة ” بضرورة الاضطلاع بمسؤولياتها بالعمل على فرض الالتزام بإحترام ميثاقها وتنفيذ قراراتها .
من أجل جميع ما تقدم جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في عام 1978 باعتماد التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني لكل عام وهو ذات اليوم الذي صدر به قرار التقسيم الظالم بحق الشعب الفلسطيني عام 1947 باعتباره يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني حتى إنجاز أهدافه الوطنية بإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة منذ عام 1948.
الازدواجية بالتنفيذ :
سؤال قديم جديد متجدد عن مغزى تنفيذ قرارات معينه وإهمال متابعة تنفيذ قرارات آخرى ؟
في الوقت الذي سارعت فيه الدول الاستعمارية بقيادة بريطانيا وفرنسا للعمل على :
—- تنفيذ الجزء الاول من قرار التقسيم 181 عبر دعم وتمكين العصابات الصهيونية من إقامة كيانها العنصري العدواني
—- انتزاع إعتراف بغالبية بسيطة من أعضاء الجمعية العامة بقبول ” اسرائيل ” المشروط بتنفيذ قرار رقم 273 كعضو عامل .
عمدت تلك القوى المتغطرسة الى تجاهل تنفيذ الشق الثاني من قرار 181 المتعلق بتمكين الشعب العربي الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على مساحة 45 % من مساحة فلسطين التاريخية.
ولم تكتف بريطانيا وفرنسا بذلك بل دعمت وتغاضت عن إحتلال واغتصاب العصابات الصهيونية الاجرامية بما يقارب الخمسين بالمئة من المساحة الجغرافية التي حددت لإقامة الدولة الفلسطينية.
ونتيجة للإنحياز الاعمى للدول الاستعمارية ” بدأ من بريطانيا وفرنسا وصولا لامريكا ” لصنيعتهم العدوانية المعنية بحماية نفوذهم ومصالحهم في الوطن العربي عملت على حماية الكيان الصهيوني سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا وعسكريا كما عملت على تمكينه الإفلات من أي شكل من أشكال العقوبات فعلية كانت أو أدبية أو معنوية بسبب إستخدام الفيتو تارة وعبر التلويح باستخدام العصا تارة أخرى.

المجتمع الدولي مطالب بترجمة تضامنه إلى إجراءات عملية ضاغطة على الكيان الاستعماري الصهيوني لإنهاء إحتلاله للأراضي الفلسطينية المحتلة إثر عدوان حزيران 1967 كخطوة على طريق تنفيذ الجزء الثاني من قرار الجمعية العامة رقم 181.
كما أن المجتمع الدولي يتمتع بقوة تصويتية كبيرة يمكن من خلالها تجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة تمهيدا لعزلها وطردها بشكل دائم طالما أن قادتها يرفضون تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ولطالما انتفى شرط أساس لقبول عضويتها. ..
هذا ما يعنيه التضامن فقد أثبتت العقود الأربعة التي مضت على تخصيص يوما عالميا للتضامن مع فلسطين أن المحصلة العملية صفرا :
— فلا زالت الأراضي الفلسطينية محتلة .
— ولا زالت الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال منها ما يرقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية متواصلة.
— كما أن تحديها للمجتمع الدولي بغطرسة وعنجهية تتصاعد إلى درجة الاستهتار والاستخفاف.
فليكن اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني باكورة للعمل الجمعي المشترك المتحلل من النفوذ والهيمنة الأمريكية والمؤهل للإنتقال إلى مربع القوة الفاعلة والندية ففي ذلك مصلحة مشتركة للجميع بل وحماية للجميع. ….؟ !
الشعب الفلسطيني يتطلع إلى الخروج من سواد أيام بلفور والتقسيم إلى يوم ابيض يظله علم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس مسلحا بحقه التاريخي والدولي والقانوني …
قرار التقسيم يوم أسود…ولكن إرادة الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي ستدحر الاحتلال…وستحرر فلسطين…..إن شاء الله ؟ !

شاهد أيضاً

جريمة مسرح موسكو وخطر الإرهاب* د. سالم الكتبي

عروبة الإخباري  – لم يغب الإرهاب عن قائمة التحديات التي تواجه العالم، حيث تتكاثر أجياله …